رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


المصارف التجارية بين الملكية العامة والخاصة

حاولت مجموعة من الاقتصاديين في البنك الدولي الإجابة عن مجموعة من التساؤلات حول مدى تأثر أنشطة المصارف التجارية بالتعديل في ملكية أسهمها من القطاع العام إلى الخاص، ومدى اختلاف أدائها، وحدود جدوى تعديل نوعية الملكية، ومدى تأثر ربحية أسهمها عن طريق الطرح العام أو دخول مستثمر استراتيجي، ومدى الانعكاسات على القطاع المصرفي، بشكل خاص والاقتصاد الوطني، بشكل عام.
أجيبت هذه التساؤلات عن طريق دراسة الانعكاسات الاقتصادية على أداء 33 بنكا تجاريا تم تخصيصها في 16 دولة نامية. وزعت عينة الدراسة على ثلاث مجموعات. الأولى مجموعة شرق أوروبا، وشملت كلا من بلغاريا، كرواتيا، جمهورية التشيك، المجر، بولندا، ورومانيا. والثانية مجموعة شرق آسيا، وشملت كلا من إندونيسيا، كوريا، ماليزيا، الفلبين، وتايلاند. والثالثة شملت كلا من باكستان، نيجيريا، المكسيك، البرازيل، والأرجنتين.
من نتائج البحث أن أداء المصارف التجارية المخصصة بشكل جزئي يكون أقل تواضعا في مجال إدارة العوائد على الأصول، وحقوق المساهمين من أداء المصارف التجارية المخصصة بالكامل. كما أن المصارف التجارية المخصصة عن طريق البيع المباشر على شريك استراتيجي تحظى بإدارة تشغيلية أفضل من تلك الموجودة في المصارف التجارية المخصصة عن طريق الاكتتاب العام.
كما توصلت الدراسة أيضا إلى أن تأثير عملية التخصيص في مستوى السيولة في الاقتصاد المحلي يكون أكبر عندما تتم عملية التخصيص عن طريق البيع المباشر إلى مستثمر أجنبي، عوضا عن مستثمر محلي، أو اكتتاب عام. وأخيرا وليس آخرا، إن زيادة التنافس في القطاع المصرفي مرتبطة بزيادة حصة الشريك الأجنبي في القطاع، عطفا على منهجية الشريك الأجنبي المغايرة عن منهجية الشريك المحلي في إدارة الائتمان، والمخاطرة المالية.
نتائج البحث جديرة بالتأمل كون أن الاقتصاد السعودي يضم في طياته مجموعة من المصارف التجارية تشكل ملكيتها كشراكة بين القطاعين العام والخاص. وفي الوقت ذاته فهذه ليست دعوة للمقارنة البينية مع نتائج الدراسة، ولكنها في الوقت ذاته دعوة للمقارنة الشمولية والتفكير بصوت مسموع حول انعكاسات تعديل ملكية أسهم المصارف التجارية على الاقتصاد المحلي.
إن مدارسة تاريخ تعديل ملكية المصارف التجارية السعودية بين القطاعين العام والخاص ومقارنته بنظرة شمولية مع الوضع الاقتصادي للمصارف التجارية المخصصة في الدول موضوع الدراسة أعلاه توضح أن قدرة الاقتصاد السعودي في استيعاب عملية مواصلة تعديل ملكية أسهم المصارف التجارية هي فكرة جديرة بمواصلة مراجعتها. فالشواهد التاريخية أوضحت فعالية نظام الاقتصاد السعودي المصرفي مما يعطي مؤشرا إلى أن استبعاد الشريك الاستراتيجي في عملية التخصيص قد يكون أفضل من الناحية الإدارية، والتشغيلية، والتنافسية.
أضف إلى ذلك عاملين مهمين. العامل الأول، أن مستوى دخل الفرد في اقتصادات تلك الدول، باستثناء كوريا، يراوح من متوسط إلى منخفض. هذه الحقيقة أدت إلى عدم جدوى تخصيص مصارفها التجارية عن طريق الاكتتاب العام لتواضع قدرة الفرد على ضخ السيولة اللازمة. مقارنة بمستوى الاقتصاد السعودي، فإن مستوى دخل الفرد يصنف، وحسب معايير البنك الدولي، على أنه ذو دخل متوسط إلى عال. نستخلص من هذه الحقيقة أن قدرة الفرد السعودي على ضخ السيولة اللازمة في عملية التخصيص أكبر من تلك الموجودة في اقتصادات تلك الدول.
والعامل الثاني، أن العمق المالي للأسواق المالية في تلك الدول يختلف عن ذلك الموجود في السوق المالية السعودية. حيث واجهت تلك الدول عديدا من التحديات الاقتصادية خلال مرحلة التخصيص. منها انهيار الاتحاد السوفياتي وتأثيره في اقتصادات دول شرق أوروبا، أو أزمة أسواق المال الآسيوية وانعكاساتها السلبية على اقتصادات دول شرق آسيا. وبالمقارنة، نجد أن نظام السوق المالية السعودية وأداءها في وضع أفضل من ذلك الموجود في اقتصادات تلك الدول إبان فترة التخصيص.
تتباين ملكية المصارف التجارية بين ملكية عامة يتملك القطاع العام جميع أسهم المصارف التجارية، أو ملكية خاصة يتملك القطاع الخاص جميع أسهم المصارف التجارية، أو ملكية مشتركة يتملك كلا القطاعين العام والخاص جميع أسهم المصارف التجارية. وتتباين في الوقت ذاته درجة أداء المصارف التجارية بين جيدة ومتواضعة. وعلى الرغم من أهمية أداء المصارف التجارية في الاقتصاد المحلي، إلا أن العلاقة بين الأداء والملكية لم تأخذ حجمها من النقاش والمداولة فيما من شأنه الإسهام في استدامة نمو درجة الأداء، أو على أقل تقدير تحسينها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي