مثلوثة التضخم
دار حديث بيني وبين أحد الأصدقاء المهتم بالشأن الاقتصادي حول ارتفاع الأسعار في الآونة الأخيرة وكان تركيز هذا الصديق على أن ارتفاع أسعار الأرز هو مؤشر خطير على ارتفاع نسب التضخم في منطقة الخليج، وحاولت أن أتوسع في موضوع التضخم ليغطي خدمات وسلع أخرى بعيدة عن الأرز ومثلوثة صديقي، إلا أنه يعاود تكرار الحديث عن الأرز والتضخم، لذلك أرى أن الكثير من أفراد المجتمع بدأوا يشعرون بالتضخم في المعدة.
ولو وضعنا هذا المناخ التضخمي في إطار الانتعاش الاقتصادي التي تعيشه بلادنا، ولله الحمد، لوجدنا أن هناك كثيرا من الأسباب أدت إلى ارتفاع في الأسعار، وأخطرها ـ حسب وجهة نظري ـ ارتفاع تكاليف العقار وإيجار السكن. بالطبع هناك مَن يضع الملامة كاملة على انخفاض سعر صرف الدولار عالميا، وما يتسبب فيه جراء ارتباط سعر صرف الريال بهذا الدولار المنخفض من ارتفاع في أسعار المواد الغذائية الأساسية. إلا أنني لا أتفق كاملا مع هذا الرأي، قد يكون هذا جزءا من المشكلة ويندمج تحت بند التضخم المستورد، ولكن المشكلة الحقيقية هي تكمن في ضخ سيولة القطاع العام (الحكومة) في داخل الدورة الاقتصادية. وللتوضيح بدأت ملامح هذه المشكلة تبرز حين قررت وزارة المالية تخفيض الدين العام وشراء السندات الحكومية بشكل سريع، والهدف من هذا هو تخفيض الدين العام في أسرع وقت ممكن، ما أدى إلى تكتل السيولة وبشكل كبير في داخل الاقتصاد. وسبب آخر لظهور ملامح التضخم في بعض القطاعات هو التوسع في الاستثمارات الحكومية سواء في مشاريع البنية التحتية أو من خلال دعم الصناديق الاجتماعية برؤوس أموال إضافية حرصا على رفاهية المواطن، ومثال ذلك تسعة مليارات صندوق التنمية العقاري. أو أن مجرد الحديث عن خطط مستقبلية لبناء مدن اقتصادية واستمرار الحديث عن إيجاد حلول لمشكلة السكن والبطالة يؤديان إلى ارتفاع نسب التضخم الداخلي ويستطيع التجار والمستوردون رفع أسعار السلع الأساسية لمستويات خيالية؟
أيضا لا ننسى أننا قد مررنا أخيرا بتجربة صعبة جرّاء تدهور أسعار الأسهم، والغريب أن سوق الأسهم تنهار تزامنا مع مرور اقتصادنا بأفضل حالات النمو والانتعاش، بل إنك أينما استدرت ستسمع من شخص أو آخر أنه خسر ما يقارب الـ 50 في المائة من رأس ماله في سوق الأسهم!!
إذن من أين تأتي هذه القوة الشرائية ليصبح عندنا تضخم حتى في أسعار المثلوثة والأرز؟ وهل نحتاج إلى تدخل على أعلى المستويات لكي تقوم الجهات المعنية بواجبها وتراقب الأسعار وتتخذ إجراءات لحماية المستهلك؟