تشريعات لدعم موظفي القطاع الخاص لا فرض السعودة على رب العمل
لعلي أبدأ مقالي بما أنهيت به مقالي السابق من أن على وزارة العمل كما تعمل جاهدة من أجل أن تثبت إلى التاجر أن الموظف السعودي أقل تكلفة من العامل غير السعودي، فعليها أيضا أن تثبت للموظف السعودي أن مميزات القطاع الخاص أفضل من مميزات العمل الحكومي. إجبار السعوديين المؤهلين على العمل في القطاع الخاص قد لا يؤتي ثماره المرجوة وبالسرعة المطلوبة دون أن يقتنع السعوديون المؤهلون بأن مميزات القطاع الخاص مساوية إن لم تكن أعلى من مميزات القطاع الحكومي. فسعودة القطاع تبدأ بتأسيس موارد بشرية سعودية مؤثرة في صناعة القرار في القطاع الخاص وخصوصا أنه قطاع لم ينضج بعد.
المشكلة أن سعودة الوظائف بدأت بالوظائف غير المؤثرة في صناعة قرار القطاع الخاص (الأمن والحراسات والمراسلون وغيرها) لكن الوظائف القيادية لم تزل فاكهة غير شهية للسعوديين المتميزين. لذا فإن الحاجة إلى تبني تشريعات حقيقية من أجل دعم تحقيق الاستراتجية للدولة للخطة الخمسية الثامنة تنطلق من الموطن لا رب العمل.
أجد أن وزارة العمل والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بالتعاون مع صندوق الموارد البشرية يمكنهم القيام بدور حماية للموظفين ولو مؤقتا إلى حين أن يصل القطاع الخاص إلى مرحلة النضوج. فموظفو القطاع الخاص لا توجد لهم حماية حقيقية عن عملهم في القطاع الخاص، كما أن القطاع الخاص لا توجد فيه تشريعات أو سياسات موازية تدعم العمل الخاص كوجود سقف أدنى للرواتب أو أعطى العاطلين عن العمل رواتب أو غيرها من المحفزات العملية كما لدى بعض دول الخليج ولدى عديد من الدول الصناعية.
تشريعات القطاع الخاص يجب أن تنطلق من وضع رؤية متكاملة ينظر إليها من ناحية سياسات تنظر إلى تأثير تبني سياسات تدعم وجود سقف أدني للرواتب مع السياسات التي تحدد مخصصات للعاطلين عن العمل والسياسات التي تدعم زيادة للمميزات التقاعدية وغيرها من السياسات نظرة متكاملة تضمن حماية حقيقية لموظفي القطاع الخاص من الناحية الاجتماعية والتي عادة ما تكون السبب الرئيس لعدم جدية السعوديين للعمل في القطاع الخاص. تبني مثل هذه السياسات يتطلب تنسيقا بين المؤسسات الحكومية من جهة ومجلس الاقتصاد الأعلى من جهة أخرى.
السعوديون يعملون في القطاع الخاص مؤقتا لحين التعيين الحكومي بسبب ضعف الأمان الوظيفي مما يفقد أرباب العمل ثقتهم بالعاملين السعوديين من جهة. ومن جهة ثانية استمرار القطاع الخاص في نبذ السعوديين، فالنسبة التي ذكرها محافظ المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني الدكتور علي الغفيص من أن 84 في المائة من العمالة يحملون الثانوية العامة فما دون تدل على أن مشكلة ما ينقص السعوديين للعمل في القطاع الخاص ليس قلة التأهيل وإنما انعدام الثقة بين التاجر وطالب العمل. وهذه النسبة المخيفة التي ذكرها محافظ المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني تدعم ما صرح به وزير العمل حين قال إننا نحاول توظيف من لا يريد الوظيفة عند من لا يريد توظيفه لكن معاليه لم يوضح كيف نحقق المعادلة الصحيحة بين التاجر وطالب العمل.
نحن أمام تحد كبير في نجاح تجربة القطاع الخاص وتشجيع الشباب المقبل على العمل خصوصا من قبل الأعداد الكبيرة من الشباب الذين هم على وشك إنهاء بعثاتهم الدراسية في الخارج، فهم في حاجة إلى ترغيب في العمل في القطاع الخاص ووضع مميزات تدعم تشجيع الدولة على العمل في القطاع الخاص. ولعل مبتعثي مشروع خادم الحرمين الشريفين يكونوا اللبنة الصلبة لقطاع خاص متماسك.
المستفيدون من صندوق تنمية الموارد البشرية هم الأقل تأثيرا في سوق القطاع الخاص. وما يحتاج إليه القطاع الخاص في هذه المرحلة من دعم وترغيب المؤهلين السعوديين للعمل في القطاع الخاص وفرض كل ما من شأنه لتحقيق المعادلة الصحيحة بين طالب العمل ورب العمل.