الباعة الجائلون والمساجد
هناك أمور لا يمكن تصور وجودها في المسجد وممارستها من قبل الناس، وذلك لنهي الشارع عن وجودها في بيوت الله، ولعل من أبرزها البيع والشراء داخل المسجد لنهي الشارع عن ذلك، لأن المسجد هو مكان العبادة وليس للبيع والشراء وهو سوق الآخرة فلا ينبغي أن تعقد فيه صفقات سوق الدنيا، ومن هنا فلا يجوز البيع والشراء في المسجد سواء كانت السلعة موجودة في المسجد أم لا، فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الشراء والبيع في المسجد وأن تنشد فيه ضالة وأن ينشد فيه شعر)، بل أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من رأى من يبيع أو يشتري في المسجد أن يدعو عليه بالخسارة، فعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا لا أربح الله تجارتك وإذا رأيتم من ينشد فيه ضالة فقولوا لا ردها الله عليك). ومن هنا فإن التنبه لهذا أمر مطلوب ولا بد أن يحرص الناس على القيام بما يأمر به الله ـ سبحانه وتعالى ـ واتباع أوامره، خصوصا في الأمور المنهي عنها كالبيع والشراء، وللأسف الشديد أنه وإن لم يحدث البيع والشراء في المسجد فإنه يحدث من بعض الناس البيع أثناء الصلاة وأمام المساجد، خصوصا بعض الباعة الجائلين الذين يوجدون عند المساجد وبعضهم يبيع وقت الاستعداد للصلاة، خصوصا في صلاة الجمعة، حيث يوجدون بكثافة أمام المساجد، ومعلوم أن هناك نهيا عن البيع إذا نودي لصلاة الجمعة يقول الله ـ سبحانه وتعالى ـ (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون، فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون، وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو والتجارة والله خير الرازقين) سورة الجمعة. من هنا يجب على بعض هؤلاء الباعة الجائلين التوقف عن هذا الفعل في يوم فضيل هو يوم الجمعة ابتغاء للأجر والمثوبة للآخرة قبل الدنيا الزائلة، كما أتمنى أن تحظى المساجد بمتابعة من فروع البلدية في كل منطقة أو مدينة حتى يتم القضاء على من يقوم بهذا الفعل المخالف للشرع، الذي ينم عن عدم حرص على أداء الصلاة من قبل هؤلاء الباعة الذين أساءوا الفعل، نسأل الله لهم الهداية والعودة إلى رشدهم.