علامات التحسن في البورصات تتعرض للتشوه بفعل المخاوف من السندات

علامات التحسن في البورصات تتعرض للتشوه بفعل المخاوف من السندات

واجهت الأسواق المالية وقتاً عصيباً هذا الأسبوع في الوقت الذي تتعرض فيه العلامات المستمرة على التحسن في الأوضاع المالية والاقتصادية إلى التشوه بفعل المخاوف المتزايدة من الآثار المترتبة على المستويات الشاهقة من السندات الحكومية.
بالنسبة لكثير من المراقبين كان الحدث الرئيسي في هذا الأسبوع هو التحذير الذي أطلقته وكالة ستاندارد آند بورز بأن بريطانيا يمكن أن تخسر تقييمها الائتماني الممتاز، ما زاد من إمكانية ارتفاع تكاليف الاقتراض بالنسبة للحكومة البريطانية. الأمر المثير للمفارقة هو أنه رغم اهتزاز الاسترليني وسندات الخزانة البريطانية، فإن الدولار وسندات الخزانة الأمريكية هما اللذان تعرضا لأكبر قدر من الضغط، على اعتبار أن المستثمرين يتوقعون أن من الممكن أن تلقي الولايات المتحدة المصير نفسه.
أشار المحللون إلى أن بريطانيا تواجه عجزاً مماثلاً في الميزانية، وتواجه الاحتمال بأن مستويات الدين الحكومي (عند قياسها كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي) يمكن أن تصل إلى مستوى إسبانيا وإيرلندا، اللتين خسرتا من قبل تقييمهما الائتماني الممتاز مع وكالة ستاندارد آند بورز هذا العام.

كذلك لم يكن من المستبعد أن يتم خفض المرتبة الائتمانية للولايات المتحدة كذلك، أو على الأقل أن توضع قيد الملاحظة مع احتمال التخفيض، كما قال جوليان جيسوب من مؤسسة كابيتال إيكونومِكس. وقال: "حتى قبل الانفجار الأخير في عجز الميزانية، أعرب كثير من المحللين عن تزايد المخاوف من الآثار طويلة الأجل على المالية العامة بفعل ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية والتأمينات الاجتماعية".
ولكن ديفد روزنبيرج، كبير الاقتصاديين والمحللين الاستراتيجيين لدى مؤسسة جلاسكين شيف Gluskin Sheff، قال إن من السابق لأوانه إجراء تخفيض في المرتبة الائتمانية للولايات المتحدة، رغم أن من غير الممكن استبعاده تماماً خلال السنوات المقبلة.
وقال: "رغم أن العجز الحالي هو من الحجم الفائق (حيث يبلغ 13 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي)، إلا أن هناك مجالاً كافياً في نسبة الدين على نحو يجعل من المرجح أن تعاني الولايات المتحدة لثلاث سنوات أخرى من هذا النوع من السياسة المالية العامة قبل أن يُنظَر إليها على أنها مرشحة لتخفيض مرتبتها الائتمانية".
من جانب آخر، يجادل جيسوب بأن التخفيض في المرتبة الائتمانية ربما لا يكون ضاراً على النحو الذي يخشى منه الناس. وقال: "ربما يفضل المستثمرون في الواقع اقتناء الموجودات التي تعد مأمونة عند تقييم ائتماني أدنى على اقتناء الموجودات التي تكون معرضة لتخفيض تقييمها بدرجة واحدة".

وباستثناء رد الفعل الغريزي في أسواق السندات الحكومية على إمكانية تخفيض المرتبة الائتمانية للسندات السيادية، ظل المستثمرون يشعرون بالقلق العميق حول فيضان العرض لتمويل الاستجابة في المالية العامة نحو الركود الاقتصادي. أعلن البنك المركزي الأمريكي أنه سيبيع أوراقاً جديدة بقيمة 101 مليار دولار في الأسبوع المقبل، وهو رقم يفوق ما كان متوقعاً، في أعقاب التراجع الذي شهدته السوق خلال الأسبوعين السابقين.
عانت سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات أكبر خسارة أسبوعية لها منذ كانون الثاني (يناير)، حيث ارتفع العائد على هذه السندات بنسبة ثلاث نقاط أساس ليصل إلى 3.45 في المائة، وهي أعلى نسبة من العوائد منذ تشرين الثاني (نوفمبر).
كذلك تعرضت للخسارة سندات الخزانة البريطانية على مدى الأسبوع، ولكن الخسائر الحادة بعد إعلان وكالة ستاندارد آند بورز تراجعت بعد الاستقبال الحسن الذي لقيه المزاد على الأوراق المالية لأجل خمس سنوات. انتهى العائد على السندات لأجل عشر سنوات عند 3.72 في المائة، أي بزيادة مقدارها 18 نقطة أساس، في حين أنه في أوروبا ارتفع العائد على سندات الخزانة الألمانية بمقدار 17 نقطة أساس ليصل إلى 3.53 في المائة.

إلا أن بنك جولدمان ساكس قال إن استدامة الارتفاع في عوائد السندات أمر غير مرجح في الأجل القريب.

وقال المحلل أندرس نيلسون: "الارتفاع الكبير في الإصدارات الجديدة للسندات يرجح له أن يقابَل بارتفاع الطلب، وذلك بالنظر إلى الزيادة التي نتوقعها في معدلات المدخرات، وبالنظر إلى المستوى المتدني الحالي من مقتنيات القطاع الخاص من السندات الحكومية، والنمط التاريخي الذي يتسم بزيادة في هذه المقتنيات أثناء فترات الركود الاقتصادي".
التركيز هذا الأسبوع في أسواق العملات كان مثبتاً بصورة متينة على تراجع الدولار إلى أدنى مستوياته خلال عام 2009، على اعتبار أن عدم وجود صدمات آتية من التقارير الاقتصادية لهذا الأسبوع كان من شأنه إضعاف مكانة الدولار كملاذ آمن.
قالت لوكا كازولاني، وهي محللة استراتيجية للدخل الثابت لدى بنك يو بي إس: "أصبح بيع الدولار الهدف الرئيسي في أسواق العملات الأجنبية، بالنظر إلى ارتفاع شهية المخاطر والخوف على التقييم الائتماني الممتاز للولايات المتحدة". "يتطلع المستثمرون إلى مبرر يدفعهم للاستمرار في السير في هذا الطريق، ويفترض أن يحصلوا عليه من جميع المؤشرات التي تجادل بقوة ضد الاندفاع في الابتعاد عن المخاطر".
على رأس هذه المؤشرات كان هناك الهبوط في مؤشر فيكس للتقلب إلى مستويات لم يشهدها منذ انهيار بنك ليمان براذرز في أيلول (سبتمبر) الماضي. استمرت أسعار الفوائد على القروض بين البنوك في التراجع، وتقلصت الفروق على التأمين على عقود أسعار الفائدة المتقابلة لليلة واحدة (وهو مؤشر يراقبه المحللون من كثب باعتباره مقياساً على مخاطر الائتمان)، تقلصت إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من سنة.

ظهرت علامات على المزاج العام المتفائل حول الاقتصاد العالمي من خلال الارتفاع في مؤشر البلطيق الجاف، الذي يقيس تكاليف شحن البضائع الجافة،
الذي وصل إلى أعلى مستوى له خلال عام 2009.
هذا التفاؤل ساعد في دفع أسعار السلع إلى مستويات لم تشهدها منذ بضعة أشهر. تقلب النفط بصورة يسيرة بعد أن تسلق إلى ما فوق 62 دولاراً للبرميل، ولكنه وجد مساندة من الأرقام التي أظهرت زيادة كبيرة في الطلب من الصين في الشهر الماضي ومن تزايد المخاوف حول العرض.
الضعف الشديد للدولار، إلى جانب التقلب في الأسواق الأخرى، ساعد على دفع الذهب إلى ما فوق 960 دولاراً للأونصة، وهو أعلى مستوى له خلال شهرين.
عادت أسواق الأسهم إلى مسار صاعد في أعقاب الخسائر الكبيرة في الأسبوع الماضي، ولكن تقدمها كان متواضعاً نسبياً.
يوم الجمعة في نيويورك أقفل مؤشر ستاندارد آند بورز 500 عند مستوى أدنى قليلاً، ولكنه سجل زيادة أسبوعية مقدارها 1.2 في المائة، في حين أن مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 لعموم أوروبا ارتفع بنسبة 1.9 في المائة. وفي طوكيو هبط مؤشر نيكاي 225 بنسبة 0.4 في المائة.
تمكنت أسواق الأسهم في بلدان الأسواق الناشئة من التفوق بسهولة في الأداء، حيث أظهر مؤشر بنك مورجان ستانلي المركب للأسواق الناشئة زيادة أسبوعية مقدارها نحو 5 في المائة.

الأكثر قراءة