هل إنتاج البتروكيماويات من لقيم غير الإيثان مجد اقتصادياً في المملكة؟
ينمو الطلب العالمي على الإيثيلين بنسبة 4 إلى 5 في المائة، وأما نسبة النمو في الصين فسوف تتعدى 10 في المائة، حيث يقارب النمو في الصين عام 2010م النمو في آسيا بأكملها، ويتوقع أن يصل الطلب الصيني على الإيثيلين إلى 25 مليون طن تنتج منها نحو 14 مليون طن، وسوف تستورد نحو 11 مليون طن. هذا يعني أن نمو الطلب العالمي على الإيثيلين سيستمر مدفوعا بنمو الاقتصاد العالمي وزيادة عدد سكانه واستمرار النمو العالي للصين على وجه الخصوص.
وبحسب تقرير شعاع (2007م)، فإن 40 في المائة من الزيادة القادمة لإنتاج الإيثيلين ما بين 2005 و2010م ستأتي من دول الخليج العربية وإيران. ويعرض الجدول رقم 1 تبادل الأدوار في إنتاج الإيثيلين بين كل من دول العالم الصناعي (أمريكا وأوروبا الغربية) ودول الشرق الأوسط (دول الخليج العربية وإيران) والصين، إذ إنه من الواضح أن حصتي أمريكا وأوروبا العالمية من الإيثيلين تتراجع لصالح دول الشرق الأوسط والصين. وتتراوح استعمالات الإيثيلين ما بين صنع المواد البلاستيكية (البولي إيثيلين أهم الاستعمالات على الإطلاق كما يعرض جدول 2)، واستخدامه في إنتاج مواد تشكل العمود الفقري لإنتاج مواد مهمة مثل مادة PVC ومادة البولي ستايرين، ويدخل الإيثيلين أيضا في كثير من الصناعات الكيميائية والبتروكيماوية المهمة.
يأتي معظم إنتاج المملكة والخليج بشكل عام من الإيثيلين من غاز الإيثان المصاحب لإنتاج النفط بعد فصله عن الغازات الأخرى. الحقيقة أن إنتاج الإيثيلين من غاز الإيثان مغر ومربح اقتصاديا، وكذلك يعد إنتاجه من الناحية التقنية مريح وتفاصيله معلومة. وعليه فمن المتوقع أن تزداد طاقة المملكة بنحو سبعة ملايين طن بإنشاء ستة مصانع حديثة لتكسير الإيثان، وبطاقة تراوح المليون طن سنوياً.
لفهم صناعة الإيثيلين يجب الإلمام بأساسياتها الكيميائية والاقتصادية، إذ إن كل 100 طن من الإيثان (اللقيم) ينتج عنها نحو 80 طن إيثيلين والباقي غازات مختلفة من الهيدروجين والميثان والبروبيلين وغيرها والتي لا قيمة اقتصادية لها، وذلك بحكم إنتاجها بكميات قليلة وغير اقتصادية.
تملك معظم مصانع الإيثيلين الحديثة في المملكة والخليج قدرة تتعدى المليون طن سنويا، فلو أن مصنعاً ما سعته 1.2 مليون طن سنوياً من الإيثان فهذا يعني أن كمية الإيثيلين المنتج سنوياً هو نحو مليون طن. ولو افترضنا لتبسيط المسألة أن تكلفة رأسمال الاستثمار الأصلية لإنتاج هذه الكمية من الإيثيلين 1.5 مليار دولار، كما أن سعر 1.2 مليون طن من الإيثان (اللقيم) في المملكة نحو 44.5 مليون دولار، وتكلفة إنتاج الطن من الإيثيلين ما بين طاقة ومنافع وأيد عاملة نحو 150 دولارا للطن، أي أن إنتاج مليون طن يكلف 150 مليون دولار ونسبة 5 في المائة كنسبة تقادم أو تهالك المنشات أي 75 مليون دولار.
وبهذا يكون إجمالي تكاليف إنتاج طن الإيثيلين نحو 300 دولار، أي أن تكلفة إنتاج مليون طن يقارب نحو 300 مليون دولار. أما بالنسبة للمبيعات فتتمثل في بيع المليون طن من الإيثيلين بسعر متوسط 1000 دولار للطن، أي أن مبيعات السنة الأولى قد تقارب المليار دولار، ما يعني أن الربح السنوي سيكون نحو 700 مليون دولار (يجب ملاحظة أن هذا الربح يزداد بزيادة الطاقة الإنتاجية، ومن أجل ذلك نرى أن الطاقة الإنتاجية في منطقة الخليج العربي في ارتفاع مستمر، انظر جدول (3). وعليه لو قسمنا الربح السنوي على رأس المال لوجدنا أن المستثمر يستطيع أن يسترد رأس ماله في حدود ثلاث سنوات، وهى مدة قياسية ونادرة.
تبقى العقبة الكبرى في الحصول على لقيم الإيثان، إذ إن معظم الإيثان في منطقة الخليج العربي قد تم تخصيصه واستغلاله في الصناعات الحالية بحيث أصبح الحصول عليه ليس بالأمر الهين. ولكن كما هو معلوم أن الإيثيلين يمكن إنتاجه بواسطة طرق مختلفة، منها مثلاً عن طريق تكسير غاز البترول المسال LPG أو عن طريق تكسير النافثا، فعلى سبيل المثال معظم إنتاج الصين ودول الاتحاد الأوروبي واليابان وكامل إنتاج كوريا الجنوبية للإيثيلين يأتي عن طريق تكسير النافثا.
يحكم استعمال نوع معين من اللقيم هذا سواء الإيثان أو غاز البترول المسال أو النافثا عدة أمور، أهمها: توفر اللقيم بكميات تجارية، أسعار اللقيم (غالباً ما تكون مرتبطة بأسعار النفط العالمية)، ونوعية المواد المراد إنتاجها مع الإيثيلين (أهم المواد المنتجة من عمليات التكسير هي البروبيلين والعطريات).
وتعتبر المملكة من أكبر الدول المنتجة والمصدرة لغاز البترول المسال في العالم، أما بالنسبة للقيم النافثا فالإعلان عن إقامة المصافي الجديدة في المملكة، إضافة إلى توسعة المصافي الموجودة أصلا جدير بأن يجعل المملكة من أكبر الدول في العالم إنتاجاً للنافثا في غضون السنوات الخمس المقبلة. ولكن يبقى السؤال: هل إنتاج الإيثيلين في المملكة بواسطة لقيم غاز البترول المسال أو النافثا مغر تجارياً مثل استخدام لقيم الإيثان؟ هذا ما سوف يتم مناقشته في المقالات المقبلة إن شاء الله.