التأمين الصحي .. هل هناك فرق بين صاحب العمل والكفيل؟

لا يختلف اثنان على أن الهدف أو الغاية من نظام الضمان الصحي التعاوني هو توفير الرعاية الطبية اللائقة للمقيمين على أرض المملكة إقامة نظامية وفقاً للشروط التي نص عليها هذا النظام. وأول سؤال يتبادر إلى الذهن هو من الذي يتحمل الكلفة المالية لإبرام وثيقة تأمين صحي وفق متطلبات هذا النظام؟ ولعلي في البداية أناقش فرضية قائمة ألا وهي مدى نظامية قيام العامل بالتأمين على نفسه مباشرة ومن ماله الخاص؟ أي أن يُلزم صاحب العمل العامل لديه بالتأمين على نفسه أو على أسرته من مال العامل الخاص أو يستقطع ذلك من أجرته.
والإجابة عن هذا التساؤل من وجهة نظري باتة وحاسمة وهي عدم نظامية هذا الإجراء، حيث إن المُلزم بالتأمين نظاماً هو صاحب العمل، ولا يجوز لهذا الأخير نقل هذا الالتزام النظامي إلى عاتق العامل.
فالتأمين الصحي يُعد من قبيل المنافع التي يحصل عليها العامل بمجرد ارتباطه بكفالة صاحب العمل، ولا يجوز له أن يتنازل عنها لأنها منافع نص عليها النظام واشترط لإصدار الإقامة قيام صاحب العمل بها. كما أنه من غير المتصور أن يتبرع العامل بها نيابة عن صاحب العمل وإلا عد ذلك استغلالاً لحاجة العامل للحصول على الإقامة أو تجديدها.
وإذا وصلنا إلى هذه النتيجة المهمة، التي تقضي بأن صاحب العمل هو الملتزم بالتأمين على عماله فإن هناك تساؤلا قانونيا مهما وهو من المقصود بصاحب العمل؟ هل المقصود به الكفيل أم المقصود به كلُّ من يشغل عاملاً لديه حتى وإن لم يكن هو الكفيل؟ ولمعرفة هذا الأمر يلزم الرجوع إلى نظام العمل السعودي حيث نجد أنه ينص في مادته الأولى على أن المقصود بصاحب العمل ( كل شخص طبيعي أو اعتباري يشغّل عاملاً أو أكثر مقابل أجر).
وهذا يعني أن مصطلح (صاحب العمل) يمكن أن يشمل الكفيل وغير الكفيل وفقاً لتعريف المادة أعلاه، أي طالما أنه يوجد بين العامل وشخص آخر اتفاق على أن يقوم العامل بالعمل لديه مقابل أجر وطالما أنه يؤدي هذا العمل فعلاً ويتلقى التوجيهات في هذا الشأن، فيكون الذي يعمل عنده العامل قد اكتسب صفة صاحب العمل. مع ملاحظة أن تكون العلاقة بين صاحب العمل والعامل علاقة عمل نظامية، حيث لا يجوز أن تكون هذه العلاقة محل اعتبار طالما أن صاحب العمل قام بتشغيل العامل بشكل غير نظامي.
وإذا كان نظام العمل تجنب لسبب أو لآخر ذكر الكفيل كمسمى قانوني واستعاض عنه بمسمى صاحب العمل وما ترتب على ذلك من نتائج قانونية معينة ليس مجالها هنا، إلا انه يُلاحظ أن نظام الضمان الصحي التعاوني ألزم الكفيل فقط بإبرام وثيقة التأمين الصحي لمصلحة مكفوله، فقد نص في المادة الثالثة منه على أنه: (.. يلتزم كل من يكفل مقيما بأن يشترك لصالحه في الضمان الصحي التعاوني. ولا يجوز منح رخصة الإقامة، أو تجديدها إلا بعد الحصول على وثيقة الضمان الصحي التعاوني..).
إن الالتزام بالتأمين وفقاً لنظام الضمان الصحي التعاوني هو على عاتق الكفيل ولا يجوز بالتالي نقله إلى صاحب العمل غير الكفيل وفقاً لمفهوم نظام العمل، مع ملاحظة أن نظام الضمان الصحي خلط في أكثر من موضع بين مسمى الكفيل ومسمى صاحب العمل، ولكن الإلزام جاء في المادة الثالثة تحديداً على الكفيل، ويفهم فيما بعد من سياق بقية المواد أن المقصود بصاحب العمل وفقاً لنظام الضمان الصحي الكفيل. ولذلك فحينما نقول إن صاحب العمل هو الذي يلتزم بالتأمين فإننا نقصد بذلك الكفيل تحديداً.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي