رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


حل مشكلة السعودة تبدأ بقلب معادلة القطاع الحكومي لمصلحة القطاع الخاص

تلقيت عديدا من الرسائل بعد مقال "متى نرى جمعية تهتم بحقوق القطاع الخاص؟"، فقد كان التفاعل كبيرا جدا، ما دفعني إلى تخصيص هذا المقال عن مجمل القضايا التي طلب مني الحديث عنها.
ما زالت أؤمن بحاجتنا إلى زيادة التشريعات التي تدعم سعودة الوظائف في القطاع الخاص في ظل النسبة المتواضعة لعدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص التي لا تزيد على 13 في المائة، فالحاجة ما زلت ملحة من أجل فرض تشريعات تدعم نسبة سعودة القطاع الخاص عبر تحديد أهداف قابلة للقياس. لا أريد أن أقلل من المحفزات التي عملتها وزارة العمل مشكورة لكنها تصب في مجملها على أنها محفزات من أجل إجبار التاجر على توظيف السعوديين وليس من أجل ترغيب السعوديين في العمل في القطاع الخاص. ولا أدل على ذلك من أن الغالبية العظمى من السعوديين ممن لديهم مؤهلات عالية ما زالت تفضل العمل الحكومي على القطاع الخاص على أن يكون للبعض منهم نشاط إضافي بعد - وأحيانا أثناء- العمل الحكومي. لذا قد لا تجد من يقبل العمل في القطاع الخاص كخطوة أولى إلا المضطر ومن لم يجد فرصة للعمل الحكومي، وهم عادة الأقل تأهيلا للعمل في القطاع الخاص. ولعل الاستفتاء الأخير في جريدة "الرياض" دليل على تفضيل العمل في القطاع الحكومي على حساب القطاع الخاص.
أصوات العاملين السعوديين في القطاع الخاص ما زالت ضعيفة وغير مؤثرة، كما ذكرت ذلك في مقال سابق. كما أن الرسائل التي تم إرسالها لموظفي القطاع الخاص لعامي 2008 و2009 كانت موجعة، فضلا أن تكون رسائل مشجعه محفزة للشباب المقبل على سوق العمل.
كثير من العاملين في القطاع الخاص تعرضوا لمواقف يكونون فيها أمام خيران أحلاهما مر، إما السكوت عن الحق من أجل لقمة العيش وإما الشارع في ظل عدم وجود قوانين تحمي موظفي القطاع الخاص (عدم تجديد العقد هو المصطلح القانوني للفصل).
بعد سؤال بعض المسؤولين عن توظيف السعوديين في القطاع الخاص وعن مدى قناعتهم بالعمل في القطاع الخاص كمستقبل وظيفي؟ الجميع أجاب بأن العمل في بعض شركات القطاع الخاص - وهي شركات تعد بأصابع اليد الواحدة - مشرق لكن بقية شركات القطاع الخاص ممكن العمل فيها كمرحلة انتقالية لا كمستقبل وظيفي. الوظيفة الحكومية ما زالت هي الأولى والأفضل في ظل عدم نضج القطاع الخاص وغياب حفظ حقوق العاملين فيه.
مع الأسف أن العاملين السعوديين في القطاع الخاص يتم التعامل معهم كرهائن لدى شركات القطاع الخاص من أجل الضغط على أي تشريعات حكومية تصب في مصلحة المواطن أو المصلحة العامة للبلد، فشركات القطاع الخاص كثيرا ما تلوح بتسريح السعوديين في حالة عدم الاستجابة الحكومية لمطالبها، فمثلا بعض شركات السيارات وشركات الحديد وشركات الأسمنت وغيرها لوحت بتسريح السعوديين العاملين لديها في حالة عدم استجابة مؤسسات الدولة لمطالبها على اختلافها. كما أن وكلاء الشركات غير الوطنية كثيرا ما تلوح بفصل السعوديين لديها في حالة تعرضها لمقاطعة شعبية.
معاناة موظفي القطاع الخاص لم تقتصر على بعض شركات القطاع الخاص بل امتدت لتمارس بعض القطاعات الحكومية الدور نفسه، فمثلا نشرت أغلب الجرائد قبل شهر تعرض منسوبي جامعة الملك عبد العزيز لابتزاز من أجل منعهم من المطالبة بأبسط حقوقهم وهي تسجيلهم لدى التأمينات الاجتماعية.
عند سؤال ما يزيد على 40 شخصا من موظفي الأمن بين مكة والرياض، تبين أن من لديهم اشتراك في التأمينات الاجتماعية 10 في المائة، ما يدل على غياب حقوق موظفي القطاع الخاص. وعندما تم سؤالهم عن سبب عدم تقديم شكوى لدى المؤسسة العامة للتأمينات خصوصا أنها حريصة على حفظ حقوق موظفي القطاع الخاص تكون الإجابة من جهة أنهم لا يريدون حسما من الراتب لأن الراتب الأساسي ضعيف، ومن جهة ثانية أنهم لا يريدون مشكلات مع أصحاب العمل ويريدون أن يعيشوا بعيدا عن هم الفصل من العمل أو عدم التجديد (المصطلح القانوني لفصل السعوديين).
لعل هذه الحقائق وغيرها يتطلب منا أن نقف ونتساءل: كيف نرغب السعودي طالب العمل – لا رب العمل – في العمل في القطاع الخاص؟
أحد الحلول العملية لدعم سعودة القطاع الخاص تبدأ بقلب معادلة مميزات القطاع الخاص بحيث تكون موازية لمميزات القطاع الحكومي، خصوصا مميزات التقاعد المبكر، فوزارة التربية والتعليم تبنت سياسة زيادة رواتب مدرسي التربية الخاصة على غيرهم من المدرسين على الرغم من أن مادة الرياضيات – مثلا - سواء كتخصص أو كتدريس أشد صعوبة من التربية الخاصة ومع ذلك تم تحفيز التخصص بطريقة عملية بدلا من إلقاء المحاضرات الطويلة عن أهمية العمل الإنساني وتدريس هذه الفئة العزيزة علينا جميعا. لذا فسعودة القطاع الخاص قد لا تنجح إلا في ظل وجود تشريعات حقيقية تشجع المواطن على العمل في القطاع الخاص، كما نجحت وزارة التربية في دعم التربية الخاصة عبر زيادة رواتب مدرسي التربية الخاصة. كما تعمل وزارة العمل جاهدة من أجل أن تثبت للتاجر أن الموظف السعودي أقل تكلفة من العامل غير السعودي فعليها أن تثبت لطالب العمل السعودي أن مميزات القطاع الخاص أفضل من مميزات العمل الحكومي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي