اشتعال الآمال في البورصات العالمية بفضل التحسن في المؤشرات الاقتصادية الأمريكية

اشتعال الآمال في البورصات العالمية بفضل التحسن في المؤشرات الاقتصادية الأمريكية

شهية المخاطرة لدى المستثمرين شهدت هذا الأسبوع تحسناً واسعاً، حيث إن مجموعة من المؤشرات المالية والاقتصادية الإيجابية، التي كان على رأسها البيانات الخاصة بالرواتب والوظائف في القطاعات غير الزراعية، شجعت الآمال بأن الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة ربما يكون في سبيله إلى الانتهاء.
ارتفعت الأسهم العالمية إلى أعلى مستوى لها لهذا العام، وارتفع النفط إلى ما فوق 70 دولاراً للبرميل، وتقلصت الفروق على العوائد بين سندات الخزانة الأمريكية وسندات الشركات إلى المستويات التي شوهدت آخر مرة في تشرين الأول (أكتوبر)، في حين أن العوائد على السندات الحكومية لامست أعلى مستوى لها منذ ستة أشهر. وظلت أسعار الفائدة على القروض بين البنوك عند مستوياتها القياسية المتدنية.
قال بول ديلز من كابيتال إيكونومِكس Capital Economics: "بصورة عامة تبدو الأوضاع في نطاق واسع من الأسواق المالية أنها تحسنت على نحو لا بأس به في الأسابيع الأخيرة. يبدو أن الأسواق المالية تعود الآن بالتدريج نحو أوضاع يمكن أن تكون قادرة على مساندة التعافي الاقتصادي حين يأخذ في التحرك في نهاية الأمر".
هذا السيناريو بدا أنه تلقى تعزيزاً قوياً يوم الجمعة حين أظهرت بيانات التوظيف الأمريكية لأيار (مايو) أن عدد العاملين انخفض بمقدار 345 ألف وظيفة، وهو أدنى انخفاض منذ ثمانية أشهر، ويقل بصورة لا يستهان بها عن الرقم المتوقع، الذي كان في حدود 520 ألف شخص، فضلاً عن ذلك، تم تعديل أرقام الأشهر الماضية إلى الأدنى.
يقول آيرا جيرزي، رئيس قسم استراتيجية أسعار الفائدة الأمريكية في مؤسسة أر بي سي كابيتال ماركِتس RBC Capital Markets: "تقرير الوظائف المذكور كان أفضل على نحو لا يستهان به من توقعات الجميع تقريباً، ما يؤكد الفكرة القائلة إن حدوث تحول في الاقتصاد يمكن أن يكون قريباً للغاية".
لكن هذا التقرير أثار القلق لدى بعض الاقتصاديين، على اعتبار أن معدلات البطالة قفزت من 8.9 في المائة إلى 9.4 في المائة، وهو أعلى مستوى لها منذ عام 1983.
يقول جون سيلفيا من بنك واكوفيا Wachovia: "ارتفاع معدلات البطالة أمر ينسجم مع تباطؤ النمو في الأجور، وينسجم بالتالي مع الضعف في الدخل الشخصي، وفي النهاية مع الإنفاق الاستهلاكي".
الأخبار حول عدد الوظائف كانت تتويجاً لأنباء إيجابية من الولايات المتحدة في قطاع التصنيع وقطاع الخدمات، والإنفاق على الإنشاءات ومبيعات المساكن.
ظهر مزيد من العلامات المشجعة من بلدان أخرى، حيث أظهرت البيانات أن قطاع الخدمات في بريطانيا شهد في أيار (مايو) توسعاً للمرة الأولى منذ أكثر من عام، وحقق قطاع التصنيع في الصين نمواً للشهر الثالث على التوالي، وارتفع الناتج القومي الإجمالي في أستراليا في الربع الأول من العام على نحو غير متوقع.
لكن كانت هناك بعض الأنباء المخيبة للآمال، وعلى الأخص في منطقة اليورو، حيث وصلت معدلات البطالة في نيسان (أبريل) إلى أعلى مستوى لها منذ عشر سنوات، وكانت البيانات حول قطاع التصنيع وقطاع الخدمات أدنى من حالات التحسن التي سُجِّلت في البلدان الأخرى.
البنك المركزي الأوربي أبقى أسعار الفائدة على حالها في الاجتماع الأسبوعي الذي يعقده لتقرير السياسة النقدية، ولم يعطِ أية مبادرات جديدة في السياسة لإنعاش النمو.
قال ماركو أنونزياتا، كبير الاقتصاديين لدى بنك يوني كريديت UniCredit: "من الواضح أن البنك المركزي الأوروبي جاهز للقبول بفكرة التعافي البطيء والمعتدل. ورغم أن التوقعات الخاصة بالتضخم هي أدنى بكثير من الرقم المستهدف خلال الأشهر الثمانية عشر المقبلة، والنمو لا يتوقع له أن يعود إلى المنطقة الموجبة إلا في الربع الثاني من العام المقبل، إلا أن البنك يعتبر أن من غير المناسب في المرحلة الحالية اتخاذ قرارات إضافية للتحفيز الاقتصادي".
كذلك فإن البنك المركزي البريطاني أبقى أسعار الفائدة على حالها، ولكن التركيز الذي لا شك فيه بالنسبة للجنيه الاسترليني كان بسبب المتاعب المتزايدة التي تحيط برئيس الوزراء البريطاني جوردون براون. خلال الأسبوع لامس الاسترليني أعلى مستوى له أمام الدولار منذ سبعة أشهر، ولكنه عاد فهبط وسط إشاعات (أنكرتها الحكومة بسرعة) مفادها أن براون على وشك تقديم استقالته. أقفل الاسترليني هذا الأسبوع بهبوط مقداره 1.2 في المائة أمام الدولار.
في أسواق العملات الأخرى، اندفع الدولار بعد ظهور البيانات المشجعة حول عدد الوظائف، وهو أمر يعتبر خروجاً على الاتجاه العام في الفترة الأخيرة في التداولات الخطرة، التي شهدت تراجع الدولار على خلفية البيانات القوية غير المتوقعة. ارتفع الدولار بنسبة 1 في المائة في مقابل اليورو، وبنسبة 0.8 في المائة في مقابل الدولار الأسترالي، الذي يكون في العادة مستفيداً كبيراً من شهية المخاطرة.
ولكن البيانات الإيجابية الأمريكية أثرت سلباً في السندات الحكومية، حيث إن السوق تحتسب بصورة متزايدة إمكانية التعافي الاقتصادي.
على مدى الأسبوع قفز العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات بمقدار 36 نقطة أساس، في حين أن العائد على السندات لأجل سنتين (التي هي أكثر حساسية للتوقعات الخاصة بأسعار الفائدة) قفز يوم الجمعة بمقدار 25 نقطة أساس. كذلك فإن منحنى العائد (حركة أسعار الفائدة) تحرك إلى أعلى بصورة حادة هذا الأسبوع، حيث وصل إلى رقم قياسي مقداره 281 نقطة أساس بين السندات لأجل سنتين والسندات لأجل عشر سنوات.
تعززت أسعار السلع على الآمال بأن التعافي الاقتصادي سينعش الطلب على النفط والمعادن. لفترة وجيزة يوم الجمعة ارتفع سعر النفط الخام في بورصة نايمكس في نيويورك إلى ما فوق 70 دولاراً للبرميل، مسجلاً بذلك زيادة على مدى الأسبوع مقدارها 3.4 في المائة، حيث تلقى دفعة إضافية من توقعات بنك جولدمان ساكس بارتفاع الأسعار. لكن الذهب أقفل دون تغير بعد أن لامس مستوى 990 دولاراً للأونصة.
تمتعت أسواق الأسهم بأسبوع إيجابي آخر. بحلول منتصف يوم الجمعة كان مؤشر ستاندارد آند بورز في سبيله إلى تسجيل زيادة أسبوعية مقدارها 2.8 في المائة، حيث إن المستثمرين تجاهلوا بصورة كبيرة الأنباء حول تقديم "جنرال موتورز" طلباً إلى المحكمة لحمياتها من الدائنين في مطلع الأسبوع. ارتفع مؤشر فاينانشال تايمز يوروفيرست 300 لعموم أوروبا بنسبة 1.2 في المائة، وارتفع مؤشر نيكاي 225 في طوكيو بنسبة 2.5 في المائة.
المؤشر القياسي لأسهم البلدان ذات الأسواق الناشئة ارتفع تقريباً بنسبة 1.8 في المائة على مدى الأسبوع، في حين أن العملات الأوروبية الشرقية تضررت بفعل إخفاق المزاد على السندات الحكومية، بسبب المخاوف من تخفيض قيمة العملة في لاتفيا.

الأكثر قراءة