توقعات بتحسن الاقتصاد السعودي في الفترة المتبقية من العام بفضل تدفق الإنفاق الحكومي

توقعات بتحسن الاقتصاد السعودي في الفترة المتبقية من العام بفضل تدفق الإنفاق الحكومي
توقعات بتحسن الاقتصاد السعودي في الفترة المتبقية من العام بفضل تدفق الإنفاق الحكومي
توقعات بتحسن الاقتصاد السعودي في الفترة المتبقية من العام بفضل تدفق الإنفاق الحكومي

أفاد تقرير أصدرته "جدوى للاستثمار" أمس أن الأدلة المتوافرة توضح بجلاء أن الاقتصاد السعودي قد انكمش حتى الآن جراء الخفض الكبير في حجم إنتاج النفط (تراجع متوسط الإنتاج اليومي من 9.2 مليون برميل العام الماضي إلى 8 ملايين برميل حالياً)، ولكن الأمر الأقل وضوحاً هو كيف كان أداء الاقتصاد غير النفطي.

ولا توفر البيانات المتاحة صورة واضحة عما إذا كان الاقتصاد غير النفطي ينمو أم ينكمش، لذا نرجح أن هذا الاقتصاد ظل راكداً حتى المرحلة الحالية من هذا العام. وعلى الرغم من أن أحدث البيانات عن شهر نيسان (أبريل) لا تشير إلى حدوث انتعاش في النشاط الاقتصادي، إلا أننا نتوقع تحسناً خلال الفترة المتبقية من العام بفضل تأثيرات تدفق الإنفاق الحكومي الضخم في شرايين الاقتصاد.

ومع ذلك، فقد خفضنا تقديراتنا بشأن نمو القطاع غير النفطي ونتوقع انكماش الاقتصاد ككل هذا العام حسب القيمة الفعلية.

#2#

البيانات الصادرة حول أداء القطاع غير النفطي غير مكتملة حتى الآن كما أن المتوافر منها يبدو غير متناغم في بعض الأحيان، لكننا نشعر أن هناك معلومات كافية رغم ذلك وسنخلص إلى نتائجنا بناء على تحليل البيانات التالية:

- هبط صافي الموجودات الأجنبية لدى "ساما" بنحو 11.4 مليار دولار في نيسان (أبريل)، ويرجع ذلك في اعتقادنا إلى لجوء الحكومة إلى السحب من احتياطيها الأجنبي الذي تراجع بنحو 43.8 مليار دولار منذ نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) بغية تمويل الإنفاق.

ومع تأكيد "ساما" أنها لا تبيع من موجوداتها، إلا أننا نرجح أنها تحوِّل الأموال التي تحصل عليها من الديون الحكومية الأجنبية المستحقة إلى ريالات لتلبية متطلبات الإنفاق المحلي (بدلاً عن إعادة استثمار تلك الأموال في ديون حكومية جديدة) إضافة إلى السحب من ودائعها في البنوك الأجنبية والتي انخفضت في آذار (مارس) ونيسان (أبريل) مجتمعين بنحو 18.9 مليار دولار.
 
- ارتفعت مبيعات الأسمنت بواقع 14 في المائة للأشهر الأربعة الأولى من عام 2009 مقارنة بمستواها قبل عام.

ورغم انخفاض الأسعار خلال تلك الفترة إلا أن الزيادة في مبيعات الأسمنت تشير إلى حدوث انتعاش في نشاط الإنشاءات؛ مع الأخذ في الحسبان أن البرودة النسبية للطقس في الأشهر الأولى من العام تعد أكثر ملائمة لصب الخرسانة. وقد جاء نمو المبيعات متناغماً لحد كبير هذا العام وسجل كذلك نسبة 14 في المائة على أساس سنوي لشهر نيسان (أبريل) وحده.

وانخفضت الواردات خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام بنسبة 12 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي وانخفضت بنسبة 20 في المائة مقارنة بالفصل الأخير من عام 2008. كذلك انخفضت قيمة خطابات الاعتماد التي فتحها القطاع الخاص لدى البنوك التجارية لتمويل الواردات، والتي تعطي مؤشراً عن اتجاه حركة الواردات مستقبلاً، بنسبة 32 في المائة خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وإن كانت قيمة الخطابات الخاصة بواردات مواد البناء والسيارات كلاهما قد سجلت أعلى مستوياتها منذ أيلول (سبتمبر).

وفي كلتا الحالتين تعد الأرقام مشوهة بسبب التغيرات في الأسعار العالمية (وخاصة بالنسبة للسلع والمواد الخام) وبسبب تذبذبات أسعار الصرف، وهي تشوهات يمكن التخلص منها بالنظر إلى حجم الواردات التي وصلت إلى موانئ المملكة.

فقد انخفضت الواردات الكلية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام بنسبة 26 في المائة، بينما انخفضت واردات السلع الاستهلاكية بنسبة 19 في المائة وواردات مواد البناء بنسبة 32 في المائة مقارنة بالفصل الأول من العام الماضي.

وسجلت الصادرات عبر موانئ المملكة خلال الفصل الأول من العام من حيث الحجم ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي وذلك لسبب وحيد هو ارتفاع حجم صادرات البتروكيماويات بنسبة 30 في المائة والذي قابله تراجع في حجم صادرات جميع السلع الأخرى.

أما من حيث القيمة، فتشير بيانات الأشهر الثلاثة الأولى من العام إلى انخفاض الصادرات غير النفطية بنسبة 20 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2008 وإلى انخفاض بنسبة 10 في المائة في المتوسط مقارنة بالفصل الأخير من عام 2008.

#3#

وهبط الإقراض المصرفي إلى القطاع الخاص بنسبة 0.1 في المائة في نيسان (أبريل) بينما سجل أدنى مستوى له منذ آب (أغسطس) من حيث القيمة الفعلية.

وقد تراجع في أربعة من الأشهر الخمسة الماضية. لكن من الإشارات الإيجابية للبيانات هو ارتفاع الإقراض طويل الأجل خلال الشهرين الأخيرين في أعقاب تسجيله انخفاضاً طيلة الأشهر الخمسة السابقة، ما يدل على أن البنوك أصبحت أكثر ارتياحاً في تقديم القروض.

وتعد بيانات أجهزة نقاط البيع أكثر الوسائل المتاحة قرباً في تقييم مبيعات التجزئة. وبناء على تلك البيانات نجد أن نمو قيمة مبيعات نقاط البيع سجل تباطؤاً واضحاً، حيث بلغ متوسط النمو 14 في المائة على أساس سنوي للأشهر الأربعة الأولى من هذا العام مقارنة بنسبة 37 في المائة في المتوسط للفترة نفسها من عام 2008 ونسبة 21 في المائة للفصل الأخير من العام الماضي.

من الراجح أن تلك الأرقام تنطوي على بعض المبالغة في القيم الحقيقية لمبيعات التجزئة حيث إن العدد المتزايد لأجهزة نقاط البيع (ارتفعت بمتوسط شهري بلغ 565 خلال الأشهر الستة الماضية) اجتذب المبيعات التي كانت تدفع في السابق نقداً.

وانخفضت قيمة الشيكات التجارية والشخصية التي تمت تسويتها بواسطة البنوك المحلية خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2009 بنسبة 8 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وجاء المتوسط الشهري للفترة من كانون الثاني (يناير) إلى نيسان (أبريل) أقل بنسبة 4 في المائة عن المتوسط للفصل الأخير من عام 2008.

هناك العديد من الإشارات الإيجابية لتلك البيانات لكن كان هناك القدر نفسه من الإشارات السلبية في المقابل. وعموماً تدعم هذه البيانات فرضيتنا بأن الحكومة السعودية مستمرة في برنامجها الإنفاقي الطموح والذي سيفيد بصورة واضحة مقاولي القطاع الخاص.

لكن رغم ذلك، يبدو إنفاق المستهلكين ضعيفاً كما يبدو أن القطاع الخاص قد تأثر جراء الحذر الذي تبديه البنوك التجارية إزاء الإقراض.

وربما تتأثر البيانات (الواردات على سبيل المثال) من التأرجح في المخزونات حيث يتم السحب من المخزونات التي تم تكوينها بصورة عاجلة خلال الفصل الأخير من العام المقبل وأوائل عام 2009 عندما شرع الاقتصاد في التباطؤ، رغم استحالة تحديد ذلك من البيانات المتوافرة.

ومن الجدير بالملاحظة أن الأداء يبدو أسوأ ليس فقط على أساس سنوي بل كذلك عند مقارنته بالأداء في الفصل الرابع من العام الماضي الذي تأثر بعطلتي عيد الفطر وعيد الأضحى.

ورغم ضعف بيانات نيسان (أبريل) نعتقد أن تحسناً قد طرأ في شهر أيار (مايو) بسبب ارتفاع أسعار الأسهم والنفط الأمر الذي أدى إلى بث المزيد من الثقة بالاقتصاد ونعتقد أن الأوضاع ستتحسن خلال الفترة المتبقية من العام.

ومع ذلك، فقد خفضنا تقديراتنا بشأن نمو الناتج المحلي الفعلي للقطاع الخاص غير النفطي من 4.1 في المائة إلى 2.5 في المائة.

ومع بقاء تقديراتنا بشأن نمو الناتج المحلي لقطاع النفط والقطاع العام دون تغيير، فإننا الآن نتوقع انكماش الاقتصاد السعودي بنسبة 0.5 في المائة هذا العام حسب القيمة الفعلية.

الأكثر قراءة