خدمة المجتمع بين بطلي الدوري والكأس
تشكل بطولة درع المجتمع المعروفة رسميا بالدرع الخيرية التي تقام سنويا في بريطانيا بين بطلي الدوري والكأس قبل أسبوع من انطلاق الموسم الكروي وهو ما يسمى في الكثير من الدول بكأس السوبر، حدث يدعو إلى الكثير من التأمل في جعل الرياضة وسيلة لدعم ثقافة العطاء الخيري، وتأتي هذه المباراة والتي أقيمت يوم الخامس من آب (أغسطس) عندما فاز مانشستر يونايتد بطل الدوري على تشيلسي بطل الكأس للموسم الماضي كامتداد لتاريخ طويل لهذه البطولة الأخلاقية الكبيرة. ولعل من المناسب للقارئ الكريم الاطلاع على تاريخ هذه المسابقة التي بدأت عام 1908 في مباراة ما يعرف بدرع "شريف لندن الخيري"، وهي مباراة خيرية بين فريقين مختارين من الهواة والمحترفين ويكون ريع المباراة للأعمال الخيرية، وفي عام 1921 دخلت فرق الدوري الإنجليزي في هذه المباراة، وفي عام 1930 أخذت المباراة شكلها الحالي أن يلعب بطل الدوري مع بطل الكأس على الدرع الخيري خلاف بعض الاستثناءات مثلاً في عام 1950 عندما لعب منتخب إنجلترا الفائز بكأس العالم مع فريق من محترفي بطولة كأس بريطانيا وكذلك في عام 1961 عندما فاز فريق تتونهام ببطولتي الدوري والكأس ليلعب مباراة الدرع الخيري مع فريق مجمع من المحترفين وبدأ من ذلك العام إقرار أن تكون المباراة قبل بداية الموسم الرياضي. وفي عام 1974 أقرت هيئة كرة القدم أن تكون هذه المباراة تقام على ستاد ويمبلي الشهير وأن تذهب قيمة التذاكر للأعمال الخيرية. وفي عام 2002 تم تغيير مسمى المباراة إلى مباراة "درع المجتم" Community Shield.
إن هذه المقدمة المختصرة لتاريخ المساهمة الاجتماعية لكرة القدم في بريطانيا، هي امتداد لما تملكه بريطانيا من تقدم في تطبيقات مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات، والملاحظ أن تأثير تبني مفهوم المسؤولية الاجتماعية لدولة معينة ينعكس على الكثير من الأحداث فيها ويتضح اهتمام تلك الدولة من خلال عدد الأحداث التي تحمل الصبغة الاجتماعية، خصوصا عندما نتحدث عن استغلال كرة القدم التي تملك شعبية جارفة في بريطانيا بشكل يدعم زيادة الوعي بمفهوم المسؤولية الاجتماعية لدى فئة الشباب الذي بلا شك سيكونون يوما في مقاعد الإدارة في الشركات، وبذلك فإن مفهوم المسؤولية الاجتماعية ليس جديدا عليهم عن الحديث عن مساهمة شركات القطاع الخاص في مسائل تخص المجتمع.
ونحن في السعودية بشكل عام ولله الحمد نملك الحس الفطري للأعمال الخيرية، وفي المجال الرياضي خصوصا فإن ما نراه من مجهودات بعض اللاعبين في دعم بعض البرامج الاجتماعية أمر يدعو للتفاؤل وهو بلا شك ينساق مع استراتيجيات الرئاسة العامة لرعاية الشباب التي دائما ما تطور هذا الجانب الحيوي في خدمتها للشباب، التي من اسمها تمثل دعم وتطوير الشباب على جميع المستويات الرياضية والثقافية وبلا تقليل فإن مفهوم المسؤولية الاجتماعية يمثل الأولوية تندرج تحتها مفاهيم العطاء والتطوع والمشاركة الاجتماعية وتنمية روح المسؤولية لجميع أطياف المجتمع سواء على مستوى الإدارات الحكومية أو القطاع الخاص وعلى مستوى فهم الشباب لأهمية هذا المفهوم خصوصا أن الشباب هم من سيقود دفة التطور لمملكتنا الغالية.
إن إقامة مباراة بطولة سنوية بين بطلي الدوري والكأس لدعم مفهوم دعم المجتمع تأتي كاقتراح أتمنى أن يكون للرئيس العام لرعاية الشباب الأمير سلطان بن فهد السبق، كما عرف عنه في إطلاق مبادرة المبادرات لدعم التوجه في جعل كرة القدم بشعبيتها الكبيرة في السعودية مناسبة لبث الوعي بالمسؤولية الاجتماعية على جميع المستويات، وخصوصا على مستوى شركات الأعمال إضافة إلى زيادة وعيها بمفهوم المسؤولية الاجتماعية فإنها بلا شك ستكون حريصة على رعاية هذا الحدث الاجتماعي الخيري المهم. على أن يكون ريع تلك المباراة لدعم مشاريع معينة تهتم بتطوير الشباب السعودي على ما تحدده الأجندة السنوية لاحتياجات الشباب والمجتمع.