هل هناك التزام بلائحة حوكمة الشركات؟
في تشرين الثاني (نوفمبر) 2006م، أصدرت هيئة السوق المالية لائحة حوكمة الشركات إيماناً منها بواجبها نحو تطوير السوق المالية في ضوء تعاظم الاهتمام الدولي بمبادئ حوكمة الشركات واعتبارها أهم الآليات التي تقيس مدى انتظام السوق المالية وكفاءتها، إلا أن المشكلة الرئيسة تتركز في كونها لائحة إرشادية غير ملزمة للشركات.
على الرغم من ذلك، إلا أننا يجب أن نعترف بوجود تطور ملحوظ وكبير لدى الشركات التزاماً منها بما ورد في اللائحة، حيث يتركز هذا التطور مثلاً في: نوعية المعلومات المعلنة في التقارير السنوية لمجالس إدارات الشركات وكميتها، ارتفاع نسبة إفصاح وشفافية الشركات على موقع تداول، حصول تغييرات جوهرية في مجالس إدارات الشركات نتيجة زيادة نسبة الأعضاء المستقلين وغير التنفيذيين.
في المقابل، نجد جوانب قصور في تطبيق اللائحة سواء من قبل مجالس إدارات الشركات أو من قبل وزارة التجارة والصناعة، حيث تتركز هذه الجوانب مثلاً في: استمرار ظاهرة تسريب المعلومات الداخلية من قبل بعض الشركات، تزايد الشكاوى من مساهمي الشركات من عمليات سلب حقوقهم في حضور الجمعيات العامة والتصويت فيها (كما حصل أخيرا في الجمعيات العامة لشركتي مبرد والشرقية الزراعية، على سبيل المثال لا الحصر).
إن أهم التحديات التي تواجه تطبيق هذه اللائحة يتمثل بلا شك في الآلية التي يتم بها التصويت داخل الجمعيات العامة للمساهمين لاختيار أعضاء مجالس الإدارات حيث تصر وزارة التجارة والصناعة حتى الآن على استخدام طريقة التصويت المزدوج وتتجاهل توصيات لائحة حوكمة الشركات باستخدام طريقة التصويت التراكمي، ما يدل على وجود تعارض واضح في تطبيق الأنظمة واللوائح بين وزارة التجارة والصناعة وهيئة السوق المالية!!
بشكل عام، يمكننا القول إن الشركات الكبيرة في سوقنا المالية التزمت بكثير مما ورد في لائحة حوكمة الشركات حتى قبل إصدار اللائحة، بل إن البعض منها بادر فعلاً بإصدار أنظمة داخلية للحوكمة بهدف فصل وتحديد المسؤوليات بين مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية وذلك لتخفيض المخاطر. في الجانب الآخر، نجد الشركات الصغيرة تأخذ ما يناسبها من اللائحة وتترك ما لا يناسبها تحت مظلة إنها لائحة إرشادية.
رغم المعوقات والصعوبات، يجب أن نشكر هيئة السوق المالية على التقدم الذي تم إنجازه حتى الآن في تطبيق اللائحة على جميع الشركات المدرجة في السوق وهي شهادة حق يجب أن نقولها لهم، إلا أننا نأمل من مسؤولي الهيئة الكرام إعادة النظر في اللائحة من خلال دراسة تحويلها إلى لائحة إرشادية لمنع استغلالها في هذا الوقت وللارتقاء بكفاءة سوقنا المالية أسوة بالأسواق الإقليمية والعالمية.