رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


حينما تكون هموم المواطن خارج أجندة مؤتمرات التأمين

كثيرا ما نسمع بين الفينة والأخرى عن قيام مؤتمر أو ندوة هنا أو هناك خاصا بالتأمين، ولكن هذه المناسبات على اختلاف مسمياتها وأشكالها وأوقاتها ليس لها تأثير يذكر في المواطن، بل إنها وللأسف لا تترك أثراً أو تخط طريقاً للمواطن يستطيع من خلاله أن يستبصر أهمية التأمين أو حتى يستبصر دوره فيه.
كل هذا يحصل على الرغم من أن هذا المواطن يمثل رقماً مهماً في معادلة التأمين في المملكة، وعلى الرغم من أن التأمين كذلك بات يمثل هاجساً للمواطن وبمختلف قضاياه وأنواعه وجوانبه وفي تعامله مع التأمين اختياراً أو إجباراً.
بعض هذه المؤتمرات أو الملتقيات الخاصة بالتأمين استعارت عناوين لها من الأسماء ذوات الخمسة نجوم أو مسميات تضاهي مسميات القمم العالمية التي لا تكون إلا لأمر جلل مثل قمة الأرض التاريخية، أو تلك التي تنعقد بشكل دوري للاطمئنان على وضعية التفوق واقتسام كعكة العالم كقمة الدول الثماني الكبرى.
وفيما يخص المسمى فينبغي ألا يكون بعيدا عن المضمون أو أن يصرفنا عن بحث أجندة ومحاور هذه المؤتمرات لمعرفة مدى جديتها أو مدى تلمسها هموم ومشكلات المواطن في التأمين وما الذي يريده هذا المواطن من مثل هذا التجمع أو ذاك. فينبغي ألا تكون هذه الأجندة عبارة عن عناوين براقة وفارغة المضمون أو أن ما تعالجه من إشكالات لا تعدو عن كونها مؤثرات ذات بعد عالمي لا يتصور أن يكون حلها بمؤتمر أو بمناسبة عابرة.
كما ينبغي ألا نبحث عن مناسبة عالمية حتى نضع لها مؤتمرا، فهذا يدل وللأسف على عجزنا في فهم الإشكالات المحلية التي تفرزها صناعة التأمين لدينا والعوامل الداخلية التي تؤثر في هذه الصناعة. فينبغي ألا نضحك على أنفسنا أو أن يوهمنا الموهمون بأننا أصحاب صناعة رائدة وذات بعد عالمي، فنحن ما زلنا في بداية الطريق وما زلنا بحاجة إلى تشخيص جسد الصناعة التأمينية السعودية محلياً ومعرفة هذا الجسد وبمختلف مكوناته وجزيئاته ونقاط ضعفه وقوته وما يحتاج إليه من فيتامينات ومقويات حتى يشب ويخرج عن الطوق. لا نريد أن نكون كالطبيب الذي يترك مريضه في عيادته ويخرج إلى الشارع ليبحث عن مريض آخر ليقدم له العلاج لأن أحداً ما أوهمه بأن العدوى ستنتقل لمريضه.
نريد أن نكون منطقيين حتى في مؤتمراتنا، نريد أن نشخص مشكلاتنا بأنفسنا ونطرحها بأنفسنا وندعو لها من هم أهل للتشخيص وتقديم العلاج، لا نريد أن تُعقد المناسبات عندنا ونحضرها دون تأثر أو تأثير أو أن يكون دورنا فيها مثل دور المضيف الذي لا هم له سوى تقديم الطعام لضيوفه وليغادر في النهاية الضيوف مثلما جاؤوا، ومن ثم لا أحد منا يذكر المؤتمر ولا أي شيء مما دار فيه. نعم مرحبا بالمؤتمرات التي تتلمس مشكلاتنا وتضع حاجة المواطن نصب أعينها. ولهذا فنحن نريد مؤتمرات تجذب حتى المواطن البسيط لحضورها لا أن تكون مؤتمرات نخبوية، نريد مؤتمرات تبحث مثلاً في مسألة عزوف الشباب عن العمل في قطاع التأمين ووسائل تأهيلهم، نريد مؤتمرات تبحث عن التكامل بين أنظمة التقاعد والتأمين والتأمينات الاجتماعية، نريد مؤتمرات عن حماية المستهلك للتأمين في المملكة، ومكافحة التحايل في التأمين، نريد مؤتمرات عن جدوى التأمين الصحي على المواطن وما إلى ذلك.
ينبغي على شركات التأمين لدينا أن تضع أولوية دعمها لمثل هذه المؤتمرات أو على الأقل ينبغي على هذه الشركات أن تعرف أن ما تقدمه لهذه المؤتمرات من دعم مادي هو مأخوذ في الأصل من جيب المواطن، ومطالبتي تنسحب كذلك على الجهة الرقابية ممثلة في (ساما) فهي الجهة التي تمثل المواطن وتتلمس احتياجاته وتحميه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي