البناء المتصل بالمسجد يعتبر منه ولا مانع شرعي من اقتداء المصلي فيها بالإمام

البناء المتصل بالمسجد يعتبر منه ولا مانع شرعي من اقتداء المصلي فيها بالإمام

أوضح الشيخ محمد المنجد الداعية الإسلامي أن من أحكام المسجد في الشريعة الإسلامية ما يسمى "رحبة المسجد" أو"صحن المسجد"، وهي البرحة التي تكون تابعة للمسجد، وهي مسألة مهمة بالنسبة لأحكام المسجد؛ من حيث إنها تابعة له، يصلي الناس فيها، ويزاولون فيها كل الأعمال التي يزاولونها في المسجد، وقد تكلم عليها العلماء قديماً وحديثاً، وبينوا أحكامها، وما يتعلق بها، وما يجوز فيها وما لا يجوز، وهل حكمها حكم المسجد أم لا, وحتى تعم الفائدة أقول إن رحبة المسجد في اللغة: هي ساحته ومتسعه، وسميت رحبة لسعته .
وأكد الشيخ المنجد أن العلماء اختلفوا في حكمها هل تأخذ حكم المسجد أم لا, وذلك على ثلاثة أقوال: القول الأول: إن الرحبة إن كانت متصلة بالمسجد محوطة به؛ فهي من المسجد، وتأخذ حكمه، وبهذا قال محمد بن عبد الحكم، وابن حجر، والقاضي، وأبو يعلى، وبعض الشافعية. والقول الثاني: إن الرحبة ليست من المسجد مطلقاً متصلة أو منفصلة عنه، وهذا مذهب الأحناف، ورواية عن مالك، وبه قال بعض الشافعية، والصحيح من مذهب الحنابلة.
القول الثالث: إن رحبة المسجد منه مطلقاً، متصلة كانت أو منفصلة، وهذا مذهب مالك، والشافعي، ورواية عند الحنابلة.
أدلة الفريق الثاني
وأبان الشيخ المنجد أن الذي يتأمل أدلة الفريق الثاني يجد أن الرحبة التي بناها عمر - رضي الله عنه - منفصلة عن المسجد؛ وإلا فكيف يسمح عمر لمن أراد أن يلغط أو يرفع صوته أن يفعل ذلك، ومن في المسجد سيتأذى به، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أَلا إِنَّ كُلَّكُمْ مُنَاجٍ رَبَّهُ فَلا يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَلا يَرْفَعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ أَوْ قَالَ فِي الصَّلاة"؛ فكيف باللغط وارتفاع الأصوات وإنشاد الشعر، ثم إن أثر عمر - رضي الله عنه - مرسل تابعي، لكنه ثقة، وأما الحسن وزرارة فقد ورد - أيضاً - أنهما كانا يصليان إذا دخلا رحبة المسجد، وهذا يدل على أنهما كانا يريان جواز القضاء بالمسجد، والذي يتأمل مساجد المسلمين اليوم يجدها من جهة الرحبة تنقسم إلى ما يلي:
* أن تكون الرحبة خلف مصابيح المسجد، ليس بينها وبين المسجد جدار فاصل, فهذه من المسجد.
* أن تكون الرحبة في وسط المسجد، وخلفها مصابيح، وأمامها مصابيح، ولا يدخل المسجد إلا منها فهذه من المسجد؛ وسواء فصل بينها وبين المصابيح بجدار أو لم يفصل.
* أن تكون الرحبة محيطة بالمسجد، ولا يفصلها عن المسجد الجدار الخلفي، ولا يدخل المسجد إلا منها، فهذه من المسجد، لكن لا تصح الصلاة فيها أمام الإمام.
* أن تكون محيطة بالمسجد من جميع جوانبه، وعليها بناء، ومفصول بينها وبين المسجد بأبواب، فهذه محل خلاف، والظاهر أنها من المسجد.
* أن تكون قطعة أرض ملاصقة للمسجد ولا بناء فيها، فهي من حريم المسجد، ولا تأخذ حكمه، حتى إن كانت محيطة به من جميع الجوانب، فيصح اقتداء المصلي فيها بالإمام إذا أمكنته المتابعة، أو رؤية بعض المأمومين.
* أن تكون قطعة أرض مبنية بسور بينها وبين المسجد طريق، فليست من المسجد على الراجح عند أهل العلم .ومما تقدم يعلم أن الراجح هو القول الأول، والله أعلم.

الأكثر قراءة