ظهور الشكوك حول "البراعم الخضراء" يعود بأسواق المال للهبوط

ظهور الشكوك حول "البراعم الخضراء" يعود بأسواق المال للهبوط

الشكوك الجديدة حول إمكانات التعافي السريع في الاقتصاد العالمي كان من شأنها إضعاف الشهية للمخاطرة هذا الأسبوع، حيث جرجرت معها أسواق الأسهم إلى الأدنى ودفعت بأسعار السندات الحكومية إلى الأعلى.
يوم الجمعة شهد "وول ستريت" تراجعاً، حيث كان مؤشر ستاندارد آند بورز 500 في سبيله إلى تسجيل خسارة مقدارها 4.7 في المائة على مدى الأسبوع. وفي لندن تمكن مؤشر فاينانشيال تايمز 100 يوم الجمعة من الاندفاع لليوم الثاني على التوالي، لكنه هبط بمقدار 2.5 في المائة على مدى الأسبوع، في حين أن مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 لعموم أوروبا هبط بنسبة 3.1 في المائة هذا الأسبوع.
تفوقت البورصة الصينية في الأداء، حيث ارتفع مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 0.8 في المائة هذا الأسبوع، ولكن مؤشر هانج سينج في هونج كونج هبط بنسبة 3.4 في المائة، وهبط مؤشر نيكاي 225 في طوكيو بنسبة 1.8 في المائة.
أظهرت الأوضاع المالية علامات مستمرة من التحسن، حيث هبطت أسعار الفوائد في أسواق المال، وتقلصت الفروق في العوائد على السندات. لكن "البراعم الخضراء" الدالة على التعافي، التي أنعشت ثقة المستثمرين في الفترة الأخيرة، تبين أنها هشة، حيث برزت هذه الحقيقة بوضوح من سلسلة البيانات الاقتصادية الرديئة هذا الأسبوع.
ذكرت ألمانيا يوم الجمعة أنها عانت أسوأ تقلص في النشاط الاقتصادي منذ توحيد ألمانيا الغربية والشرقية، حيث تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.2 في المائة خلال الربع الأول من العام، في حين أن الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بكاملها تقلص بنسبة 2.5 في المائة، وهي أكبر نسبة تقلص ربعي منذ أن بدأ إعداد السجلات المقارنة عام 1970.
وقال ستيفن لويس من مؤسسة مونيومَنْت سيكيورِتِز: "من الممكن أن تمر بضعة أرباع قبل أن يبدأ الاقتصاد العالمي في الصعود من جديد".
في الولايات المتحدة تراجعت الآمال بتسجيل مزيد من التحسن في الإنفاق الاستهلاكي في الربع الثاني من العام، وذلك بفعل البيانات التي نشرت يوم الأربعاء وأظهرت أن مبيعات التجزئة هي أضعف من المتوقع، إلى جانب الزيادة المقلقة في أرقام البطالة الأسبوعية، التي نشرت يوم الخميس. وقال أندرو كيتس، وهو اقتصادي لدى بنك يو بي إس: "ثقة المستثمرين بـ "البراعم الخضراء" الدالة على التعافي تتعرض الآن للتحدي بفعل استمرار الضعف في الإنفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة. إذا لم يحدث تحسن مستدام في الطلب النهائي، فإن من المرجح أن تتراجع الآمال بقرب التعافي الاقتصادي". المخاوف من أن أسواق الأسهم قطعت شوطاً أبعد مما يجب بسرعة أعلى مما يجب، هذه المخاوف اشتعلت بفعل الاندفاع الهائل لمؤشر فاينانشيال تايمز العالمي، بنسبة 53.1 في المائة، فوق المستوى المنخفض في آذار (مارس) 2009، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ ستة أشهر في الثامن من أيار (مايو). كذلك ارتفعت عقبة التقييم بالنسبة للأسهم ارتفاعاً لا يستهان به. خلال الفترة المتدنية في آذار (مارس) كان مستوى تداولات الأسهم العالمية بمقدار يبلغ 10.5 مرة ضعف نسبة السعر إلى الأرباح لعام 2009، ثم ارتفعت هذه النسبة إلى 15.1 مرة في الاندفاع الأخير.
قال أندرو لابثورن، وهو محلل استراتيجي لدى بنك الشركة العامة Société Générale، إن المزاج العام للمستثمرين سيتعرض للامتحان بفعل مزيد من التخفيض في توقعات الأرباح، وقال إنه رغم أن المعدلات الحالية تبدو جذابة، إلا أن التخفيضات المتوقعة في الأرباح على الأسهم سيكون من شأنها تقليص العائد في سوق الأسهم الأمريكية بنسبة تزيد قليلاً على 2 في المائة.
أسهم الضعف في سوق الأسهم في تعزيز أسواق الدخل الثابت، حيث هبط العائد على سندات الخزانة الأمريكية القياسية لأجل عشر سنوات بنسبة 3.07 في المائة يوم الأربعاء قبل أن يتحول إلى 3.14 في المائة يوم الجمعة، أي بنسبة هبوط تبلغ سبع نقاط أساس على مدى الأسبوع.
وقال دومنيك ويلسون، من بنك جولدمان ساكس: "العثرات الأخيرة في الطريق بالنسبة للموجودات الخطرة والدورية أثارت السؤال حول ما إذا كان الاستقرار الدوري بفعل التجارة قد بلغ أجله".
وقال ويلسون إن التعافي الاقتصادي الذي يقل عن الاتجاه العام في الولايات المتحدة يمكن أن يضغط إلى الأدنى على التضخم، وكذلك على عوائد السندات في نهاية الأمر.
هذا الأسبوع هبط العائد على سندات الخزانة البريطانية في أعقاب التعليقات الحذرة من ميرفين كينج، محافظ البنك المركزي البريطاني، الذي قال يوم الأربعاء إن الاقتصاد البريطاني يواجه "تعافياً بطيئاً نسبياً على نحو متثاقل".
هبط العائد على سندات الخزانة البريطانية لأجل عشر سنوات بمقدار 19 نقطة أساس ليصل إلى 3.53 في المائة على مدى الأسبوع، في حين أن السندات لأجل خمس سنوات، وهو الأجل الذي يؤثر أكبر ما يمكن في أسواق القروض السكنية، هبط بمقدار 37 نقطة أساس ليصل إلى 2.45 في المائة، قبيل اختبار أساسي لشهية المستثمرين في الأسبوع المقبل حين تعرض الحكومة في المزاد العلني خمسة مليارات جنيه استرليني من السندات لأجل خمس سنوات. والتزمت الحكومة البريطانية بالأصل بشراء 100 مليار جنيه استرليني من السندات من خلال برنامجها الخاص بشراء الموجودات، ولكن يراهن بعض المتداولين في السندات على أن برنامج التيسير الكمي سيتم تمديده.
وصانعو السياسة في منطقة اليورو يرسلون إشارات متباينة حول ما إذا كان البنك المركزي الأوروبي سيمدد خططه لشراء السندات المغطاة والموجودات الأخرى. في ألمانيا هبط العائد على سندات الخزانة لأجل عشر سنوات إلى مستوى متدن هو 3.26 في المائة يوم الخميس قبل أن يعود إلى مستوى 3.35 في المائة يوم الجمعة، أي بهبوط مقداره تسع نقاط أساس هذا الأسبوع.
علامات التوتر المتراجعة في النظام المالي كانت واضحة في أسواق المال، حيث تراجعت أسعار فائدة ليبور على قروض الدولار واليورو والاسترليني لأجل ثلاثة أشهر إلى مستويات متدنية قياسية جديدة. أكبر قدر من التحسن شوهد في أسعار فائدة ليبور على قروض الدولار لأجل ثلاثة أشهر، حيث هبطت بمقدار 11 نقطة أساس لتصل إلى 0.8256 في المائة على مدى الأسبوع. كما تراجعت المخاوف من مخاطر الأطراف المتقابلة في العقود، حيث هبط الفرق بين سعر فائدة ليبور وبين مؤشر عقود التأمين المتقابل على المؤشر لليلة واحدة إلى أدنى مستوى له منذ شهر آذار (مارس) من السنة الماضية.
وفي أسواق السلع اخترقت أسعار النفط الخام الأمريكي لفترة وجيزة حاجز 60 دولاراً للبرميل يوم الثلاثاء قبل أن تتراجع إلى 57.10 دولار يوم الجمعة، بعد أن قالت الوكالة الدولية للطاقة إن الطلب العالمي على النفط سيسجل هذا العام أدنى معدل سنوي للهبوط منذ عام 1981. لكن الطلب المتصاعد على المواد الخام من الصين دفع بمؤشر البلطيق الجاف إلى أعلى مستوى له هذا العام بمقدار 14.9 في المائة هذا الأسبوع. يذكر أن مؤشر البلطيق الجاف هو مؤشر قياسي لأسعار الشحن للسلع الجافة بالجملة، مثل خام الحديد والفحم الحجري والحبوب.

الأكثر قراءة