رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


العصا والجزرة في نظام الشركات الجديد

ما ينشر الآن في الصحف عن ملامح نظام الشركات الجديد يسلط الضوء أولاً على العصي التي سيستخدمها النظام الجديد في معاقبة مخالفيه. ولعل أهمها وأقواها هو "السجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة مالية لا تزيد على خمسة ملايين ريال أو بإحدى العقوبتين لكل مدير أو مسؤول أو عضو مجلس إدارة سجل بيانات كاذبة أو مضللة في القوائم المالية، أو استعمل أموال الشركة فيما يضر مصالحها لتحقيق أغراض شخصية أو لمحاباة شركة أو شخص أو الانتفاع من مشروع أو صفقة له فيها مصلحة مباشرة أو غير مباشرة." وجاءت هذه الصرامة والقوة في ضرب المخالفين نتيجة ما تشهده ملفات وزارة التجارة من شكاوى حول البيانات الكاذبة والمضللة في كثير من الشركات الخاصة والعامة سواء كانت مساهمة عامة أو مقفلة، محدودة أو تضامنية. بل إن هناك كثيرا من الشركات التي تجاوزت مجالس الإدارات والإدارات التنفيذية فيها كثيرا من أنظمة الشركات بما فيها استعمال أموال الشركة (أو استخدام المنصب في الشركة) لتحقيق أغراض شخصية، والانتفاع من أصول الشركة لتحقيق مآرب شخصية تصل حد بيع أصول الشركة أو شرائها لمنافع شخصية بحتة.
وهناك العديد من الشركات التي تؤخر وتؤجل الدعوة إلى جمعيات عمومية من أجل إصلاح أو تحسين أو حتى اكتمال أركان التمويه في القوائم المالية حتى لو تطلب ذلك التأجيل أكثر من سنة أو حتى سنتين. وهو أمر يجب أن يعالجه النظام الجديد حيث يشدد على عقد الجمعية العمومية للشركات المساهمة – مدرجة أو غير مدرجة – وكذلك الشركات ذات المسؤولية المحدودة بشكل منتظم ودوري ، وألا يترك حسب رغبات مجلس الإدارة. وأقترح أن يكون لمجلس الرقابة الحق في وضع جدول الأعمال المعروض على الجمعية العمومية وتحديد انعقادها حتى لا يترك ذلك لقرار مجلس الإدارة وحده.
وإذا كانت العصي غليظة، فإن الضرب بها وتنفيذ أحكام النظام هما الأهم في نظري فوجود محاكم تجارية أصبح ضرورة ملحة، حيث يكون لها القدرة على تفسير الأنظمة وتطبيقها على المتخاصمين، حيث إن تنفيذ نظام الشركات والتقاضي تجاه محاكم الاختصاص غير واضح حيث تستغل بعض أنظمة الشركات وتفسيرها حسب هوى المدعي الذي قد يختار ديوان المظالم أو المحكمة العامة حسب تقديره لإنجاح قضيته لذا فإن تفسير وتطبيق أنظمة وأحكام الشركات الجديد يجب أن ينص على الجهات القضائية المخولة بتنفيذه.
ومن العصا إلى الجزرة التي اتضحت من سهولة متطلبات إنشاء الشركات بأنواعها المختلفة، حيث إن تأسيس شركة مساهمة بما في ذلك التي تؤسسها أو تشترك فيها الدولة أصبح يصدر بقرار من وزير التجارة. وتبنى النظام الجديد مبدأ شركة الشخص الواحد، حيث يجوز للشخص الواحد ذي الصفة الاعتبارية أن يؤسس شركة ذات مسؤولية محدودة فيما يستطيع الشخص الذي لا يقل رأسماله عن خمسة ملايين ريال تأسيس شركة مساهمة. وهذا الأخير يعطي سهولة للبنوك والشركات الاستثمارية – على وجه الخصوص – في تأسيس شركات دون الحاجة إلى إدخال شركاء وهميين من أجل إكمال إجراءات التأسيس، فقد درجت العادة أن تنشئ الشركات الاستثمارية شركات تدخل فيها بعض موظفيها التنفيذيين لتكوين شركة لتحقيق أهداف معينة. ولا أدري إذا كان المقصود بذلك الشركات التي تؤسس لأغراض خاصة Special Purpose Vehicle أم لا. وأرى إذا لم يكن ذلك هو المقصود أن يشمل النظام الجديد أنظمة لإنشاء هذا النوع من الشركات لأهميته للشركات الاستثمارية، وكذلك للشركات العائلية، حيث إن كثيرا من الشركات العائلية تمر بمرحلة تحول كبير قد تحتاج من الشركاء الأفراد إلى تبني الشركات ذات المسؤولية المحدودة لتشمل الشخص الفرد وعائلته لتمثيل أفضل في الشركات العائلية.
وفي اعتقادي أنه حان الآن نشر مسودة النظام بكامله ودعوة المختصين لمناقشته قبل إقراره بشكل نهائي فقد تأخر صدوره سنوات، وأرى أن تأخيره قليلا من أجل مراجعة شاملة من المختصين والمراقبين أمر في غاية الأهمية لإخراجه حتى تكتمل الصورة النهائية للنظام.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي