من مشاهدات الصيف (1 من 2)

[email protected]

مع إطلالة الصيف يندفع الكثير من الناس وينهمكون في إجراءات السفر، حيث تجد السفارات تكتظ بطالبي التأشيرات، كما أن مكاتب السياحة والسفر وشركات الطيران لها نصيبها من هذا الزحام، إضافة إلى البنوك حيث صرف العملات، ولقد حاولت هذا الصيف أن أرصد بعضاً من الملاحظات التي واجهتني وأنا أستعد للسفر, أو تلك التي واجهت غيري وسمعت عنها من الأصدقاء والأعزاء. وقد كان أول جهد مقالاً في هذه الصفحة وذلك بتاريخ 11 جمادى الآخرة لعام 1428 وحمل عنوان السفر وممارسات بعض السفارات حيث تم عرض بعض الممارسات التي تلجأ إليها بعض السفارات مع المراجعين من المواطنين وغيرهم والتي لا تليق بنا كمجتمع له ثقافة وحضارة عريقة تمتد في التاريخ أبعد مما تمتد إليه حضارة وثقافة بلدان هذه السفارات التي تمارس هذه الممارسات زاعمة أنها تعطينا درساً في التحضر والتمدن. ويمكن الإشارة إلى أن الملاحظات التي سيتم عرضها في هذه المقالات هي عبارة عن ممارسات فردية وأخرى مؤسساتية، وكلها مهمة. مع بداية الصيف ومع شدة حرارته يتحرك الدم في عروق الناس أكثر من وضعه الطبيعي وتبدأ العائلة تفكر في السفر داخلياً أو خارجياً، مع كافة الأمور الأخرى ذات العلاقة من حجز في الطائرة ومن ترتيب للسكن أو من صرف عملات أو من تجهيز واستخراج للجوازات وما إلى ذلك. وحيث قررت مع العائلة السفر إلى ماليزيا، فقد توافرت ملاحظات في الداخل وأثناء الاستعداد للسفر وأخرى في الخارج. أثناء السعي للحجز وتجهيز التذاكر لقد لاحظت كما لاحظ غيري طول ساعات الانتظار في مكاتب الخطوط السعودية والتي تصل إلى عشر ساعات أو ثمان على أقل تقدير حتى أن المراجعين يأخذون أرقاماً في الصباح ولا يتسنى لهم الوصول إلى موظف الخطوط إلا في المساء بعد أن يكون الإرهاق والتعب قد نال منهم الشيء الكثير، كما هو الحال بالنسبة لموظفي الخطوط، وفي ظني أن السبب يعود لقلة الموظفين وقلة مكاتب الخطوط السعودية في الرياض، حيث إن عددها لا يفي باحتياجات مدينة كالرياض فيها ما يزيد على الخمسة ملايين نسمة، ولو تمت مقارنة ما يقضيه المرء في مكاتب الخطوط السعودية مع ما يقضيه في المكاتب السياحية لوجدنا الفارق كبيرا، حيث لا تزيد الفترة التي تقضى في المكاتب السياحية عن ساعة في أقصى الحالات. ومن المؤكد أن هذه الملاحظات وغيرها لدى مسؤولي الخطوط السعودية لكن لا مانع من تأكيدها والتذكير بها، إذ لا مسوغ وليس من المقبول أن تكون هذه الممارسة في رصيد الخطوط السعودية، مع علمنا بحجم الإقبال الذي تواجهه من قبل المسافرين السعوديين وغيرهم من العاملين في المملكة من الضيوف على هذه البلاد. وإذا كانت هذه الملاحظة توجه للخطوط السعودية، فإن المتعاملين معها عليهم ملاحظات يمكن أن يسهم التخلي عنها في تحسين أداء وعمل الخطوط، وأولى هذه الملاحظات ما يفعله البعض حيث يقومون بحجز مقاعد وهم غير متأكدين من السفر، كما أنهم لا يقومون بإلغاء هذه الحجوزات حتى يعطوا الآخرين فرصة الاستفادة منها، وقد أحسنت الخطوط صنعاً حين ربطت الحجوزات واستمرارها بتاريخ محدد لشراء التذاكر، وذلك للحد من الهدر الذي كانت تتعرض له الخطوط السعودية في السابق حين كانت تقلع الطائرة وفيها الكثير من المقاعد التي لم تشغل.
أما الملاحظة التي لاحظتها وتألمت لها كثيرا، هي عدم اهتمام المسافرين بنظافة الطائرة ولا في براحة المسافرين الآخرين، فالبعض يترك لنفسه هواها في رمي الأوراق وغيرها في ممرات الطائرة وفي دورات المياه، وكأن الطائرة ليست ملكاً وطنياً تجب المحافظة عليه، ولقد شاهدت بأم عيني المناديل والأوراق بل والملابس مرمية في ممرات الطائرة، وكنت أواري وجهي خجلاً من هذه المناظر، إذ لم أطق استمرار النظر إليها، وكأني أنا المسؤول عنها. إن مثل هذه الممارسات تزيد من الأعباء على الخطوط السعودية وتعطي صورة غير حسنة عن مجتمعنا، والأحرى بنا كمسافرين على متن طائراتها أن نحافظ عليها وعلى نظافة مقاعدنا فالممتلكات العامة ملك للجميع وهي ثروة وطنية بربحها يربح الوطن، ويربح الجميع وبخسارتها يخسر الوطن، ويخسر الجميع. ومما يوجه للمسافرين من ملاحظات تركهم أبناءهم يعبثون ويركضون في الممرات ويزعجون الآخرين، وفي هذا تماد يجب التنبه له خاصة في الرحلات الدولية فالمسافرون يحتاجون إلى الراحة من عناء السفر ومشقته ووجود مثل هذه الممارسات، وعدم بذل الآباء وأولياء الأمور أي جهد مع أبنائهم هي ممارسات أبعد ما تكون عن الممارسات الحضارية.
وحيث إن المسافر يحتاج إلى شيء من النقود لعملة البلد الذي يقصده، لذا فإن أحد الأماكن التي يتعامل معها هي البنوك، وقد لمست وأنا بصدد الاستعداد للسفر أن الخدمة في هذا المجال في تراجع، إذ في السابق كانت البنوك تعرض البيانات عن العملات الأجنبية على شاشات إلكترونية تمكن من يرغب في صرف العملة من معرفة قيمة الصرف، لكن هذه الشاشات اختفت وعلى أقل تقدير من البنوك التي راجعتها، وكذا محال الصرافة، وما على من يرغب في صرف العملة أو شرائها إلا الاستماع لموظف من وراء زجاج سميك يصعب معه سماع ما يقول، وما على الفرد إلا أن يشتري العملة وهو لا يعرف قيمتها، وقد حدث ذلك لي مع أحد البنوك، والذي خصص صرف العملات في صراف واحد، ونظراً لكثرة الناس، والمراجعين فلا هو يتعامل بصورة لبقة، ولا المراجعون لديهم الرغبة في الاستفسار نظراً لطول الانتظار. وفي هذا تساؤل يوجه لمؤسسة النقد العربي السعودي هل أعفت البنوك من نظام عرض أسعار العملات على شاشة إلكترونية، أم أنه كان اجتهاداً من البنوك وتخلت عنه في الوقت الراهن. لقد قارنت بين ما هو سائد لدينا بما هو معمول به في ماليزيا التي كانت وجهتي السياحية، ووجدت أن البنوك ومحلات الصرافة في ماليزيا ملزمة بعرض أسعار صرف العملات على الشاشة الإلكترونية مما يعطي فرصة تأن ومعلومات كافية حول العملات ومن ثم يكون القرار بالصرف أو التأجيل للمستفيد أملاً في تحسن سعر الصرف. ومع هذه الملاحظات التي تمت الإشارة إليها لا بد من الإقرار بأن السفر قطعة من نار، ولا يمكن تجاوز المشاكل التي يواجهها المسافر إلا بتضافر جهود كافة الأطراف من خطوط طيران، ومكاتب سياحية، وبنوك، ومسافر وغيرها من الجهات ذات العلاقة، حيث إن جهود كافة هذه الجهات تشكل في مجموعها إنتاجاً يسهم في سياحة داخلية أو خارجية مفيدة وأقل تعباً للمسافر أو للجهة المقدمة للخدمة، وأكثر توفيراً للجهد، والمال كما أن التخطيط البكر على المستوى الفردي والمؤسساتي يجنب الجميع الآثار السلبية الناجمة عن الإقبال الشديد على السفر في الصيف، فهل نسعى جميعاً لتحقيق هذا الأمر والاستفادة من كل الملاحظات، كل في مجال عمله، أرجو أن يتحقق هذا؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي