مكافحة عدوى المستشفيات تحتاج لمضاعفة الجهود (2 من 2)
في كل عام تضيف الولايات المتحدة أكثر من ثلاثة مليارات دولار لمكافحة عدوى المستشفيات فكم هي في مخصصات القطاع الصحي لدينا؟ وهل ألزم القطاع الخاص بتزويد وزارة الصحة بالاحصاءات وتحليلها لوضع آليات مراقبة فاعلة للحد من تنامي المشكلة؟ لقد أثبتت إحدى أهم الدراسات أن التسمم الميكروبي للقسطرة الوريدية, اضطر الفرق الطبية على مستوى الدولة إلى علاج 28 ألف حالة مرضية كانت قد احتاجت للقسطرة, مما كلف الدولة إجمالا 1.26 مليار دولار. فهل هذا يعني أن مثل هذه الحالات قد تكلفنا أربعة مليارات ريال؟ وكم هي نسبة الخطأ في التقديرات لنضع رقما يحجم عدد الوفيات جراء ذلك وعدوى المستشفيات بشكل عام؟ الدراسات أيضا أكدت أن مرضى العناية المركزة أكثر عرضة لالتقاط ميكروبات من المرضى السابقين لهم في الغرف نفسها, مع أنها أكثر الأقسام اتباعا للإرشادات الطبية، وأكثرها ضبطا لزيارات المرضى, ولكن ما نتج من التحاليل أن البكتيريا أصبحت تقاوم مفعول العديد من المضادات الحيوية حتى الحديثة منها إلى أن قاد ذلك إلى مشكلة جديدة وهي الإسراف في استخدام المضادات الحيوية والمطهرات التي باتت مشكلة ذات عدة جوانب سلبية. فهل لدينا حجم مشكلة العدوى وتأثيراتها في غرف العناية المركزة وغرف الحضانات... إلخ، في مستشفياتنا وقورنت مع الدراسات الأخرى ونشرت وتمت توعية الكوادر الصحية بها؟ حسب التقارير فالعدوى بالبكتيريا تؤدي إلى وفاة أكثر من 100 ألف شخص في الولايات المتحدة وحدها سنويا. فهل بناء على ما ذكر سابقا وباعتبار التعداد السكاني وعدد الأسرة ومستوى التغطية الصحية وعدد الأسرة ونسبة الإشغال تزيد أعداد الوفيات لدينا جراء عدوى المستشفيات عن سبعة آلاف حالة سنويا؟ ثم كم من الحالات تمكنا من علاجها؟ وكم هي تكلفة ذلك؟ اعتقد أن إدارات اقتصاديات الصحة في القطاعات المقدمة للخدمة الصحية لديها إجابة موثقة علميا, عدا ذلك فالحاجة إلى تكثيف الدراسات وعلى مدى عام كامل يليه عمل دؤوب جدا على مدى ثلاثة أعوام مقبلة لمقارنة النتائج ملحة جدا لنكون على بينة من حجم المشكلة ونتبنى على أثرها الاحتياطات اللازمة من حيث التوعية الصحية سواء للمرضى أو العاملين أو الإجراءات الكفيلة بتصحيح الوضع. من طريقة العمل وآلية التنفيذ يمكن القول تجاوزا إن كثيرا من مديري المستشفيات وبالذات الحكومية لو سئلوا عن تكلفة عدوى المستشفيات البشرية والمادية لكان ردهم وصفيا يفتقر إلى الأرقام الحقيقية الدقيقة. نعلم أن الباحثين أجمعوا على أنه لا توجد طريقة واحدة تصلح لكل المرافق، فمنع انتشار العدوى يتطلب جهوداً عملية وميدانية قد يتم تصميمها حسب حاجة كل مرفق. ولكن هل لدى المستشفيات إحصاءات منشورة في دراسات وتقارير تضع المختصين أمام مسؤولياتهم؟
بيتسي ماكوي المؤسسة للجنة تقليص وفيات العدوى في الولايات المتحدة، تعمل على نشر الوعي الصحي في المجتمع بمشكلة إصابات عدوى المستشفيات, أكدت على أن أكثر الأدلة العلمية تشير إلى أن اتباع ثلاث خطوات بسيطة كفيلة بتقليل نسبة هذه الوفيات ولا تحتاج إلى حساب الفوارق بين المرافق الصحية لتنفيذ أفضل الطرق والخطوات هي:
1- الحرص على غسل اليدين جيداً من قبل الأطباء أو الممرضات قبل ملامسة أي مريض.
2- تنظيف الأدوات المستخدمة في الفحص وكل ما يتعلق بذلك.*
3- التعرف على منْ من المرضى يحمل هذه البكتيريا في جسمه.
هذه اللجنة تصر على أن أهم ما يمكن أن يتم أن يطلب المريض نفسه أو ذووه من الطبيب أو الممرض أن يغسل يديه قبل لمس المريض، وكذلك الطلب من الزوار فعل ذلك. وأكدت الجمعية العلمية القول إن هذه الخطوة هي أهم ما يُمكن فعله لتقليل العدوى بين المرضى. مع أن في ذلك ظن المريض بطلب هذا من الممارس الصحي فيه قسوة عليه وعلى الآخرين من الذين يتعاملون معه ولكن عليه أن يتذكر أن التكلفة الباهظة لعدم اتباع ذلك قد تكون خسارة حياته!. لذلك قد يستدعي الأمر ضرورة تدخل مجلس الخدمات الصحية لتبني برامج وقائية من قبل المرافق الصحية كافة والاهتمام بإدراج المعلومات في التقارير الصحية. ويمكن البدء بـ:
1- تحديد فئات المستشفيات, ورصد معلومات نسبة حصول العدوى الميكروبية في المرافق الصحية, وتنظيم استخدام المضادات الحيوية.
2- تطبيق فحص جميع المرضى المفترض تنويمهم ومن ثم متابعة المنومين ومدد التنويم للحفاظ على سلامة المرضى والعاملين في المستشفيات.
3- إجراء دراسة تشمل المرافق العامة والخاصة كافة وإعداد دليل وطني عام لوضع حد للمشكلة بمحاولة مكافحتها وتقليص نسبها, ومن ثم توزيع هذا الدليل حسبما يرتئي المجلس.
4- متابعة تنفيذ الجولات الدورية ورفع التقارير ربع السنوية والنصفية والسنوية أولا بأول, مع تحديد مواعيد ثابتة لاجتماعات اللجان لإنجاح البرنامج ورفع مستوى الأهمية لدى العاملين.
5- الاهتمام بتطبيق الأساليب الوقائية لمنع أي تلوث له علاقة بنقل الميكروبات عن طريق الدم مثل فيروس الالتهاب الكبدي (سي)، وفيروس العوز المناعي البشري (الإيدز), لإن إعداد المتدربين بدأت في التزايد وإحصائيات بعض الدول العربية تؤكد أن نحو 40 في المائة من الحقن يتم عن طريق أشخاص غير مدربين تدريباً منهجيا جيدا على الخدمات الصحية.
* توعوياً.. فإن مصادر العدوى يمكن أن تكون: أرضية المرفق الصحي, أغطية السرر والمخدات, الستائر الجدارية والفاصلة بين أسرة المرضى, الأسرة ومقابض آلات التحكم فيها, طاولات الوجبات الغذائية وأدوية العلاج, الأبواب والشبابيك ومقابضها, أجهزة التلفزيون وأجهزة التحكم فيها, مفاتيح إضاءة الغرف والممرات, الكراسي بمختلف أنواعها, أجهزة قياس الضغط بما فيها اللفافة القماشية, سماعات الأطباء, وأخرى كثيرة تتطلب وعيا تاما وإرشادات واضحة لمقدم الخدمة قبل المريض وعلينا جميعا التنبه لذلك. نسأل الله السلامة للجميع وندعو أن يكلل الله جهود المسؤولين بالتوفيق.