رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


عودة إلى الدولار وسياسات سعر الصرف

ربما فوتت دول الخليج بما فيها المملكة فرصة تاريخية لرفع قيمة عملاتها أمام الدولار مع بقاء الربط به، حيث كانت السنوات 2006 – 2007 مناسبة للغاية لإحداث هذا التغيير. اما الآن، خصوصاً بعد الأزمة المالية العالمية في أيلول (سبتمبر) 2008، فإن المطالبة بتغيير سياسة سعر الصرف أمر غاية في الخطورة, ففي ظل الوضع العالمي المتأزم، وضبابية تبعات الأزمة العالمية، يكون التفكير في أي خطوة تجاه سياسة ربط عملات دول الخليج بسلة من العملات أو تعويمها، أو أي سياسات أخرى، ضربا من الجرأة التي ينادي بها البعض، التي ستكون عواقبها وخيمة. علاوة على أن الدولار ما زال يشكل نحو 65 في المائة من احتياطيات العملات في العالم، فإن السياسات النقدية لكل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تتسم بالغموض الشديد، ناهيك عن صعوبة توقع اتجاهها في المرحلة الحالية بالذات. حتى الصين التي تنادي بالتفكير في استخدام عملة أخرى غير الدولار، واقترحت حقوق السحب الخاصة التابعة لصندوق النقد الدولي بديلاً، ليس لديها الجرأة في اتخاذ مثل هذه الخطوة، لإدراكها صعوبة تقدير تبعات مثل هذا القرار على اقتصادها الذي هو الآخر يصيبه نوع من الضبابية بسبب تكالب عوامل ضعف الاقتصاد العالمي.
لقد اقترح البعض عودة الربط بالذهب الذي تخلت عنه الولايات المتحدة في بداية السبعينيات حتى يكون هناك أصل مرتبط بكل دولار أو أي عملة أخرى تصدر. وبتبني هذه الدعوة – إن حدث – هو عودة الاقتصاد العالمي نحو 40 سنة إلى الوراء، مع ما يتضمنه ذلك من كبح كل محاولات تحرير الاقتصاد العالمي الذي تتبناه منظمة التجارة العالمية. إضافة إلى أن الذهب ـ في نهاية المطاف ـ سلعة يتغير سعرها بتغير العوامل الاقتصادية لكل السلع، ومنها النضوب. ناهيك عن أن تراكم الذهب وتعاظم احتياطيات البنوك المركزية منه قد يؤدي إلى فقدان قيمته مع ارتفاع معدلات التضخم, ناهيك عن أن صعوبة مقايضة الذهب وتداوله تفقد المعنى من الاحتفاظ به لدى البنوك المركزية، أو حتى لدى الأفراد الذين يحتفظون به كملاذ آمن.
لذا فلا مناص من مجابهة الواقع الحالي، وإدراك أن العالم يمر بأزمة مالية ولا يمكن اتخاذ خطوات راديكالية تتعلق بسياسة سعر الصرف. ناهيك عن أن هناك توجها لدول الخليج لإقامة الاتحاد النقدي وإصدار عملة خليجية موحدة، ما يجعلنا نعتقد أنه لا يمكن لدول الخليج القيام بأي تغييرات جوهرية على عملاتها حتى يتم إصدار العملة الخليجية الموحدة. لقد قلنا إن دول الخليج فوتت فرصة تاريخية في الأعوام الثلاثة الماضية. وقد لا تستطيع اتخاذ أي خطوات أخرى حتى اكتمال البيت الخليجي، مع وجود بنك مركزي خليجي بسياساته المستقلة.
إن قراءة لمستقبل العملات هي الاعتقاد بتراجع قيمة الدولار، واحتمال تخلي دول كبرى عنه مثل الصين. كما أن اليورو لم يثبت حتى الآن أنه سيكون العملة البديلة، فهو ما زال يمثل أقل من 30 في المائة من الاحتياطي العالمي، إضافة إلى أن عقد دول الاتحاد الأوروبي لم يكتمل حتى الآن، حيث إن بريطانيا بعملتها القوية (الجنيه الاسترليني) لم تنضم إلى الوحدة النقدية الأوروبية. ودول الخليج التي تصدر وتعتمد على النفط المقوم بالدولار لم تفكر – مجرد تفكير – في بيع البترول بغير الدولار، ما يساند بقاء الدولار عملة الاحتياط الأولى لمعظم دول العالم حيث إن النفط سيظل مصدرا أوليا لاستخدامات الطاقة, ما يعزز مكانة الدولار. خلاصة القول، سيظل الدولار مهماً للغاية مادامت الصين ودول الخليج لم تقدم على أي تغييرات جوهرية في سياسات سعر صرف عملاتها. وفي اعتقادي أنها لن تقدم على أي تغير يذكر في سياساتها المتعلقة بسعر الصرف في المستقبل المنظور، ما يسهم في مساندة وضع الدولار كعملة أولى في احتياطيات البنوك المركزية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي