الإنفاق الاستثماري التوسعي لدول الخليج يدعم عجلة النمو الاقتصادي العالمي

الإنفاق الاستثماري التوسعي لدول الخليج يدعم عجلة النمو الاقتصادي العالمي

أكد البنك الدولي في تقرير حديث صادر عنه أن دول مجلس التعاون الخليجي إلى جانب عدد من الدول في مجموعة العشرين مثل الصين يمكن أن تلعب دور القاطرة في إعادة الانتعاش للتجارة العالمية من خلال الميزانيات الإنفاقية التوسعية التي تبنتها، وهو الأمر الذي يعني زيادة الطلب الداخلي على السلع والخدمات المستوردة من الخارج لتلبية احتياجات المشاريع العمرانية والطاقة وغيرها المرصودة ضمن تلك الميزانيات. كما أن الصين التي فاقت نسبة نمو اقتصادها 6 في المائة في ظل الأزمة الراهنة تمثل هي الأخرى قاطرة للانتعاش من خلال عودة الطلب القوي على النفط وغيره.
ووفقا للبنك الدولي، فقد أبدت معظم دول مجلس التعاون الخليجي، عزمها مواصلة خطط الإنفاق والاستثمار دون تغيير، مشددا على ضرورة أن تعزز الحكومات تنظيماتها وإجراءاتها من أجل تفادي الوقوع في أزمة مشابهة في المستقبل، مؤكدا في ذلك زيادة حجم الإنفاق والحفاظ على مستويات النمو. هكذا، فعن طريق مواصلة الإنفاق، تساهم البلدان الخليجية في دعم الطلب العالمي بنسبة كبيرة ومتنامية، وتقوم بدور الحافز على تحقيق الاستقرار خلال مرحلة الهبوط العالمي.
وتشير كل البيانات المتوافرة إلى أن معظم دول المجلس سعت للمحافظة على ميزانيات توسعية لعام 2009 بغض النظر عن الأوضاع الاقتصادية السائدة وتحقيق العجز المالي ففي المملكة العربية السعودية، صدرت الميزانية العامة للمملكة لعام 2009 بزيادة قدرها 17 في المائة عن عام 2008 وبلغ حجم الإنفاق المتوقع 475 مليار ريال والإيرادات المتوقعة 410 مليارات دولار بينما سوف يبلغ العجز 65 مليار ريال وسف يتم تغطيته من خلال فوائض الأعوام السابقة. تشير أغلب التوقعات إلى تبني المملكة.
وفي الإمارات، راوحت الميزانية العامة للدولة لعام 2009 ما بين 45 مليار درهم و47 مليار درهم بزيادة نسبتها 30 في المائة إلى 35 في المائة على ميزانية عام 2008 بحسب ما أفادت مصادر صحافية، ويستهدف مشروع الميزانية تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين وإعطاء الأولوية لمشاريع التربية والتعليم والصحة والخدمات الاجتماعية، كما ستحافظ الميزانية على مبدأ التوازن بين النفقات والإيرادات للعام الخامس على التوالي، ويتضمن مشروع الميزانية عدداً من المشاريع الاستثمارية، التي تخدم مختلف قطاعات المجتمع.
وقالت وزارة المالية الكويتية إن ميزانية الكويت للسنة المالية 2008-2009 تتوقع عجزا قدره 5.12 مليار دينار، وقالت الوزارة إن مشروع الميزانية يحدد حجم النفقات عند 17.9 مليار دينار، وتبدأ السنة المالية في الكويت في الأول من نيسان (أبريل)، ويتوقع المشروع أن يبلغ إجمالي العجز الذي يشمل تخصيص 10 في المائة من إيرادات الدولة لصندوق للأجيال المقبلة يديره الذراع الاستثمارية للحكومة 6.39 مليار دينار، وقدرت الإيرادات النفطية عند 11.65 مليار دينار.
وقال البنك الدولي إن التجارة العالمية تعاني في الوقت الراهن كثيرا من الصعاب من جراء الأزمة المالية العالمية، وذلك كما لو كانت قاطرة تحاول صعود تل شديد الانحدار فالصادرات آخذة في الانخفاض، والشركات تسرح عمالها، وبعضها يغلق أبوابه، وفوق هذا وذاك فإن شحم التزييت الذي يسهل دوران عجلات قاطرة التجارة العالمية يكاد يكون قد نضب، إلا أن الدول التي حافظت على معدلات إنفاقها تقدم شحم الزيت لعودة تلك القاطرة للتحرك.
وأضاف التقرير أن إيجاد حل لهذه المشكلة شكل إحدى القضايا الأساسية أمام مؤتمر قمة مجموعة العشرين، حيث أعلنت مجموعة العشرين أنها ستعمل على ضمان توافر ما لا يقل عن 250 مليار دولار من أجل تمويل التجارة على مدى السنتين المقبلتين، وذلك من خلال وكالات ائتمان الصادرات وهيئات تشجيع الاستثمار، وبنوك التنمية المتعددة الأطراف.
وستنضم مجموعة البنك الدولي وعديد من الشركاء الآخرين إلى هذا الجهد من خلال إطلاق برنامج جديد لتوفير السيولة للتجارة العالمية يمكنه مساندة أنشطة تجارية بقيمة تصل إلى 50 مليار دولار.
وفي هذا الصدد، قال روبرت ب. زوليك، رئيس مجموعة البنك الدولي، "نرحب بتلك الدرجة الكبيرة من التعاون بين مؤسسات القطاعين العام والخاص بما يسمح لنا بالتكاتف معاً لإطلاق برنامج توفير السيولة للتجارة العالمية من أجل البلدان النامية".
وترسم توقعات جديدة للبنك الدولي لعام 2009 صورة قاتمة للعام الجاري وضعف الانتعاش الاقتصادي في عام 2010، ويتوقع تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية لعام 2009 حدوث تباطؤ في نمو إجمالي الناتج المحلي في بلدان العالم النامية إلى 2.1 في المائة في عام 2009 مقابل 5.8 في المائة في عام 2008، ومن المتوقع أن ينكمش معدل النمو العالمي ككل ليصل إلى 1.7 في المائة، وهذا هو أول تراجع في الناتج العالمي منذ الحرب العالمية الثانية.
ويتوقع البنك الدولي حالياً انكماشاً بنسبة 6.1 في المائة في عام 2009 في حجم التجارة العالمية في السلع والخدمات، وستواصل قيمة التجارة العالمية انهيارها جراء انخفاض أسعار السلع الأولية.
وفي هذا الصدد، يقول برنارد هوكمان، مدير إدارة التجارة الدولية في البنك الدولي، "لقد هبطت إحصاءات التجارة في واقع الأمر بصورة حادة، خاصة فيما يتعلق بالبلدان والشركات المتخصصة في السلع المصنعة والإلكترونيات والملابس".
وبعد أكثر من ثمانية أشهر منذ اندلاع الأزمة المالية الراهنة، أدى تقلص الطلب العالمي على السلع والخدمات إلى انخفاض قيمة التدفقات التجارية بأكثر من 1.5 تريليون دولار، ويرجع السبب في هذا الانخفاض في جانب منه إلى زيادة تكاليف تمويل التجارة فضلاً عن انخفاض توافر هذا التمويل، ومن الواضح أن نقص تمويل التجارة يشكل عائقاً حقيقياً أمام المصدرين في عدد من بلدان العالم التي لم يعد بمقدورها ببساطة الحصول على النوع نفسه من التمويل الذي اعتادوا الحصول عليه في السابق.

الأكثر قراءة