المستثمر الخليجي وأزمة سندات العقار الأمريكية
أزمة الائتمان وشح السيولة التي ضربت سوق المال الأمريكية أثرت بشكل كبير في أداء البورصات العالمية من نيويورك إلى سنغافورة مرورا ببورصات أوروبا. وما أثار الذعر في أوساط المحافظ الاستثمارية حول العالم وجعلها تتسابق نحو تسييل أصولها هو انفجار فقاعة التمويل العقاري في أمريكا. فما هي آثار تلك الأزمة على منطقة الخليج؟
قد يكون التأثير المباشر في بورصات الأسهم الخليجية قليل كما هو الحال بالنسبة للسوق السعودية بسبب عدم السماح للسيولة الساخنة وصناديق التحوط بشراء وبيع الأسهم المحلية. وعلى الرغم من حدوث موجة بيع في أسهم الإمارات أعتقد أن تأثير أزمة السيولة العالمية في أداء بورصات الأسهم في المنطقة سيكون محدودا، لكنني ما زلت أعتقد أننا لم نرى الأسوأ جراء هذه الأزمة، وقد يكون لها تأثير خطير في رساميل خليجية تدار عالميا. وهنا يجب ذكر أن مشكلة القروض العقارية في الولايات المتحدة الأمريكية تكمن في النواحي الفنية والمشتقات الاستثمارية التي تم استصناعها وتوليفها من قبل خبراء الاستثمار، وذلك ليتم إعادة بيع هذه المنتجات والمشتقات عبر صناديق استثمارية وبيوت استثمار دولية على المستثمرين من مؤسسات وأفراد حول العالم. بل إن الكثير من صناديق التحوط وصناديق الاستثمار العالمية قامت بمضاعفة حجم السيولة التي يتم تجميعها باستخدام أصول الصناديق والتدفقات النقدية المستقبلية أي Leveraging. ولقد نتج عن هذا تضخم كبير في حجم السيولة التي تم سحبها من الأسواق العالمية وتم توجيهها نحو المخاطرة في استثمارات مركبة ومستوحاة من القروض العقارية.. فما هو يا ترى حجم الرساميل الخليجية التابع لمؤسسات وأفراد الذي استطاع خبراء تسويق الاستثمار تجميعها أثناء رحلاتهم المكوكية بين مطارات وفنادق دول المنطقة؟ وما دور السلطات المالية والجهات الرقابية خاصة بالنسبة لما يطلق عليهم الـ suitcase bankers (خبير مصرفي متجول) الذين يسوقون منتجات مركبة وحلول استثمارية معقدة تحمل في طياتها مخاطر عديدة!!
ولقد تحدث عدد من الخبراء الخليجيين حول هذا الموضوع، وللأسف تم تبسيط الأمور والاستخفاف بالأزمة وتداعياتها، حتى أن البعض أوحى بأن رساميل المنطقة ومستثمريها بعيدين كل البعد وبمنأى عن تداعيات أزمة أسواق المال العالمية!!
لذلك أتمنى لو كان لدينا شفافية كافية لمعرفة حجم الرساميل الخليجية التي تم تجميعها خلال السنتين الماضيتين من قبل المصرفي والخبير المالي المتجول، وأيضا لمعرفة الجهات المحلية من شركات وصناديق عائلية وأفراد التي تقوم بشراء منتجات استثمارية مركبة ومشتقات أسواق المال التي تسوقها صناديق الاستثمار والتحوط العالمية؟
وعلى ذكر المنتجات المركبة وأزمة السيولة في أسواق المال، يقولون إن حجم الرساميل التي تمتصها آلة الحرب الأمريكية في العراق وأفغانستان وصل في الوقت الحالي إلى أكثر من تريليوني دولار وهذا هو موضوعنا الأسبوع المقبل.. وفقنا الله وإياكم.