رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


صانعو الثروات والوصية أضحية!!

لا شك أن الأموال وجمعها هي إحدى المحطات التي يهدف الإنسان إلى وصولها وبالتالي فهي غالية على النفس، ويطمح كل امرئ أن يسعى في الأرض بالطرق الشرعية إلى تكوينها وجمعها. وحب المال ـ وإن كان المنظور الإسلامي عن المال يختلف عنه في الغرب لكون المال مال الله وما هو إلا مستخلف عليه - هو صفة متلازمة في البشر، حيث شرع الدين أصولاً لاكتسابه وإنفاقه حتى وصل إلى تقسيمه بآلية محددة بعد موت صاحبه. ولسنا هنا في مجال نظرية المال في الإسلام غير أنني أريد أن أتعرض إلى واحد من جوانب استخداماته في مجتمعنا وهو الأعمال الخيرية (خلاف الزكاة فذاك حق مشروع وليس تفضلاً من صاحبه). إن ما أثار اهتمامي بهذا الموضوع ما سمعته من أحد الزملاء في حديث عن شخص يعرفه توفي تاركاً ما يقارب ملياري ريال وموصياً بـثلاث أضاح من كل هذه التركة. ولست هنا ضد تقسيم هذه التركة بما أمر الله به لكن حين أقارن ذلك بما يفعله كبار الرأسمالية من تبرعات وهم على قيد الحياة ليحزنني كثيراً، ونحن الذي قد أمرتنا شريعتنا على فعل الخيرات والصدقات في الحياة قبل الممات. ومن تلك الأمثلة للمقارنة حين يتبرع وارن بافيت بأكثر من 30 مليار دولار إلى مؤسسة بيل وميلنداجيشن فاونديشن التي أسسها بيل جيتس مؤسس شركة مايكروسوفت، والتي بدأها بتبرع بلغ ما يوازي 20 مليار دولار. ومن العجيب أنه على الرغم مما هو معروف عن وارن بافيت في نجاحه لإدارة أعماله إلا أنه وربما إيماناً منه بعدم كفاءته على إدارة الأعمال الخيرية فقد أعطى تبرعه

إلى مؤسسة بيل وميلندا، حيث يرى أنها أقدر على إدارة هذه المبالغ لتخدم الأغراض الخيرية التي ينادي بها.
إن مفهوم الأعمال الخيرية هو واحد من المفاهيم العظيمة التي أخذت في التطور لتكون مسؤولية المجتمع بكل مؤسساته، حيث تعدت هذه المسؤولية، المسؤولية الفردية لتشمل القطاع الخاص بأسره، وبالذات الشركات والكيانات الاقتصادية، وهذا ما يسمى المسؤولية الاجتماعية من جانب هذه الشركات. ولكن الملاحظ محليا هو نفس الفلسفة المتوارثة في الأشخاص إلى حد كبير، حيث تنطبق على شركاتنا أيضا التي يعاني حاشدو التبرعات الخيرية الأمرّين لقاء رعاية لمؤتمر أو تبرع لمؤسسة علمية أو صحية أو أي أمر آخر من وجوه الخير.
المشكلة في تقديري هي الموروث في المفهوم للمال وحشده لتكوين إما ثروات شخصية أو كيانات اقتصادية استفادت من بيئة هذا المجتمع في حين ترى صاحب المال أو تلك الشركة تتردد كثيراً في رد بعض الدين لهذا المجتمع. وإن كان ربما ما يوجد من أهل الخير من لا ينطبق عليهم ذلك لكن السائد هو تلك النماذج التقليدية التي لا أقلل أبدا من معناها الديني لكن الأمر أكبر من الاقتصار عليها. وما قصة الزميل التي أوردتها في صدر مقالي إلا واحد من شواهد هذا المفهوم، حيث اقتصر الأمر على عدد من الأضاحي لقاء ثروة بلغت ملياري ريال، من المحتمل الآن أن قيمتها السوقية لم تتعد الملايين لتوزعها وعدم المحافظة على زخم حجمها والتي في النهاية لم يكن للمجتمع نصيب في أي مشاركة فاعلة لها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي