40 توصية عالمية لمعاضدة البنوك في مواجهة غسيل الأموال

40 توصية عالمية لمعاضدة البنوك في مواجهة غسيل الأموال

بعد قرارات مجموعة العشرين التي عُقدت مطلع نيسان (أبريل) الماضي بملاحقة الملاذات الضريبية وغسل الأموال، تتجه مجموعة العمل المالي لمكافحة غسل الأموال والإرهاب إلى نقل المعركة المقبلة من ساحة مواجهة محاولات وعصابات غسل الأموال والإرهاب إلى ساحة مواجهة سبل انتشار التمويل Proliferation Finance الموجه للإرهاب وغسل الأموال مدشنة إستراتيجية عمل جديدة لها للأعوام 2009 إلى 2012.
ويقول عدد من المصادر إن فرض العقوبات الاقتصادية على بنك المستقبل في البحرين، وهو مشروع مشترك بين بنوك إيرانية والبنك الأهلي المتحد قبل عدة أشهر ما كان إلا بداية مبكرة لتنفيذ الاستراتيجية الجديدة سوف يعقبها عدد من الخطوات التي ستطول بشكل رئيس عمليات البنوك والأعمال الخاصة في دول المنطقة، كما تستهدف الاستراتيجية الجديدة إشراك القطاع الخاص في دول المنطقة بصورة أكبر في جهود مكافحة غسل الأموال والإرهاب.
وقال المستشار البريطاني للخزانة إن الإستراتيجية الجديدة لمجموعة العمل المالي لمكافحة غسل الأموال والإرهاب تركز على أولويات محددة هي توسيع وتعميق التشريعات المناوئة للإرهاب والجريمة، والاستجابة للتهديدات الجديدة ولاسيما فيما يخص انتشار التمويل وبناء علاقات عمل استراتيجية وقوية ودائمة مع القطاع الخاص لتعزيز دوره في هذه المجال، وأخيرا مواصلة دعم الدول الأقل إمكانات لتقوية تشريعاتها وأجهزتها المناوئة للجريمة والإرهاب.
وأشادت وثيقة الإستراتيجية الجديدة للمجموعة التي نشرت على الموقع الإلكتروني لمجموعة العمل المالي لمكافحة غسل الأموال والإرهاب FATF، بتعاون دول العالم في تطبيق التوصيات الـ 40+9 (40 توصية خاصة بمكافحة غسل الأموال و9 توصيات خاصة بمكافحة الإرهاب)، حيث يبلغ عدد الدول المتعاونة بصورة مباشرة أو من خلال تكوين مجموعات إقليمية )أربع مجموعات في أوربا وآسيا وأمريكا اللاتينية وأخيرا في الشرق الأوسط) نحو 170 بلدا، إلا أنها قالت إن تهديدات جديدة باتت تهدد جهود مكافحة غسل الأموال والإرهاب تتمثل أساسا في انتشار التمويل ومواطن الضعف في التكنولوجيا الجديدة التي قد تؤدي إلى عدم الاستقرار في النظام المالي العالمي.
وكانت المجموعة الإقليمية للعمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قد أنهت اجتماعاتها يوم 9 نيسان (أبريل) الماضي في أبو ظبي وأكدت دعمها ومساندتها للدول الأعضاء لتحقيق أهدافها وأهمها العمل سويا للالتزام بالمعايير والإجراءات الدولية الصادرة عن مجموعة العمل المالي FATF، وتنفيذ معاهدات واتفاقيات الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن الدولي في هذا المجال. وتضم المجموعة التي تأسست عام 2004 في البحرين كلا من: الأردن والإمارات والبحرين والجزائر وتونس والسعودية والسودان وسورية والعراق وعُمان وقطر والكويت ولبنان ومصر والمغرب وموريتانيا واليمن.
وأضافوا أن قرارات العقوبات الاقتصادية لن تتوقف عند حدود مؤسسات المال والأعمال العائدة للدول الداخلة في مواجهات مع الولايات المتحدة مثل كوريا الشمالية وإيران، بل سوف تتعداها إلى جميع الشركات والبنوك العاملة في المنطقة والتي قد تكون لها علاقات عمل واستثمار مع تلك الدول، وخاصة إيران بغية إجبارها على تبني معارك الدول الكبرى الرئيسة التي تدير عمليات مكافحة غسل الأموال والإرهاب.
وفي الشهر الماضي، أعلنت الولايات المتحدة عن فرض عقوبات اقتصادية على بنك المستقبل في البحرين الذي تأسس عام 2004 برأسمال قدره 99 مليون دولار، وهو بنك مملوك بالتساوي بين البنك الأهلي المتحد البحريني، وهو أكبر بنك في البحرين من حيث القيمة السوقية، وبنكي صادرات وملي إيران الإيرانيين، مما أجبر البنك الأهلي المتحد على الإعلان عن تعليق أعماله مع إيران، بينما قال مصرفيون إن بنوكا بالإمارات، التي تمتلك ثاني أكبر اقتصاد خليجي، أوقفت إصدار خطابات اعتماد للشركات الإيرانية. ويتمثل النشاط الرئيس لـبنك المستقبل في الاستثمارات المصرفية كبيرة الحجم ويستهدف التدفقات المالية بين إيران ودول الخليج. وقال ستيوارت ليفي المسؤول في وزارة الخزانة في رد مكتوب إلى مكتب محاسبة الحكومة الأمريكية إن إيران تمر بعزلة اقتصادية ومالية وسياسية متزايدة، وأنه تم رفض 25 ألف صفقة مع شركات إيرانية تزيد قيمتها على خمسة مليارات دولار منذ عام 1997.
وبموجب الحظر على بنك المستقبل يتم تجميد أصوله كافة الواقعة ضمن ولاية القضاء الأمريكي ويحظر على جميع الأمريكيين إجراء أي معاملات مع البنك وسيتعرضون لدفع غرامات باهظة أو تصدر بحقهم أحكام بالسجن عند مخالفة ذلك. ورأى المحللون أن البنك سيتعرض لصعوبات مالية كبيرة بسبب الرقابة الأمريكية على أنظمة المدفوعات لجميع المصارف.
ويعمل في البحرين، وهي المركز المالي والمصرفي في المنطقة، نحو 400 مصرف ومؤسسة مالية يبلغ مجموع الموجودات فيها أكثر من 245 مليار دولار. كما يعمل مصرف البحرين المركزي على تقديم تراخيص إلى عديد من فروع المصارف العالمية في سويسرا وفرنسا. وحاز المصرف المركزي ثقة المؤسسات المالية العالمية بسبب الرقابة الشديدة والقوانين التي تتماشى مع المعايير الدولية.
وتحذر مصادر خليجية وعالمية تراقب هذه التطورات من أن التدابير الأمريكية والأوروبية لها عواقب لم تكن مرتقبة، حتى إن بعضها لا يتوافق بالضرورة مع مصالح الأمريكيين أنفسهم. فهي تسهم في تعزيز روابط الأعمال بين إيران وبعض جيرانها في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن إلى إضعافها. وهي تمنح الصين وعمالقة آسيويين آخرين فرصة الفوز بمشاريع نفطية عملاقة في إيران، في الوقت الذي تتدافع فيه شركات النفط الغربية الكبرى بحثاً عن احتياطي جديد. كما أن هذه التدابير أدت إلى إعادة تسيير التدفقات المالية بين الأعمال والشركات الإيرانية وزبائنها ومزوِّديها الخارجيين، وتدفعها إلى خارج النظام المصرفي العالمي الخاضع للمراقبة والتنظيم. فتستعمل الأعمال الأموال النقدية، والتحويلات المالية والمصارف غير الرسمية غير الخاضعة إلى إشراف السلطات الدولية. وهذا ما دفع بعض الخبراء الاقتصاديين، والخبراء المصرفيين، ورجال الأعمال للتساؤل عمّا إذا كانت العقوبات قد حوَّلت تعقُّب تبييض الأموال، وتهريب المخدرات، وتمويل الإرهاب في المنطقة، إلى مهمة عسيرة. وفي هذا الإطار، يقول حسن الأغباند، المدير الإداري المنتدب في شركة تجارة السلع "بالي جروب" اللندنية المملوكة لأسرته والناشطة في إيران: "لقد عادت صفقات عدة تُبرم وفق ما يُعرف باقتصاد الحقائب غير الرسمي. أما أحد الأخطار التي ينطوي عليها اقتصاد الحقائب فهو أنه تتعذر معرفة أين تذهب الأموال؟".

الأكثر قراءة