رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل تنقل الدولة ثقافتها للشركات؟

تمتلك الحكومة جزئيا وربما بنسب كبيرة حصصا في شركات هادفة إلى الربح، حيث تعتبر ذلك جزءا من برنامج التخصيص الذي بدأت فيه المملكة منذ أكثر من عقدين. وهذه الشركات تقع في قطاعات مختلفة وتتباين أسباب الملكية للدولة، غير أن القاسم المشترك في الغالب هو إما ضخامة حجم رأس المال المطلوب في بدايات العمل وإما تحرير جزئي لقطاع معين. لقد صار التخصيص مسألة اقتصادية أخذت بها كثير من دول العالم النامي لما لهذا النهج من إيجابية أبرزها كفاءة العمل والإنتاجية العالية حين يكون القطاع الخاص هو مسير تلك الأعمال. وبرامج التخصيص التي أخذت بها الدول أيضا جاءت نتيجة حتمية لفعالية الأداء مقارنة بالقطاع الحكومي وإدارته للمنشآت الاقتصادية، التي عادة يكون هناك تدنٍ في إنتاجيته مقارنة بالقطاع الخاص. لقد أثبتت تجارب التخصيص نجاحا باهرا حتى صارت مؤسسات الإقراض الدولية (البنك الدولي, صندوق النقد الدولي وغيرهما) تقرن الإعانات والمساعدات العملية والمالية والاقتصادية للدول المحتاجة لها بتطبيق برامج التخصيص وتحرير قطاعات اقتصادية معينه، فأضحى نهج التخصيص وصفة اقتصادية لمعالجة تدني الأداء في الاقتصاد. وفي المملكة بلا شك سجلت تجربة التخصيص نجاحا جيدا لتلك القطاعات التي خصصت جزئيا أو كليا، التي من بين أمثلتها وآخرها قطاع الاتصالات والتعدين. وهذا النجاح جاء نتيجة لمقومات منهجية القطاع الخاص وأساليب إدارته أو بمعنى آخر لنجاح مقومات التخصيص كأسلوب اقتصادي يدير عوامل الإنتاح. ولعل تجربة التخصيص المحلية لا تخلو من بعض السلبيات التي مآلها عدد من العوامل، لكن من بينها استراتيجيات وإدارة تلك المنشآت الاقتصادية (الشركات) التي تمتلك الدولة جزءا معنويا أو كبيرا فيها. وهذا نظرا لكون الدولة بحكم نسب ملكيتها الكبيرة، وبالتالي سيطرتها في مجالس إدارة تلك الشركات، وبالتالي تسيير وجهة تلك الشركة ومستقبل أعمالها بالمنهجية الحكومية نفسها، التي عادة ما تميل إلى تقليل المخاطر بشكل كبير وعدم احتمال مستويات عادية المستوى. وفوق ذلك ربما يكون من يمثل الدولة في مجالس هذه الإدارات لا تتناسب إمكاناته أو خلفيته العملية بشكل يتسق والإبداع في أعمال وآفاق تلك الشركة أو حتى القطاع، فهو في النهاية قد يكون موظف دولة وليس رجل أعمال تمرس في حياة ومفاهيم المال والأعمال والقطاع الخاص. وهذا ليس تقليلا من شأن أحد بعينه، فهناك الكثير ممن يمثلون الدولة في شركاتها التي تسيطر عليها بنسب ملكيتها العالية ممن يمتلكون الرأي والحنكة الاقتصادية المتميزة أو ربما يكونون فقط لمجرد عدم اتساق لخلفيتهم العملية والعلمية أو المعرفية مع طبيعة أعمال الشركات أو القطاع. ولا أريد أن ندخل في مقارنات هنا لأيه منشأة في قطاع معين، خصوصا تلك القطاعات التي يوجد فيها النوعان (شركات لا تمتلك فيها الدولة وشركات تملك فيها الدولة أصواتا مسيطرة في مجلس الإدارة)، لكن أقل ما يمكن استنتاجه أن هناك شركات تفوقت على تلك التي للدولة أصوات فيها ونافست لتتعداها في الترتيب، في حين أن الأولى أن تكون الشركات شبه الحكومية هي من يتبوأ المراتب الأولى لما لقيته أو تلقاه تلك الشركات من دعم مباشر وغير مباشر لها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي