من يقرأ تطورات سوق النفط السعرية؟
كان الأمر في غاية السهولة: تتم قراءة التقارير الخاصة بمعدلات المخزون الأمريكي من النفط الخام والمنتجات المكررة التي تصدر كل يوم أربعاء، وإذا كان حجم المخزون مرتفعا تراجع سعر البرميل، وإذا كان منخفضا جاء رد الفعل ارتفاعا سعريا.
لكن الوضع بدأ يختلف، فبعد ردة الفعل الأولية بساعة أو ساعتين تبدأ تحركات أخرى صعودا أو هبوطا متجاوزة الأرباح أو الخسائر التي حققتها وربما تتحول إلى النقيض تماما.
ويقول بيتر بويتل المحلل النفطي في شركة كاميرون هانوفر، إن مثل هذه المراجعات السعرية تحصل في 70 في المائة من الحالات من كل يوم أربعاء. لكن لجعل الأمور أكثر ضبابية ومثيرة للارتباك ما يحدث في اليوم التالي، أي الخميس. فنظريا يفترض أن تستند تحركات سعر البرميل إلى ما جرى من معلومات حول المخزون الأمريكي في اليوم السابق تم استيعابها وهضمها، لكن في واقع الأمر، إن رد الفعل الأولي يأتي من قراءة سريعة لأرقام المخزون تترجم إلى تحركات سعرية فورية قبل أن يتم التمعن في محتواها وبالتالي معرفة إذا كانت تعني تطورا نوعيا أو مجرد تحركات عابرة.
ويرى بعض المحللين أن قراءة تقرير المخزون إذا كان في إطار انتعاش سعري مستمر لفترة شهور أو سنوات، فإن استخلاص اتجاهه إلى أعلى يبدو واقعيا، والعكس صحيح. لكن واقع الحال يشير إلى نوعية مختلفة في تحركات السوق. فعندما يقترب سعر البرميل من 78 دولارا في صيف العام الماضي ثم يهوي إلى نحو 50 دولارا وفي فصل الشتاء، حيث يفترض أن تبلغ الأسعار ذروتها بسبب برودة الطقس ومن ثم زيادة الاستهلاك للوقود، ثم يعاود الصعود في الربع الثاني إلى نحو 65 دولارا للبرميل، وهو الفصل الذي يفترض أن يشهد فيه الاستهلاك ومن ثم الأسعار تراجعا، وهذا ما أدى إلى إطلاق صفة الفوضى المنظمة على ما يجري. ويساعد على هذا أن أرقام المخزون نفسها تعطي إشارات متناقضة أحيانا، فارتفاع أو تراجع حجم المخزون من النفط الخام له دلالات مختلفة عن ارتفاع أو تراجع حجم المخزون من المنتجات المكررة، وبالتالي تتعدد رؤية السوق وتفسيرها ومن ثم ردة الفعل.
إلى جانب هذا, فهناك لعبة "الشائعات"، حيث يتهيأ بعض التجار والمتعاملين في السوق بتحركات على أساس أن الأرقام التي ستنشر يوم الأربعاء ستتجه إلى أعلى أو أسفل، مما يؤثر في الأسعار وعندما تنشر الأرقام الفعلية ويتم هضمها يكون المتعامل قد قضى هدفه وقطف أرباحه.
تعدد آراء الخبراء عن الموضوع تشير إلى الصعوبة في تحقيق توافق يمكن على أساسه بناء توجه عام للسوق، لكن هذا الاضطراب في الرؤية والتفسير يعكس في النهاية اضطراب السوق، التي تتزايد عالميتها ومن ثم أصبحت عرضة لمؤثرات متباينة تتداخل فيها العوامل الجيوسياسية من بلد إلى آخر ناهيك عن أساسيات السوق.