ترشيح المملكة لعضوية مجموعة الثماني الكبرى إقرار بالنقلة التنموية النوعية
في الوقت الذي تُلقى فيه الأزمة المالية والاقتصادية العالمية بظلالها الكثيفة والقاتمة على مختلف أرجاء المعمورة ويتعرض فيه كثير من المؤسسات المالية والصناعية العالمية العريقة للإفلاس والإغلاق، يدشن خادم الحرمين الشريفين في الأسبوع الماضي في المنطقة الشرقية عددا من المشاريع التنموية والصناعية المهمة في مدينة الجبيل الصناعية تزيد استثماراتها على 54 مليار ريال.
لقد جاء التدشين لهذه المشاريع الجديدة في سياق الجهود التي تبذلها المملكة لبناء قاعدة صناعية كبرى تنطلق من الميزة النسبية التي تتمتع بها المملكة إلى الميزة التنافسية، وهو ما تحقق بالفعل إلى حد بعيد وتأهل معه عديد من الشركات الوطنية في مقدمتها أرامكو وسابك لاحتلال أعلى المراتب في التصنيف العالمي، وبعد أن كانت المملكة خلال السنوات الأولى التي تلت اكتشاف النفط تصدر منتجاتها وخاصة النفطية في شكلها الخام نجحت من خلال هذه القاعدة الصناعية في تعظيم القيمة المضافة لهذه المادة الخام وأصبح لديها قطاع للتبروكيماويات على أرقى المستويات العالمية.
وفي إصدارها الأخير الذي حمل عنوان "المسيرة التنموية" تؤكد وزارة الاقتصاد والتخطيط أن التحولات والإنجازات العملاقة التي شهدها القطاع الصناعي للمملكة محصلة منطقية لعملية التخطيط وإعداد الاستراتيجيات واضحة الأهداف.
ويشير الإصدار إلى تطور مؤشرات القطاع الصناعي في المملكة، موضحا ارتفاع القيمة المضافة المحققة للقطاع من 8.3 مليار ريال عام 1389هـ الموافق 1969م، إلى نحو 102.6 مليار ريال في عام 28/1429هـ الموافق 2008، بالأسعار الثابتة، محققا بذلك معدل نمو سنوي متوسط بلغ 4.2 في المائة خلال تلك الفترة.
#2#
كما ارتفع عدد المصانع العاملة في المملكة إلى نحو 4167 مصنعا في عام 28/1429هـ الموافق 2008، وتركزت معظم الصناعات في صناعة المنتجات المعدنية الأساسية واللافلزية، يليها، مصانع المنتجات الغذائية والمشروبات، ثم المطاط واللدائن فالمواد والمنتجات الكيماوية وتتوزع باقي الصناعات بين نحو 17 فرعا من فروع الصناعة المختلفة.
ومما يعكس أهمية القطاع، ارتفاع قيمة إجمالي رأس المال المستثمر في الصناعة في عام 28/1429هـ 2008، حيث بلغ نحو 359.5 مليار ريال.
كان نصيب صناعة المنتجات البترولية منها نحو 145.2 مليار، بنسبة 40.4 في المائة من مجموع التمويل الصناعي، يلي ذلك صناعة منتجات المعادن الأساسية واللافلزية التي استحوذت على نحو 83.5 مليار ريال، بنسبة 23.2 في المائة، ثم صناعة المنتجات الغذائية والمشروبات التي قدرت قيمة الاستثمارات فيها بنحو 351 مليار ريال، ما يعادل 9.8 في المائة. وضخ ما قيمته 37.9 مليار ريال في صناعة المواد والمنتجات الكيماوية، وهذا يشكل نسبة 10.5 في المائة من مجموعة الاستثمارات في القطاع.
وكان التمويل المقدم للقطاع الصناعي، يتم من خلال رافدين أساسيين، الأول يتمثل في صندوق التنمية الصناعية السعودي، الذي ارتفع إجمالي إقراضه للصناعية السعودية إلى ما يزيد على 75.6 مليار ريال بنهاية عام 28/1429هـ الموافق 2008، وقد توزع الإقراض بين القطاعات الصناعية بشكل متوازن ومتوافق مع خطط التنمية.
أما الرافد الثاني، فهو البنوك التجارية العاملة في المملكة التي بلغت حصة قطاع الصناعة من إجمالي قروضها نحو 10.7 في المائة في عام 28/1429هـ الموافق 2008م.
وعلى صعيد القوى العاملة الصناعية، فقد بلغ عدد العاملين في قطاع الصناعة حسب بحث القوى العاملة لعام 28/1429هـ الموافق 2008، الصادر عن مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات 525 ألف عامل.
الاستراتيجية الصناعية
وعن الاستراتيجية الصناعية للمملكة يوضح الإصدار أنها تستهدف تعزيز القدرات التنافسية وتنويع قاعدة الإنتاج وزيادة الصادرات الصناعية، وهي ترتكز إلى عديد من الأسس الرئيسة المتمثلة في التأكيد على أهمية قطاع الصناعة التحويلية في تنويع الاقتصاد الوطني، والتقليل من أثر التقلبات الخارجية في الاستقرار الاقتصادي، وزيادة إسهامه في النمو الاقتصادي وتشغيل الأيدي العاملة، وتحقيق التنمية المستدامة والمتوازنة في كل مناطق المملكة، والإسهام في تحسين مستويات المعيشة، والمشاركة في تطور الاقتصادات الخليجية وزيادة التعاون الاقتصادي العربي والإقليمي والدولي.
وتستهدف الاستراتيجية الوطنية للتنمية الصناعية بحلول عام 41/1442هـ الموافق 2020، تحقيق نقلة نوعية حقيقية في عديد من الجوانب للقطاع الصناعي أهمها تطوير تقنيات الإنتاج وتنويع المنتجات الصناعية، مع تحفيز الصناعات ذات الميزة النسبية وتلك المكملة لها، ونقل وتوطين التقنيات المناسبة، وتطوير المهارات اللازمة للنهوض بالقطاع الصناعي، وتحديث أداء الأعمال والأنظمة والإجراءات الصناعية إلكترونيا، واستقطاب الاستثمارات الوطنية والأجنبية بهدف زيادة القيمة المضافة للصناعات المستهدفة، وبناء قواعد معلومات صناعية تحقق التشابك والتكامل الصناعي، وتطوير برامج تطبيقية لتفعيل المواصفات القياسية، والعمل على تحسين الجودة بهدف تسهيل النفاذ إلى الأسواق الخارجية، إضافة إلى تشجيع الاستثمار في تطوير البنية الأساسية للمدن الصناعية ومناطق التقنية، مع العناية بتطوير الصناعات الصغيرة والمتوسطة والصناعات الحرفية والتقليدية.
ومع إنجاز الاستراتيجية بنهاية عام 41/1442هـ الموافق 2020، فإن من المتوقع تحقيق زيادة مهمة في معدلات النمو، منها رفع القيمة المضافة الصناعية بنحو ثلاثة أضعاف، والتمكن من رفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 20 في المائة، وزيادة نسبة المنتجات الصناعية ذات القاعدة التقنية إلى 60 في المائة، وزيادة حصة الصادرات الصناعية إلى نحو 35 في المائة، وزيادة الصادرات ذات القاعدة التقنية إلى 30 في المائة، وزيادة نسبة العمالة الصناعية السعودية إلى 30 في المائة، والتمكن من تبوؤ مرتبة أفضل (30 على الأقل) بين الدول الصناعية في سنة الهدف.