رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


مكافحة عدوى المستشفيات تحتاج إلى جهود مضاعفة (1 من 2)

[email protected]

إن عدوى المستشفيات مشكلة تناولتها أقلام عدة من ناحية صحية وإجرائية وتنظيمية وعلمية أيضا، ولكن تسليط الضوء عليها من ناحية تنموية حار بين إقرار إجراءات الجودة ومرور الكرام على التقارير للتدليل على أهميتها. هذا بالطبع لم يحفز اللجان المتخصصة لتضعها على أعلى قائمة "أهم المواضيع الصحية" وبالتالي أضحت مسألة مستعصية وإذا لم نبادر بالتصدي لها بأسلوب منهجي ومن خلال برنامج وطني عام فستتضاعف مهام القائمين على الوضع الصحي لأنهم عندها سيخصصون لها أضعاف الوقت الموجه للأمراض المعدية الآن وسيكون من الصعب تحديد حجمها وتأثيرها صحيا واقتصاديا. بالاطلاع على بعض التقارير السنوية المنشورة من عدة مراكز أبحاث ومجلات عالمية وجامعات كبيرة مثل: التقرير السنوي لاتحادات الخدمات الصحية بإنجلترا عام 2000, التقرير السنوي لمركز الأبحاث في جامعة التايمز اللندنية 2002/2003, التقرير السنوي لجمعية عدوى المستشفيات التقرير السنوي لكلية الممرضات النيوزيلندية 2004. التقرير السنوي لاتحاد مؤسسي الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة عام 2005. التقرير السنوي للاتحاد الدولي لمكافحة عدوى المستشفيات عام 2006, ومجلة "نيو إنجلند الطبية" 2006م, إضافة إلى بعض الأبحاث المنشورة خلال هذا العام 2007م, وجدت أننا في حاجة إلى مضاعفة الجهود لتحقيق معايير مكافحة عدوى المستشفيات في أكثر من 70 في المائة من مستشفيات ومرافق السعودية المقدمة للخدمات الصحية. كما أن التكاليف قبل أن تكون مادية فهي بشرية، وقد تتفاقم فيما لو استمر الوضع دون وضع حد للمشكلة التي مازلنا لا نعرف حجمها الطبيعي لدينا. إن نشر إحصائيات وأرقام محللة بطريقة علمية دقيقة مازال دون المتوقع والتفاوت في مستوى تقديم الخدمة الصحية بين الجهات المختلفة وأسلوب التعامل مع الأرقام صحيا أو ماليا أو بصفة عامة تنمويا يجعلنا ضعفاء في وضع أرقام تقديرية واسترشادية. عموما من المعروف أن عدوى المستشفيات شر لابد منه في جميع المستشفيات والمراكز الصحية أو المستوصفات, ولكن بتطبيق معايير النظافة والتعقيم والصيانة الدورية واستخدام الأدوات والأجهزة المفحوصة والجيدة واتباع الإرشادات الصحية بحذافيرها فيمكن تقليص خطر المشكلة إلى ما لا يزيد على 4 في المائة من حجمها الطبيعي والذي عادة ما يكون مقبولا إحصائيا لأنه لا يمكن القضاء على المشكلة نهائيا تماما. ولو أننا علمنا أن البكتيريا هي بطلة هذا الفيلم الدرامي فلابد من تعريف وتحديد أنواعها, وإلقاء الضوء على أسباب الإصابة بها وكيفية التخلص منها ثم الاهتمام بالوقاية منها فيما بعد. كما لابد من الإيضاح أن احتساب 5 في المائة نسبة خطأ بين تقديرات دراسات الدول المتقدمة ونتائج فحوصاتنا الدورية ستكون مقبولة للتشابه الكبير في وظائف المستشفيات والمراكز الصحية.
إن الإصابة ببعض أنواع بكتيريا من جنس ستافلوكوكس Staphylococcus تعتبر الآن الأكثر شيوعا ولكن لا يمنع أن نجد أنواعا أخرى إلا أن العدوى بجراثيم أخرى كالطفيليات والفيروسات مثلا لا تشكل نسبة كبيرة قياسا بالبكتيريا لأسباب عديدة وردت في المراجع المتخصصة لا يسع المجال لذكرها. لقد تسببت هذه البكتيريا (التي تمثل بتفشيها ثلثي حالات الإصابة بالعدوى البكتيرية المكتسبة في المستشفيات) في ما يقارب من 63 في المائة من الوفيات عام 2006, في كثير من الدول في حين لم تكن لتزيد عن 2 في المائة في أوائل السبعينيات، وبهذه الزيادة الكبيرة على مر 30 عاما فالوضع يعتبر كأول جرس إنذار لا يروق لأي ممارس أو متعامل أو مطلع أن يصل إلى مسامعه, لأن مع هذا الوقت من المفترض أن تتطور أساليب المكافحة وتمت الاستعاضة في كثير من الفحوصات وأساليب العلاج اليدوية أو التي تحتاج إلى تماس مباشر بين الطبيب أو مقدم الخدمة الصحية مع المريض, باستخدام الأدوات والأجهزة الحديثة ما يدلل على خفض نسبة تدخل البشر في تسبيب العدوى. لقد قورنت إحصائيات ما حصدته البكتيريا من الحالات والبشر بحجم ما حصده مرض الإيدز خلال الفترة نفسها فوجد أن الإيدز حل في المرتبة الثانية بعدها ولم يكن ليزيد في نسبة الوفيات عن 25 في المائة فقط من نسبة المصابين به, مما يؤكد خطورة العدوى وتفاقم المشكلة بشكل مقلق جدا ولم يتضح حجم هذه المشكلة إلا بعد تركيز جمهور العلماء عليها لإيجاد حلول عملية لتفاديها. لقد أجمعت النتائج على أن شراسة العدوى وانتشارها تكمن في نسبة إشغال الأسرة (مدد بقاء المرضى المنومين في المستشفيات وبالذات المنومين لمدد طويلة), ومستوى الوعي لمقدمي الخدمة أكثر من مستوى الوعي للمرضى أنفسهم. كما أكدت جميع الدراسات أن السبب لا يكمن في قلة عدد الكفاءات الطبية ولا الإمكانيات المادية ولا التجهيزات الحديثة, ولكن في عدم غسل الأطباء والممرضات ومساعدي الفنيين الصحيين لأيديهم قبل وبعد فحص كل مريض أو حتى ملامسته, إضافة إلى ضعف متابعة نظافة وتعقيم الغرف وبعض الأدوات الخاصة بالكشف والتشخيص أو العلاج في غرف العمليات ووحدات العناية المركزة وأقسام الطوارئ. ومما يزيد حدة الموضوع أن المستشفيات لا تولي استخدام وسائل الكشف الدورية, أو تحديد الأشخاص الحاملين لهذه البكتيريا أهمية كبيرة على مدار العام لاتخاذ الوسائل الكفيلة بتفادي تفاقم المشكلة. وهذا ما دعانا لإبراز المشكلة الآن ومحاولة التفكير معا في كيفية التعامل معها بأسلوب أكثر فائدة, وسنكون أكثر وضوحا في الجزء الثاني من المقالة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي