تقرير: مؤشرات بلوغ الركود العالمي نهايته يبث التفاؤل في أسواق المال
حافظت أسواق الأسهم عبر العالم على زخم الارتفاع نتيجة لتعزز تفاؤل المستثمرين الذين يرون أن وتيرة تدهور الاقتصاد العالمي في تباطؤ وأن الركود ربما شارف على الاقتراب من القاع. وآخر التطورات في هذا الصدد هي النظرة الإيجابية إلى نتائج اختبارات كفاءة رأس المال التي أجريت على البنوك الأمريكية الكبيرة. وقد أدت تلك النظرة إلى ارتفاع أسعار النفط على الرغم من أن البيانات التي نشرتها مؤسسة النقد "ساما" تشير إلى استمرار حالة الضبابية وسط القطاع الخاص السعودي.
وأوضح تقرير أعدته دائرة الاقتصاد والبحوث في "جدوى للاستثمار" أنه على الرغم من أن اختبارات الجهد أو كفاءة رأس المال قد انتهت إلى أن عشرة بنوك من أصل أكبر 19 بنكا أمريكياً في حاجة إلى رفع رساميلها بمبلغ إجمالي قدره 74.6 مليار دولار، إلا أن النتائج عموماً لم تكن مفاجئة وقد استقبلتها الأسواق بإيجابية. وقد بدأت بعض البنوك بالفعل تلبية المتطلبات المفروضة، حيث ذكرت الأنباء أمس الثلاثاء أن بنك أمريكا (صاحب أكبر زيادة مطلوبة وتبلغ 34 مليار دولار) رفع رأسماله بنحو 7.3 مليار دولار من خلال بيعه حصة تبلغ 6 في المائة في بنك شاينا كونستركشن. وكان مصرفا ويلز فارغو ومورغان ستانلي قد رفعا يوم الجمعة رأسمالهما بنحو 11.5 مليار دولار وذلك عبر إصدار أسهم جديدة.
وفيما يتعلق بالبيانات الاقتصادية، كشفت معلومات رئيسية نشرت خلال الأيام الماضية أن التوظيف في الولايات المتحدة تراجع في نيسان (أبريل) بأقل معدل له خلال سته أشهر (سجل معدل البطالة أعلى معدل له منذ 25 عاماً عند نسبة 8.9 في المائة). وعلى الرغم من أن هذا التغير يعتبر بصفة عامة تغيراً مشجعاً إلا أن البيانات التي تتلقاها الأسواق حالياً لا تعطي أي مؤشر حول التوقيت المحتمل لعودة الانتعاش الاقتصادي أو سرعة تلك العودة. وحيث لا تزال البنوك والمستهلكين والشركات يعملون على تقليل ديونهم والبنوك لا تزال تحتاج إلى مبالغ ضخمة لزيادة رأسمالها، فمعنى ذلك أن عملية الانتعاش قد تستغرق بعض الوقت. وعليه، فإننا نعتقد أن الشركات السعودية المكشوفة أمام الاقتصاد العالمي قد اجتازت على الأرجح أسوأ حالاتها من حيث الخسائر التي تكبدتها جراء تقلب أسعار السلع وانهيار الطلب، لكن الملامح المستقبلية لحدوث انتعاش قوي تعتبر غامضة.
وساعد تنامي ثقة المستثمرين بأن الركود العالمي قد وصل إلى نهايته على ارتفاع أسعار النفط، حيث زاد سعر خام غرب تكساس القياسي بنسبة 15 في المائة حتى الآن هذا الشهر وقفز إلى أكثر من 57 دولاراً للبرميل لأول مرة منذ منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) وبلغ متوسط السعر حتى اللحظة الحالية هذا العام نحو 47.5 دولار للبرميل. ويتوافق هذا السعر تقريباً مع سعر النفط الذي قدّرنا أن ميزانية العام الحالي قد بُنيت على أساسه (تم تقدير العجز في الميزانية في حدود 65 بليون ريال).
وفيما يتعلق بالسوق السعودية، تشير البيانات التي نشرتها "ساما" الأسبوع الماضي إلى أن الحكومة ماضية قدماً في تنفيذ برامج الإنفاق المقررة في الميزانية، حيث انخفضت موجودات "ساما" من الأصول الخارجية بنحو 11.7 مليار دولار في مارس شكلت الودائع في البنوك الخارجية عشرة مليارات دولار منها. ونعتقد أن الحكومة قد لجأت للسحب من احتياطياتها الأجنبية (التي انخفضت بقيمة 32.4 بليون دولار منذ نهاية نوفمبر) بهدف تمويل الإنفاق.
كذلك تشير بيانات "ساما" إلى استمرار الأوضاع الهشة في القطاع الخاص خلال آذار (مارس)، حيث تراجعت قروض البنوك إلى القطاع الخاص بنسبة 0.4 في المائة في آذار (مارس) مسجلة أدنى مستوى لها على الإطلاق منذ أيلول (سبتمبر). وفي اعتقادنا أن هذا الانخفاض في القروض يمثل معياراً رئيساً لثقة الشركات (طرأ تغير طفيف في اقتراض المستهلكين منذ نهاية عام 2005). وعلى الرغم من أن البيانات الجديدة تعتبر ضعيفة إلا أننا نعتقد أن تحسناً لاحقاً قد حدث نتيجة لارتفاع أسعار الأسهم والنفط. ومن الجوانب الإيجابية لتلك البيانات أن الإقراض طويل الأجل ارتفع لأول مرة منذ أيلول (سبتمبر) ما يدل على أن البنوك أصبحت أكثر استعداداً لتقديم القروض. وقد انعكس ذلك الأمر كذلك في هبوط أسعار الاقتراض بين البنوك خلال الشهر الماضي (حيث هبط سعر الاقتراض بين البنوك بالريال السعودي لأجل ثلاثة أشهر إلى 0.91 في المائة مقارنة بـ 0.97 في المائة في 15 نسيان (أبريل).