الحشرة النطاطة تهدد نخيل الأحساء و"البيوض" تقضي على 13 مليون نخلة
يشكو عدد كبير من المزارعين في المملكة والدول العربية من انتشار آفات النخيل الزراعية والتي تسببت في تلف محصول النخيل لدى عدد منهم فيم تسبب بعض الآفات في القضاء على النخلة بالكامل. وقد شهدت ندوة النخيل الرابعة التي نظمها مركز أبحاث النخيل والتمور في جامعة الملك فيصل في الأحساء مناقشة عدد من البحوث والدراسات في هذا المجال وذلك من خلال عدد من المحاور.
"الاقتصادية" سبق أن تطرقت في الجزء السابق إلى عدد من البحوث من خلال ثلاثة محاور وهي الحشرات، المكافحة الحيوية، المكافحة الفيزيائية، وفي هذا الجزء تلقي الضوء على بعض الدراسات والبحوث وذلك من خلال المحاور الأربعة المتبقية وهي الأكاروس، أمراض النبات، المبيدات، وإدارة المكافحة المتكاملة.
الأكاروس
حيث أوضحت الدراسة التي أعدها الباحثان حلومة كرة والزروق الدنقلي من قسم وقاية النبات في كلية الزراعة في جامعة الفاتح في ليبيا بعنوان دراسة انتشار حلم الغبار على أصناف التمور ببعض المناطق الساحلية في ليبيا بأن حلم الغبار يعد من أهم الآفات الحيوانية التي تهاجم ثمار النخيل بمراحلها المختلفة مؤدياً إلى خفض الإنتاج، كماً وكيفاً وتوجد هذه الآفة في المناطق الوسطى والصحراوية من ليبيا على النخيل وقد تسبب خسائر فادحة تصل إلى فقد الإنتاج كاملاً كما حدث خلال السنوات 2004، 2005، 2006.
وقد أجريت مسوحات ميدانية في المناطق الساحلية وسجل وجود هذه الآفة ولأول مرة على أصناف التمور الساحلية، وتمت دراسة انتشار الحلم وكذلك مدى حساسية الأصناف للآفة فقد وجد أن الانتشار يشمل سبعة مناطق هي كالتالي: (صبراته، العجيلات، الزاوية، جودايم، بئر الغنم، سوق الجمعة، ومنطقة بن غشير). سجلت تقديرا للإصابة بالحلم على الأصناف الساحلية فكانت أعلى إصابة على كل من: (البرلصي، البكراري، والحرة) وبكثافات متوسطة على كل من (الطابونى، البيوضي، الحلاوي، والحموري) معظم هذه الأصناف تستهلك بمراحل البلح (الخلال) أو بمرحلة الرطب وعند إصابتها بالحلم تؤدي إلى تشققها وفسادها مسببة خسائر كبيرة للإنتاج، وجود هذا الحلم لأول مرة في المناطق الساحلية وذلك بسبب التغير المناخي في درجة الحرارة والرطوبة مقارنة بالسنوات الماضية.
حشرة نطاطة تهدد محاصيل الأحساء
وأوضح الدكتور خالد الهديب من كلية العلوم الزراعية والأغذية في جامعة الملك فيصل والدكتور اروشا بايما والدكتور جونس فيل من جامعة رثموستيد ريسيرش بهابند في المملكة المتحدة في أطروحتهم التي حملت عنوان التشخيص الجزيئى للفيتوبلازما من مجموعة الأستر المصاحبة لنخيل التمر في السعودية بأن نخيل التمر في الأحساء يصاب بمرض يدعى الوجام وتتلخص أعراضه باصفرار مخطط على أنصال الأوراق مع حدوث تقزم في الأوراق الجديدة مما يؤدى إلى انخفاض إنتاج محصول التمر في المراحل المتقدمة.
وتعد حشرة نطاط الأوراق هي الحشرة الناقلة للفيتوبلازما ولكن حتى الآن لم تدرس هذه الحشرة. وقد تم جمع أكثر عينات من أوراق النخيل المصابة بالوجام و السليمة، إضافة إلى حشرات نطاط الأوراق من المناطق المصابة في واحة الأحساء وذلك خلال 2003- 2005. وقد تم استخلاص الحمض النووي (DNA) من العينات النباتية والحشرية لإجراء اختبار تفاعل عديد البلمرة المتسلسل (nested PCR)Nested Polymerase chain reaction باستخدام بادئات خاصة(P1/P7-R16F2n/R16R2). للكشف عن الأصلبة بالفيتوبلازما وأيضا تم اختبار الناتج من تفاعل الـ nested PCR السابق بواسطة اختبار شظايا الحمض النووي RFLP Restraction Fragment Length Polymorfism للكشف عن شفرة الحمض النووي لـ (16S rDNA) ومقارنتها بالفيتوبلازما الموجودة في بنك الجينات.
وأثبت الاختبار إصابة العينات التي تم جمعها من أوراق النخيل وكذلك وجود الفيتوبلازما في العينات التي تم اختبارها من حشرات النطاطات. وقد كان هناك تطابق واضح في اختبارRFLP باستخدام الأنزيمات RsaI, AluI, HinfI, TaqI, HpaII, KpnI, DraI, HhaI and Sau3AI، وقد كانت شفرة الحمض النووي لـ (16S rDNA) للفيتوبلازما متطابقة 100 في المائة لشفرة النخيل (DQ913090) وشفرة الحشرة الناقلة Cicadulina bipunctata (DQ913091)، وتتشابه بنسبة 98 في المائة مع اصفرار الاستر (AF322644) من مجموعة 16SrI, Candidatus Phytoplasma asteris group.
ويعد هذا التقرير الجزيئي الأول في دراسة مرض الفيتوبلازما التابع لهذه المجموعة وفي تشخيص وتعريف الحشرة الناقلة للفيتوبلازما والتي تصيب نخيل التمر السعودية. وسوف يساعد في الدراسات المستقبلية حول انتقال الفيتوبلازما لنخيل التمر.
البيوض قضى على 13 مليون نخلة
أما الدكتور مولاي الحسن سدرة من مختبر وقاية النبات والدراسات الجينية في المعهد الوطني للبحث الزراعي في المغرب فقد أشار خلال دراسته حول اكتشاف مرض البيوض على نخيل التمر في موريتانيا بأن مرض البيوض يعد من أخطر أمراض نخيل التمر، حيث قضى على أكثر من 13 مليون نخلة في المغرب والجزائر ويشكل حاليا تهديدا مهما للأقطار الأخرى المنتجة للتمور، فخلال السنوات الأخيرة تم اكتشاف هذا المرض في بعض الواحات في ولاية إدرار الموجودة في الشمال الغربي لموريتانيا، إلا أن تفاقمه ظل بطيئا نظرا للبيئة المختلفة والظروف غير الملائمة لانتشاره، وقد أسفرت عملية مسح عدة واحات في ولاية إدرار على التعرف على بؤر البيوض وأهميتها وتوصيف أعراضه والأمراض المرافقة له وكذلك إنجاز برنامج واستراتيجية لمكافحته، كما أوضحت دراسة المقارنة بين عينات من سلالات الفطر المأخوذة من موريتانيا وأخرى مأخوذة من المغرب عن تطابق جزئي في بعض الخصائص المورفولوجية للسلالات السائدة في المغرب وعن قدرة مرضية أقل بالنسبة للسلالات الموريتانية إلا أن هذه الأخيرة متشابهة نسبيا مع سلالات الفطر التي تصيب نخيل الزينة (الكناري) ونبتة الحناء، ويمكن القول إذن إن السلالات الموريتانية قديمة وغير متطورة جينيا مقارنة بالسلالات المغربية التي أصبحت متخصصة في إصابة نخيل التم، هذا يؤدي إلى وجود فرضية مختلفة حول موضوع أصل مرض البيوض، والدراسات القائمة حاليا على تحليل الحامض النووي للسلالات يمكن أن تساعد على توضيح هذه الفرضيات.
السوسة في السعودية
من جانبه، أكد الدكتور عبد العزيز العجلان والدكتور محمود أبوالسعد من قسم زراعة الأراضي القاحلة في كلية العلوم الزراعية والأغذية في جامعة الملك فيصل في بحثهما حول إنزيم الأسيتيل كولين إستيريز كهدف موجهة للمبيدات الحشرية من الجهاز العصبي لسوسة النخيل الحمراء أن سوسة النخيل الحمراء أصبحت من أهم المشكلات لما تسببه من خسارة فادحة لنخيل التمر على مستوى العالم العربي ولا سيما في السعودية نظراً لاهتمام المملكة بهذه الشجرة المباركة.
وقالا إنه لعل المشكلة تكمن في خطورة هذه الآفة، حيث إن طبيعتها تختلف عن باقي الحشرات الأخرى في أنها يمكنها المعيشة في جميع أطوارها داخل النخلة، ولعل بطء الوصول إلى الحلول المثلى لهذه الآفة هو نقص قاعدة المعلومات الفسيولوجية والدراسات البيوكيماوية عن هذه الحشرة، التي ستمد الباحثين في مجال كيمياء المبيدات بالاختلافات البيوكيماوية لبعض مكونات الخلية عن الكائنات الأخرى وبناء على هذه الاختلافات يمكن تفصيل أو إيجاد مركبات ترتبط مع هذه المكونات غير الموجودة في الكائنات الأخرى وهذا ما يطلق عليه Tailor of insecticide والتي يتحقق فيها عامل الاختيارية، إضافة إلى الكفاءة العالية - وبذلك يتوقع أن تؤثر المركبات التي يمكن اختيارها أو التي يمكن تفصيلها Designable compounds على الهدف الذي تستخدم من أجله فقط دون سواه من مكونات البيئة لذا تسمىTarget-oriented، حيث أنها صممت (فصلت Tailored) على أساس هدف بيولوجي مهم واختياري - الأمر الذي يمكن أن يعطي هذه المركبات صفة التعرف على الهدف الخاص بها وبالتالي نحقق ما يطلق عليه المركبات صديقة البيئة Environmental-friendly compounds أو المركبات الذكية Intelligent compounds. وعليه يمكن استبدال المركبات الضارة المستخدمة حاليا بجيل آخر من المركبات الحديثة الاختيارية التي ليس لها تأثيرات سلبية على البيئة أو الصحة العامة. الخطوة الأولى في هذا المجال تبدأ (وتعتمد) بالتعرف على أحد الأهداف البيولوجية الاختيارية المهمة في الحشرات. ولعل أهم الأهداف الحيوية التي عرفت في مجال المبيدات هو أنزيم الأسيتل كولين إستيريز (AChE) في الجهاز العصبي للحشرات والحيوانات، حيث يمثل هذا الأنزيم الدور الحيوي في تحلل الموصل العصبي الأسيتل كولين ولعل الفكرة أعمق من كلمة تحلل الناقل العصبي، حيث أن ارتباط الأسيتل كولين على مستقبلاته Acetyl Choline receptor (AChR) يؤدي إلى استمرار التوصيل العصبي بين الخلايا العصبية ولو استمر هذا الارتباط بين الإنزيم والمستقبل لفقدت الخلية كل طاقتها وهذا يؤدي إلى موت الخلية ثم موت الكائن الحي. وهنا يأتي دور إنزيم AChE، حيث يقوم بمثابة المفتاح الذي يحول الخلية إلى نظام الإغلاق أو ما يطلق عليه Switching off كما أن هذا الإنزيم له أهمية قصوى في مجال قياس تلوث البيئة بالمبيدات، حيث يستخدم كترمومتر حيوي Biosensors لقياس التلوث البيئي. ومن هذا يتضح مدى ملاءمة هذا الأنزيم مع إمكانية تطبيق التكنولوجيا الحيوية لاختيار مركبات عالية التخصص وبالتالي فإن دراسة مثل هذه النظم الحيوية المهمة سوف تفتح مجالات جديدة حول فهم وكيفية الربط بين الأبحاث الأكاديمية والأبحاث التطبيقية.
إدارة المكافحة المتكاملة
وقد أكدت الدراسة التي أعدها شوكت حبيب من قسم وقاية النبات في كلية الزراعة جامعة الأنبار في العراق بعنوان المكافحة المتكاملة للأعشاب المعمرة في بساتين النخيل المزروعة حديثاً، بأن التجارب الحقلية التي نفذت خلال الفترة 2001-2003 في منطقة الطارمية, 75 كلم شمال بغداد في العراق, بهدف دراسة تأثير التكامل بين الطرق الميكانيكية والزراعية والكيماوية في مكافحة الأعشاب المعمرة في بساتين النخيل المزروعة حديثاً. نفذت التجربة في بستان للنخيل تمت زراعته في العام 1999 وبمساحة خمسة هكتارات. انتشرت في الموقع كثافة عالية من الأعشاب المعمرة كن من أهمها العشب الوبائي الحلفاء Imperata clyindrica, السفرندةSorghum halapense, المديد Convolvulus arvensis وأنواع أخرى من الأدغال ألحولية. اشتملت التجربة المعاملات التالية: حراثة متعامدة للأرض وتنعيم ثم زراعتها بالمحصول الخانق الجت Medicago sativa, حراثة وتنعيم للأرض ثم زراعتها بالمحصول الخانق البرسيمTrifolium repens , حراثة و تنعيم ثم الرش بمبيد الأعشاب الجهازي كَلايفوسيت glyphosate بمعدل رش 5 كغم مادة فعالة/هكتار, رش الكَلايفوسيت لوحده بمعدل الرش نفسه أعلاه, حش (قطع) لثلاث مرات ثم الرش بالكَلايفوسيت بالمعدل نفسه، حراثة وتنعيم فقط وألواح غير معاملة. نفذت جميع المعاملات خلال الربيع لعام 2001. بينت النتائج بأن التكامل بين عمليات الحراثة والتنعيم للأرض وزراعة المحصول الخانق الجت كان كفؤاً في مكافحة الأعشاب المعمرة وبقدر كفاءة رش المبيد كَِلايفوسيت وحده أو بعد الحراثة أو بعد الحش. وقد كانت نسب التثبيط في نمو الأعشاب المعمرة بعد سنة من تطبيق المعاملات 90، 88،80 و70 في المائة لكل من معاملات الحراثة والتنعيم ثم زراعة محصول الجت، حراثة وتنعيم ورش المبيد كَلايفوسيت، رش المبيد كَلايفوسيت وحده والحش (القطع) لثلاث مرات، وعلى التوالي. كان التكامل بين طرق الحراثة والتنعيم وزراعة المحصول الخانق ألجت أكثر الطرق كفاءة في المكافحة المتكاملة للأعشاب المعمرة في بساتين النخيل.