الشركات المساهمة و إداراتها التنفيذية
من أدوات تحديد القيمة السوقية للورقة المالية توقعات أرباح الشركة ذات العلاقة. ومن الأدوات المستخدمة لذلك ما يعرف بالتحليل الأساسي، وهو دراسة الظروف المحيطة بالشركة، والمتمثلة في مؤشرات الاقتصاد الوطني، وطبيعة القطاع الذي تعمل فيه، وظروف الشركة ذاتها.
ينقسم التحليل الأساسي إلى نوعين. النوع الأول تحليل "كمّي" يهدف في مجمله إلى تقديم خلاصة "موضوعية" حول الأرباح المستقبلية للشركة، كتحليل الأصول، والربحية، والتدفقات النقدية. والنوع الثاني تحليل "كيفي" يهدف في مجمله إلى تقديم خلاصة "شمولية" حول الأرباح المستقبلية للشركة، كتحليل درجة انفتاح الاقتصاد الوطني، ومرونة القطاع الذي تعمل فيه، وكفاءة الإدارة التنفيذية للشركة، أو ما يعرف بالتحليل الإداري.
فالإدارة التنفيذية هي العمود الفقري لأي شركة ناجحة كون أعضاءها هم من يتخذ القرارات الاستراتيجية التي تؤدي في نهاية المطاف إلى نمو، أو تواضع ربحية الشركة. تقترح أدبيات استراتيجيات الأعمال خمسة عوامل رئيسة لمساعدة المستثمر على تقييم كفاءة الإدارة التنفيذية لشركة ما قبل اتخاذ قراره الاستثماري من عدمه.
العامل الأول: معرفة أعضاء الإدارة التنفيذية القابعين على هرم القطاعات الاستراتيجية في الشركة، كالتشغيل، المالية، تقنية المعلومات، والموارد البشرية، وقبل هذا كله الرئيس التنفيذي. العامل الثاني: الخبرة العملية، المؤهلات الأكاديمية، والمهنية التي يحظى بها كل عضو من أعضاء الإدارة التنفيذية، مدى العلاقة بين هذه الخبرات والمؤهلات، ونشاط الشركة.
العامل الثالث: منهجية فريق الإدارة التنفيذية في قيادة الشركة نحو تحقيق الأرباح. تنتهج بعض الإدارات التنفيذية الأسلوب المرن في الإدارة، وتطبق اللامركزية في اتخاذ القرار، وتعطي الفرصة للغير للمشاركة الفاعلة في إدارة الشركة. وينتهج البعض الآخر عكس ذلك. ولكل أسلوب إيجابياته وسلبياته والفيصل يعتمد على مناسبة الأسلوب لوضع الشركة والظروف التي تمر بها.
العامل الرابع: الفترة الزمنية التي قضاها فريق الإدارة التنفيذية في إدارة الشركة. فقد يعطي ثبات الشركة على إدارة تنفيذية واحدة مؤشرا لنجاح هذه الإدارة في تحقيق أهداف الشركة، والعكس صحيح. بمعنى أن التغيير المستمر غير المبرر في أعضاء فريق الإدارة التنفيذية قد يعطي مؤشرا لتحد يواجه الشركة في إيجاد الأعضاء المناسبين لإدارتها.
العامل الخامس: الكيفية التي أوصلت كل عضو من أعضاء الإدارة التنفيذية إلى هرم الشركة. تساعد قراءة السيرة الذاتية لأعضاء الإدارة التنفيذية على معرفة الدوافع التي أوصلت كل عضو إلى هرم الشركة. منها دوافع منطقية كإنجازاته العملية السابقة، أو مؤهلاته العلمية، والمهنية، أو كل ذلك معا. ومنها دوافع غير ذلك قد تثير التساؤلات عن كفاءة عضو الإدارة التنفيذية في قيادة الشركة.
لا يمكن الوصول إلى خلاصة "شمولية" حول الأرباح المستقبلية للشركة من واقع تقييم كفاءة الإدارة التنفيذية فقط دون الأخذ بعين الاعتبار أمرين رئيسين. الأمر الأول: طبيعة و درجة نضوج المنتج، أو الخدمة التي تنتجها الشركة، والكيفية التي تحقق بها الشركة عوائدها المالية. والأمر الثاني: درجة نضوج القطاع الذي تعمل فيه الشركة، وانعكاسات النضوج على نمو مؤشرات الاقتصاد الوطني.
فهناك قطاعات وصلت درجة النضوج بما يؤهلها إلى المنافسة العالمية، وهناك قطاعات أخرى وصلت عكس ذلك. ودمج الخلاصة "الشمولية" مع الخلاصة "الموضوعية" حول الأرباح المستقبلية للشركة تشكل أرضية منطقية ينطلق منها القرار الاستثماري السليم.