وداعا للنتافات
في منتصف شهر رجب المقبل تنتهي مدة تمديد عمل محال ذبح وسلخ الدواجن الحية في دكاكين الأحياء في المدن والقرى التي تعمل تحت إشراف البلديات أو ما تسمى "النتافات"، وهي أحد منافذ بيع دجاج اللحم الحي لصغار منتجي هذا النوع من الدجاج، وهي في طريقها للإغلاق نهائيا بعد التمديد لها لمدة عام اعتبارا من 16/7/ 1427هـ، التي جاءت بعد انتهاء المدة المحددة ومدتها أربع سنوات، ويأتي هذا نتيجة قناعة تامة لدى الجهات المسؤولة بأن أسلوب استخدام النتافات ليس أسلوبا صحيا ولا مظهرا طيبا من ناحية النظافة والصحة، إضافة إلى أن كثيرا من الذين يعملون فيها عمالة أجنبية إن لم يكن جميعهم، ونصيب المواطن السعودي من هذه الوظائف قليل. ويعزز إغلاقها أنه بالإمكان إيجاد أساليب صحية آمنة لتجهيز لحوم الدواجن وهي موجودة بالفعل حالياً بشكل كبير، إلا أن إغلاق النتافات من المتوقع أن يزيد من الأعباء على صغار منتجي الدواجن مالكي المزارع التي فيها ثلاث حظائر أو أربع أو خمس وليس لديهم مسالخ ولا يوجد لديهم اتفاقية مع مسالخ قائمة.. هذه النقاط مجتمعة أو متفردة تمثل مشكلة كبيرة جداً في عملية التسويق لصغار المزارعين، وستعمل على تولد أعباء إضافية تتزايد مثل كرة الثلج على المشكلات الإنتاجية والإدارية والتسويقية الموجودة أساسا في مشاريعهم، ولكن من المؤمل أن تتكيف المشاريع الصغيرة لتستفيد من أو تخلق العلاقة الإيجابية مع المشاريع الكبيرة والاستفادة من خبرة المشاريع الرائدة وإمكاناتها في صناعة الدواجن، وفي مقدمتها العلاقات التعاقدية، التي لها شقان. الشق الأول يتمثل في استئجار كبار المنتجين مشاريع صغيرة من أصحابها والقيام بجميع العمليات الإنتاجية والتسويقية، والشق الثاني يرسم صورة العلاقة التعاقدية بحيث يتم التعاقد على أن تتولى المشاريع الكبيرة المتعاقدة الإسهام في بعض المستلزمات الإنتاجية (على أن تخصم لاحقا من المبيعات)، ويشمل العقد شراء الدجاج في صورة دجاج حي وتتولى العمليات التسويقية ابتداء من الذبح والتعبئة والتغليف وتحمل اسم هذه المشاريع. ويوجد حالياً شركات لديها مسالخ كبيرة متقدمة وتبرم عقودا واتفاقيات مع أصحاب مزارع الدواجن الصغيرة، ومن المتوقع أن تتحسن صيغة الاتفاقيات والعقود المستقبلية التي تبرم مع تزايد الممارسة بحيث لا ضرر ولا ضرار وتعود الفائدة للطرفين، ولعله من المناسب مباركة هذا التوجه من بعض كبار منتجي الدواجن لإبرام هذه العقود مع صغارهم لما ستحققه هذه التعاقدات من استفادة الأخير من التقنية المتوافرة لدى المشاريع الكبيرة لخلق فرص تسويقية وجودة في الإنتاج وتطبيق برامج الأمن الوقائي في مجال صناعة الدواجن، وهذه الخطوة بدورها تسهم في مساعدة صغار المنتجين على خفض تكاليف الإنتاج الثابتة لهم التي بدورها ستسهم في تحقيق عوائد تجعلهم في وضع إنتاجي أفضل، وفي الوقت نفسه أعطت كبار المنتجين فرص التوسع. وفي ظل وجود هذه البذرة الإيجابية التي تسهم في خلق الثقافة التعاونية فإن الأمر يتطلب إيجاد التكتل بين مشاريع إنتاج دجاج اللحم الصغيرة للإسهام في مواجهة المشكلات المختلفة التي قد تواجه هذه المشاريع وجعلها في وضع تنافسي أفضل لتحقيق معدلات إيجابية للاستثمار في صناعة دجاج اللحم، والاستفادة من دعم البنك الزراعي وتشجيعه لإنشاء المسالخ الذي يعطيها بدوره أولوية في الإقراض للتغلب على المشكلات التي قد تنشأ من إغلاق النتافات.