رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


التميز والإبداع في صناعة المكيفات الصحراوية كصديق للطاقة الخضراء

ما أجمل أن تتميز دولة بصناعة متأصلة فيها ومتناسبة مع بيئتها وحاجة مجتمعها تحت الظروف الصحراوية الحارة التي تعيشها منذ أيام الملاقف حتى المكيفات الصحراوية الحالية. وإذا كان هناك صناعة قد يكتب لنا التميز فيها بعد صناعة النفط فهي في تقنية تبريد الهواء الذي نحن أكثر الناس حاجة إليه وخاصة في صناعة المكيفات الصحراوية التي تعتبر صديقة للطاقة الخضراء التي يتحول العالم ويطالبنا ومجبرين بالتوجه إليها. وهي صناعة قد تكون بدأت عندنا ولكننا لم نطورها منذ أكثر من نصف قرن. وما زالت عبارة عن صندوق من الصفيح ومروحة وعوامة. فمتى نتقدم في هذه الصناعة لنسد حاجتنا ثم لنستطيع تصديرها ونتميز بها كما تميز السويسريون بصناعة الساعات أو الفرنسيون بالعطور وغيرهم. إضافة إلى ما توفره الدولة من مشكلات الطلب على الطاقة الكهربائية حيث إن استهلاك المكيف الصحراوي يعتبر أقل بكثير من وسائل التكيف الأخرى. فلماذا لا نهتم وتهتم الدولة بالموضوع؟ قليل من التمويل والمنح العلمية للبحث والتطوير مع العزيمة والإصرار سيعطي ثماره. وهي صناعة نحن أحوج وأولى بها وتهمنا أكثر من غيرنا فنحن المستفيدون الأولون منها. ولعل الظروف السياسية والتوجه الحالي للطاقة الخضراء والنظيفة يجعلان من هذه الصناعة فرصة لنتميز بها ومحاولة تطوير التقنية ليمكن استخدامها حتى في المناطق الرطبة.

بالطبع فإن التكيف الصحراوي غني عن التعريف به وفوائده ومميزاته الاقتصادية؛ عوضاَ عن أن الظروف الحالية تحتم استعماله، حيث إنه صديق للبيئة خاصة لو طور بحيث يستعمل الطاقة الشمسية. فهو لا يستعمل غاز الفريون الذي يساعد على تلوث الجو. كما أنه يحتاج إلى طاقة كهربائية بسيطة بعكس المكيف الفريون، الذي يستهلك كمية كبيرة من الطاقة. إضافة إلى ما يضيفه التكيف الصحراوي من ترطيب وتلطيف للجو في المناطق الجافة. وهذا له أثره الصحي في التقليل من الأمراض الصدرية أو المساعدة على شفائها. كما أن صوته غير مزعج مقارنة بأنواع المكيفات الأخرى. وفوق ذلك كله فإن تركيبه الداخلي وطريقة تصنيعه ونظامه سهلة للغاية وليس فيها تعقيدات ودوائر ميكانيكية وكهربائية معقدة مثل مكيفات الفريون. وبذلك فإن صيانته أسهل بكثير وغير مكلفة.
وهو أمل الصناعة الذكية للمباني الذكية والمدن الذكية والمباني الخضراء. ويمكن تطويره كأجهزة تكيف مركزية للمباني أو على شكل وحدات منفصلة (باكيجات) من التكيف الصحراوي. ولكنه ما زال كما هو دون تطوير. وهناك عدة إمكانات لتطويره وهي تشمل تغير مادة الصفيح للصندوق الحالي، التي تصدأ بسرعة ولا تحميه من الحرارة الخارجية إلى مادة بلاستيكية مقواة عازلة للحرارة الخارجية ومانعة للصدأ. ومحاولة ضغط حجمه الحالي ليكون في حجم المكيف الفريون بمحاولة تغير نظام القش بنوع من الخزف أو ما يسمى بكويل مثل راديتر السيارات أو وضع مجموعة مزدوجة من الشرائح لكل جانب. وضغط حجم المروحة الحالية مع تطوير حساسات للتحكم في كمية تدفق المياه طبقاً لنسبة الرطوبة في الغرفة. وهذه الخاصية تجعله ممكن استعماله حتى في الأماكن الرطبة طالما أنه يمكن التحكم في نسبة الرطوبة التي يضيفها بالتناسب مع الرطوبة الموجودة في الغلاف الجوي للغرفة أو المساحة المبردة في المناطق الرطبة مثل المناطق الساحلية كالمنطقتين الشرقية والغربية من بلادنا. كما أن وضع خزان المياه في الأعلى يلغي مهمة مضخة المياه الحالية خاصة إذا تم تطويره بحيث يتم تدفق المياه فقط حسب الحاجة وعلى فترات متقطعة يتم ربطها بنفس الحساسات التي ذكرتها سابقاَ.
أوجه التطوير كثيرة ولا يسعنا المجال لطرحها والإمكانات أكثر وفوق ذلك كله فإن تطوير التكيف الصحراوي ليتم استعماله بكميات تجارية وليغلب استعماله على المكيفات الفريون سيؤدي إلى فوائد كثيرة. وإذا كثر استعماله من قبل المواطنين فإن ذلك سيساعد الدولة على توفير ملايين الجهود الكهربائية ويقلل الضغط على محطات الكهرباء، خاصة، وأن نمو المدن والسكان كبير جداَ ولا يمكن تغطية حاجته للكهرباء.
يطالعنا السوق بأنواع جديدة ومبتكرة للمكيفات الصحراوية مصنوعة في اليابان والصين وغيرهما. ولكننا أدرى منهم وأكثر حاجة لتطوير هذه الصناعة لبيئتنا الصحراوية الحارة. فلماذا لا نرى تحالفا واندماجا للشركات الحالية ودخولها مع بعضها في شركة كبرى مع مساهمة القطاع الخاص والمواطنين لرصد رأس مال كاف لتطوير هذه الصناعة جودةَ ومظهراَ.
أليس من المنطقي أن نرى جهودا تبذل وحرصا أكبر من الجهات المسؤولة في الدولة ومراكز الأبحاث والتطوير للتوجه إلى هذه الصناعة. وأن يتم القيام بدراسات جدوى مبنية على أرقام فعلية حالية ومستقبلية للطلب على التكيف الصحراوي حيث إن تطويره سيجعل الإقبال عليه أكبر ويتم دعوة بعض البنوك والشركات الكبرى لدعم هذه البرامج مالياَ. إن تطوير هذه الصناعة سيجعل الطلب عليها أكبر بكثير مما نتصوره. إنها صناعة واعدة وستعمل على توفير فرص عمل لأبنائنا مستقبلاَ، ناهيك عما تسببه أو تقوم به من توفير البلايين للدولة والمواطن. فلماذا لا نرى أي اهتمام بتطوير هذه الصناعة لنكون الرواد فيها؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي