رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


نعم للترخيص للمزيد من البنوك الاستثمارية

[email protected]

بلغ عدد شركات الوساطة المالية أو البنوك الاستثمارية المرخص لها من قبل هيئة السوق المالية مع الأسبوع الأخير من تموز (يوليو) الماضي نحو 63 شركة، حيث تعتزم نحو 40 في المائة منها تقديم جميع خدمات البنوك الاستثمارية المرخص لها من تعامل، إدارة، حفظ، ترتيب، واستشارة للأوراق المالية ونشاطات التمويل والاستثمار. كما تشتمل متطلبات الترخيص بجانب أمور أخرى على ألا يقل رأس المال لنشاطات التعامل والحفظ والإدارة عن 50 مليون ريال، الترتيب مليوني ريال، والمشورة 400 ألف ريال.
ولتقييم واقع واستراتيجيات شركات الوساطة المرخص لها مهما كانت طبيعة النشاط، من المهم تناول طبيعة قطاع الخدمات المالية والثقافة التي تكونت على مر السنين قبل نشوء هيئة السوق المالية وبزوغ نجم السوق المالية كمصدر تمويلي منافس للمسيطر التقليدي ممثلاً بقروض البنوك التجارية. بنظرة سريعة على نشاطات الترخيص للبنوك عموماً، فقد تواجد في السوق السعودي منذ عام 1994 وإلى عام 1999 نحو عشرة بنوك فقط نظراً لتحفظ مؤسسة النقد العربي السعودي في إعطاء التراخيص للمزيد من البنوك التجارية، وفي عام 2000 تم الترخيص لبنك الخليج الدولي الذي قدم إلى المملكة كبنك استثماري، ثم استمر التحفظ في منح التراخيص حتى عام 2004 حين تم الترخيص لبنك الإمارات الذي دخل السوق السعودية حسب أدائه لحد الآن كبنك استثماري أيضاً ولو أن المعلن حينها يشير إلى نية البنك الولوج في عمليات التجزئة والبنوك التجارية. وفي العامين التاليين تم الترخيص لبنك بي إن بي باريبا، بنك الكويت الوطني، دويتشه بنك، وبنك البلاد، حيث أن جميعهم بنوك استثمارية باستثناء الأخير الذي تكون من اجتماع عدد من شركات الصرافة وأخذ في النمو كبنك تجاري واستثماري في آن معاً كنظرائه من البنوك العشرة التي كانت تمثل القطاع المصرفي السعودي. يتضح لنا من نهج الترخيص للبنوك فيما مضى صعوبة الحصول على رخصة لبدء العمل المصرفي، خصوصاً وأن نمو الاقتصاد السعودي في السابق يحتم الترخيص للمزيد من البنوك التجارية والاستثمارية التي كانت تنتظر بجوار الباب إذن الدخول إلى السوق السعودية!!
إذن، فالاقتصاد السعودي يشكل سوقاً مغرية للبنوك التجارية والاستثمارية، إلا أن الترخيص للبنوك عموماً كان محدوداً جداً وفي غاية الصعوبة إلى أن تم إنشاء هيئة سوق المال في عام 2004 وتم إيلاء مسؤولية الترخيص والإشراف على البنوك الاستثمارية إليها في فصل واضح بين عمليات ونشاطات البنوك الاستثمارية والبنوك التجارية. وحينئذ فقط، انهالت طلبات الترخيص للبنوك الاستثمارية لتسد فجوة سوقية كانت موجودة لفترة طويلة، هي فترة عدم الترخيص لبنوك إضافية سواء أكانت تجارية أم استثمارية. وعليه، فالتطور الحاصل بقيام هيئة السوق المالية بمهمة الترخيص للبنوك الاستثمارية يشكل نقلة نوعية في تاريخ هيكل الخدمات المالية في السوق السعودية ككل. ومن المهم التأكيد على أن الحجم الكبير لطلب تراخيص البنوك الاستثمارية وشركات الوساطة يشير إلى أن هيكل التمويل للقطاع الخاص عموماً يأخذ في التحول إلى صيغ أخرى تبتعد عن الإقراض البنكي الذي كان مسيطراً لعقود على صيغ التمويل التي يطلبها القطاع الخاص، فالعرض يلبي الطلب كما أن الطلب يخلق العرض.
ونظراً لشفافية التقدم للحصول على تراخيص البنوك الاستثمارية وشركات الوساطة بمختلف أنشطتها، نلاحظ أن عدد البنوك الاستثمارية وشركات الوساطة في تزايد بنفس التسارع الذي بدأت به البنوك التجارية السعودية في طرح أذرع استثمارية للحصول على حصة سوقية من المصرفية الاستثمارية، بينما تجاهد الشركات السعودية المؤسسة حديثاً لأن تأخذ موطئ قدم في هذه السوق.
وبين الحين والآخر، نرى مطالبات متسرعة لهيئة سوق المال أن توقف منح تراخيص البنوك الاستثمارية وشركات الوساطة المالية لبلوغها عددا عادلا وأن زيادتها مضرة بالاقتصاد الوطني. من وجهة نظري، أرى أن التوقف عن منح التراخيص للبنوك الاستثمارية، وخصوصاً الشركات الوطنية التي لا تشكل أذرعاً للبنوك التجارية المسيطرة على سوق التمويل لردح من الزمن، هو خطأ كبير يجب أن تتفاداه هيئة السوق المالية وتستمر في نهجها الشفاف لعدة أسباب. إن من الضروري استمرار الهيئة ودون توقف في منح تراخيص شركات الوساطة المالية والبنوك الاستثمارية طالما استوفت الشركات المتقدمة بشروط الترخيص حسبما نصت عليه لائحة الأشخاص المرخص لهم الصادرة من هيئة السوق المالية في 28 من تموز (يوليو) 2005.
كما أن التوقف عن منح التراخيص للشركات التي تستوفي الشروط يخالف قوانين العدالة والمساواة التي تنص عليها تشريعات السوق المالية في التعامل مع مختلف الشركات التي تقدمت بطلب التراخيص، حيث إن معاملة بنك تجاري تقدم بطلب الحصول على ترخيص لشركة وساطة يجب أن يتم بالشروط والمتطلبات نفسها مع مستثمر آخر تقدم بطلب الحصول على الترخيص، فالفيصل يجب أن يكون استيفاء المتطلبات لا غير.
ومن المهم التأكيد على أن التوقف عن منح التراخيص يعتبر تدخلاً وإخلالاً بآليات قوى السوق التي يجب أن تحدد العدد العادل والأكفأ من شركات الوساطة للاقتصاد السعودي، أي أن قوى السوق هي محرك التوازن هاهنا. إضافة إلى ذلك، سيؤدي إخلال كهذا إلى ظهور سوق سوداء للمتاجرة بتراخيص شركات الوساطة، حيث سيكون المتضرر الأكبر هو المستثمر الطموح الذي فوجيء بقرار إيقاف منح التراخيص، والرابح هو شركات الوساطة غير الجادة التي حصلت على الترخيص لكي تبيعه في وقت لاحق.
كما أن إيقاف منح التراخيص سيؤدي إلى الإخلال بطبيعة تكون عمليات الدمج والاستحواذ التي تأخذ مكاناً بصورة طبيعية في البيئات كاملة التنافسية وتصاب بالتشوه في حالة احتكار القلة وتندر في حالات الاحتكار، فلماذا لا يتم إعطاء قوى السوق فرصة لتثبت حتمية البقاء للأفضل وتحديد الكم العادل من البنوك الاستثمارية، خصوصاً حين يتم تطبيق متطلبات الترخيص بتساو بين مختلف المتقدمين للرخص؟
وأخيراً، من المهم إعطاء البنوك الاستثمارية وخصوصاً شركات الوساطة الوطنية المستقلة فرصة للنمو والمنافسة مع نظرائها التابعين للبنوك التجارية، حيث أن ميدان المنافسة مفتوح على مصراعيه، والمستفيد الأول والأخير منه هو المواطن وصغار المستثمرين، إن كان للمنافسة أن تأخذ مكاناً!!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي