مؤتمرات تقنية المعلومات وأمنها .. إلى أين؟
ستقيم رئاسة الاستخبارات العامة مؤتمرا لتقنية المعلومات في الفترة 22- 25 شوال من هذا العام 1428هـ الموافق "3 - 6 تشرين الثاني (نوفمبر) 2007م"، ويعتبر هذا المؤتمر أول مؤتمر عام في هذا المجال تنظمه الرئاسة منذ تأسيسها قبل خمسين عاماً. لقد حددت اللجنة المنظمة لمؤتمر تقنية المعلومات والأمن الوطني موعداً أخيرا لإرسال ملخصات الأبحاث المرتبطة بمحاور المؤتمر، وقد أعطيت الفرصة لإرسال أوراق العمل في مواعيد محددة، وحسبما وضع له, وقد تمت دعوة الرئاسة أيضا لعقد لقاء مفتوح في 27 من شعبان الموافق 9 أيلول (سبتمبر) 2007 مع الاعلاميين والكتاب وأصحاب الفكر لإتاحة الفرصة للتحاور بما يخدم تشجيع توطين هذه التقنيات في خدمة الأمن الوطني بمفهومه الشامل, وحفظ التواصل بين المؤسسات الأمنية والباحثين والخبراء في مجال تقنية المعلومات والاتصالات, ورصد إيجابيات وسلبيات التقنية, وإطلاع العاملين في المؤسسات الأمنية على الابتكارات الحديثة في مجال تقنية المعلومات الأمنية. إن عدم تمكني من حضور هذا اللقاء يلقي علي مسؤولية المشاركة عرفانا بالتقدير الذي حظيت به بدعوتي للحضور وواجب وطني أشعر أن علي أدائه لوطني الكريم المعطاء.
كما نشر في الصحف وموقع المؤتمر على الإنترنت فقد هدفت الرئاسة للتواصل المباشر مع الباحثين والمهتمين بتقنية المعلومات الحديثة، إضافة إلى فئات المجتمع المختلفة حرصا منها على إثراء الجانب المعرفي وزيادة الخبرات المكتسبة لدى منسوبي الرئاسة ومنسوبي أجهزة الأمن الوطني, وقد جاءت محاور المؤتمر الرئيسة الخمسة والفرعية "الثلاثين" شاملة لجوانب عدة، وعكست جهدا جبارا لا يستهان به أبدا. مما قرأت تبادرت إلى ذهني عدة أسئلة وبعض المداخلات التي أتمنى أن تجد صدى لدى اللجان المختصة لإثراء التساؤلات أثناء انعقاد المؤتمر فتتحقق الفائدة بشمولية عند تحرير التوصيات ومن ثم تنفيذها. في البداية نعلم أن المؤتمر يسلط الضوء على موضوع حيوي جدا وحساس وهو أمن المعلومات, ولكن هل سيحقق أو يدفع إنجازات الخطة الوطنية التي تم ترسيمها قبل عامين ولم يحدد بعد أي تقييم لما تحقق منها لنقول إننا نسير في الاتجاه الصحيح؟. هذا يعني هل سنرى بنهاية انعقاد المؤتمر ولادة السياسة الوطنية للمعلومات، التي إن وجدت الآن، فهي عبارة عن مواد وفقرات في أنظمة جهات متعددة تحتاج من وجهة نظري إلى تنسيق أكثر، ويتم إيكالها والاهتمام بمتابعة تنفيذها من قبل جهة واحدة فقط. إن من فوائد هذا التوجه وفي هذا الوقت بالذات أن يتم تحديد دور كل من يشتغلون بالمعلومات من صناع القرار حتى المستفيدين, كما سيتم تنظيم عمل القطاعات الخدمية وتنسيق جهودها لخدمة المواطن والمقيم, وبالطبع سيكون هناك تأصيل وتوكيد على احترام الحقوق الفردية والمؤسساتية معلوماتيا, وسيؤدي ذلك إلى حصر كل مصادر المعلومات والاستفادة منها في صنع القرارات البناءة للوطن في شتى المجالات. أقترح ونحن في أوج نشوة التطور الاقتصادي أن يتبنى المؤتمر وضع أسس خطط تنفيذية فيها يتم إنشاء مواقع افتراضية وتفاعلية تساعد النشء والشباب وغير الممارسين على فهم واقع أمن المعلومات وكيفية التعامل معه بوطنية صادقة, سواء كانوا منسوبين لجهات مختلفة أم صغار السن أم عاطلين عن العمل, فنركز على كيفية الاستعداد لمواجهة أزماتنا مهما تنوعت وتعددت ولتزداد معها قوة التلاحم والترابط بين أفراد المجتمع. إننا في الواقع نريد أن يكون للفرد دور أكبر في كيفية التعامل مع المعلومة بعد أن يتعلم نظام سيرها ومستويات الانسيابية فيها وكيفية التفريق بين أنواعها كالخصوصية والشخصية والسرية ... إلخ, وإذا لم يكن ذلك ممكنا تغطيته خلال المؤتمر فيمكن تكليف من لديه القدرة على عمل ورش توضيحية لذلك في أوقات لاحقة تسهم في تسريع تمكين المجتمع من ذلك. من ناحية أخرى, لأنه مازالت لنا قدم في هذا الزمن وستكون لنا قدم في زمن أجيالنا, ليتنا نكشف ونوضح ونعالج الوضع المعلوماتي برمته لتأهيل الأجيال القادمة لقيادة مستقبلهم بأمان، فنسهم في حفظهم واستمرار النماء والرخاء باستدامة بإذن الله, ففي توجيه الخطاب وتكريس الجهود في توعية المرأة التي مازالت تحتاج إلى جرعات كبيرة لتتمكن من استخدام التقنية, ومن ثم تعريفها بماهية وأساليب الجرائم الإلكترونية ستتمكن من تطوير مهاراتها لتكون عينا ورقيبا على أبنائها فتحميهم من الزلل. كما أنها ستعود أبناءها منذ نعومة أظفارهم على تحدي الخطر القادم من الخارج وحماية المجتمع من الداخل، فتشكل مجتمعا هو في حد ذاته الجهات الأمنية الذي يتعاون مع الجهات المعنية بكشف كل بوادر الاختلال، وما هو خارق للنظام فنكون كأفراد ومؤسسات يدا واحدة ضد أي نوع من الفساد أو التخريب.
إن مؤتمرا مثل هذا لا شك أنه إضافة إلى مجال دراسة تقنية المعلومات وإيضاح جيد لكيفية تأمين العقول ضد إخفاقات ضعاف النفوس أو المغرضين, وما يجب التنويه عنه هو أن رئاسة الاستخبارات العامة أعلنت عن مستوى من الشفافية سام ورفيع، وقدمت أفضل الدروس في التواصل مع المجتمع وتقدير الإنسان كفرد عامل ومنتج ولا غنى عنه. لذلك أتوقع أن تسير الأجهزة الأخرى على النهج نفسه وبتسارع كبير لتكسب منا عظيم الإجلال والتقدير, فهدفنا جميعا تأمين حياة كريمة تتنامى جيلا بعد آخر وتستمر في صناعة تاريخ مجيد بإذن الله.