"الأسكوا": ارتفاع حجم التجارة العربية البينية إلى 98 مليار دولار
أكدت "إلاسكو" في تقرير أصدرته حديثا، أن اتفاقية إنشاء منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، كان لها أثر فاعل في زيادة تدفق التجارة العربية البينية حيث ارتفعت من 27.5 مليار دولار عام 1998 إلى 98.1 مليار دولار في عام 2005 ، غير أنها أبانت أن هذا الارتفاع مازال دون طموحات الدول الأعضاء إذ إن حجم التجارة الخارجية العربية (ما عدا النفط) يبلغ 254 مليار دولار، وبالتالي فإن نسبة المبادلات التجارية البينية تمثل نحو 38 في المائة من الإجمالي، كما أنه مازالت هناك مشكلات تعوق التدفق الحر للتجارة العربية البينية مثل القيود غير الجمركية والمشكلات المتعلقة بقواعد المنشأ والإجراءات المؤسسية وآلية فض المنازعات. كذلك فإن اتفاقية تبادل الخدمات لم تفعل بالطريقة التي تؤدي إلى زيادة التبادل بين الدول العربية في مجال تجارة الخدمات التي أصحبت أهم عامل من عوامل زيادة تدفق التجارة الدولية.
قالت "الأسكوا" أنها ستنظم الاجتماع الثاني للخبراء الأربعاء والخميس المقبلين حول المدخل القطاعي للتكامل الإقليمي العربي في مقر جامعة الدول العربية، في القاهرة. ويهدف الاجتماع إلى خلق مركز للخبراء الدوليين والإقليمين والوطنيين، وللهيئات الرسمية ولممثلي القطاع الخاص لتبادل الخبرات ودراسة المعوقات التي تحول دون دعم التكامل الاقتصادي العربي على مستوى القطاعات. والغرض هو تسهيل تبادل الآراء حول كيفية تنمية أربعة قطاعات مهمة لدعم التكامل الإقليمي وهي التجارة البينية، السياحة البينية, الاستثمار البيني، والنقل. وسيتم خلال هذا الاجتماع تحليل النتائج التي توصلت إليها دراسات عن هذه القطاعات من أجل تقديم مجموعة من التوصيات لمتخذي القرار في الدول الأعضاء من أجل الإسهام في دعم التكامل الإقليمي في هذه القطاعات. وسيحضر هذا الاجتماع خبراء متخصصون من الدول الأعضاء ذوو خبرة في القطاعات التي سيتم تحليلها خلال هذا الاجتماع إضافة إلى الخبراء الذين أعدوا الدراسات محل المناقشة وممثلون عن بعض المنظمات المتخصصة في الأمم المتحدة.
وتقول "الأسكوا" في تقرير لها حول الاجتماع، إن تعزيز التكامل الاقتصادي العربي يعد من أهم الأهداف التي تسعى الدول العربية إلى تحقيقها منذ إنشاء جامعة الدول العربية في عام 1945 وإبرام اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية في عام 1957، ثم إنشاء مجلس الوحدة الاقتصادية العربية في عام 1964 بغرض تنفيذ تلك الاتفاقية، وكذلك قرار إنشاء السوق العربية المشتركة الذي اعتمده مجلس الوحدة الاقتصادية العربية في آب (أغسطس) 1964 . وآخر هذه الاتفاقيات، اتفاقية إنشاء منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى بقرار للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، ودخلت حيز التنفيذ الكامل في عام 2005، أي سنتين قبل الموعد المحدد في عام 2007.
ووفقا لتقرير "لأسكو" فإن عدم توافر ترتيبات مناسبة لدعم تدفق الاستثمار بين الدول العربية، يعد من العوائق التي تحول دون زيادة الاستثمار العربي البيني. كما أن هناك مشكلات ما زالت تعوق تدفق السياحة العربية البينية على الرغم من الأهمية القصوى لهذه السياحة في زيادة نمو إجمالي السياحة لهذه الدول. إذ تمثل نسبة السياحة العربية البينية أكثر من 40 في المائة من إجمالي السياحة في عدة دول عربية.
ويرى خبراء اقتصاديون عرب أن اعتماد أغلب اقتصاديات البلدان العربية على إيرادات الجمارك والضرائب لسد احتياجاتها المالية والتنموية يعد أكبر عوامل إعاقة التعاون الاقتصادي العربي.
وسجل عقد الثمانينيات من القرن الماضي قيام تكتلات اقتصادية عربية إقليمية ذات بعد جغرافي، حيث تأسس مجلس التعاون الخليجي عام 1981 بهدف إقامة منطقة تجارية حرة بين دول المجلس. وشهد المغرب العربي تأسيس اتحاد دول المغرب العربي عام 1989 وكان يهدف إلى توحيد التعرفة الجمركية الخارجية وضم كل من الجزائر والمغرب وموريتانيا وتونس وليبيا. كما تأسس مجلس التعاون العربي عام 1988 وضم الأردن ومصر والعراق واليمن.
ولعبت العوامل السياسية دورا أساسيا في إقامة هذه التكتلات والمضمون الذي استندت إليه، إذ نجم عن الأحداث التي مرت بها المنطقة إنهاء مجلس التعاون العربي في مهده بينما حقق مجلس التعاون الخليجي نجاحا لا يستهان به في التكامل الاقتصادي وهو في طريقه لتحقيق الوحدة النقدية مع حلول عام 2010. ولم يكتب لاتحاد المغرب العربي النجاح المأمول في تحقيق أهدافه لأسباب في مقدمتها الخلافات السياسية بين الدول الأعضاء.
كما تم تأسيس برنامج تنمية التجارة العربية البينية الذي يتبناه مجلس الوحدة الاقتصادية العربية بهدف زيادة هذه التجارة إلى 20 في المائة من إجمالي التجارة الخارجية العربية خلال خمس سنوات بدأت في 2003 وتنتهي العام الحالي.
ويضيف هؤلاء أنه على الرغم من أن أكثر من 17 دولة عربية بدأت تطبق منطقة التجارة الحرة، فإن الواقع يؤكد أنها لم تحقق المأمول، وذلك لعدة أسباب كشفت عنها دراسة قام بها مجلس الوحدة الاقتصادية العربية بالتعاون مع المجلس الاقتصادي للجامعة العربية، حيث وجد أن هناك دولاً ترفض دخول منتجات بعض الدول إلى أسواقها خوفاً من الإغراق، كما أنها تفرض رسوماً وتطبق التقييم الجمركي والأسعار المرجعية على الصادرات، بحيث يتم ضبط قيمة تلك المواد في حدود سعر معين وفي أغلب الحالات تفتقد تلك الأسعار المرجعية أدنى مستويات الشفافية والواقعية، وتعد هذه الممارسات من أخطر القيود الجمركية حيث تؤدي إلى إلغاء الامتيازات التي جاءت بها منطقة التجارة الحرة.
وتشير الدراسة إلى أن هناك سفارات أيضا تتقاضى رسوماً للتصديق على شهادات المنشأ ورسوماً أخرى في شكل نسب معينة من قيمة الفواتير والوثائق المصاحبة، وهو ما أثر بشكل كبير في عدم تدفق حجم التجارة البينية، وكذلك كشفت الدراسة عن وجود عوائق أخرى كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر عدم مراعاة بعض الدول الأحكام والقواعد الدولية فيما يتعلق بالأسس الفنية لإجراءات الوقاية ومواجهة حالات الدعم وإجراءات معالجة خلل ميزان المدفوعات وقصور بعض الأنظمة المصرفية على توفير الخدمات اللازمة لحاجات التبادل التجاري، إضافة إلى عدد من القوانين التي تحكم بيئة العمل المصرفي في بعض البلدان، والتي لا تراعي الديناميكية التي تحتاج إليها العمليات التجارية أثر بشكل ما في عدم انسياب حجم التبادل التجاري، كذلك لأن قصر الاستيراد على شركات منتجة للسلع نفسها يؤدي إلى عدم استيرادها لتلافي منافسة إنتاجها، وأيضا توجد دول مازالت تمنح رخصاً لبعض الشركات لتنفرد بتقديم الخدمات المساندة لعمليات الاستيراد والتصدير مما يتيح لهذه الشركات فرض رسوم عالية وغير عادلة للخدمات التي تقدمها مما أثر بشكل كبير في رفع أسعار السلع المصدرة، كذلك تسبب التشدد في الاشتراطات الصحية في بعض الدول العربية وربط منح ترخيص بتحويل مبلغ الاستيراد بتصدير مواد بمبالغ مماثلة وعدم السماح بحصص نقدية لاستيراد السلع وتعدد أسعار الصرف في استمرار تدني حجم التجارة العربية.