منظمة التجارة العالمية بين يديك الحلقة (25)

منظمة التجارة العالمية بين يديك الحلقة (25)

[email protected]

تصنيف الأنشطة الاقتصادية في تجارة الخدمات

في أواخر عام 1972 اتخذت الهيئة الإحصائية Statistical Commission في الأمم المتحدة United Nations قراراً، بالاتفاق مع مجلس التعاون الجمركي العالمي International Customs Cooporation Council, باعتماد التصنيف الدولي International Trade Standards Classification, واختصاراً ITSC, كأساس لتصنيف الأنشطة الاقتصادية، التي تشمل تجارة السلع فقط. ولتوسيع قاعدة هذا التصنيف بحيث يشمل التجارة في قطاع الخدمات أيضاً، قامت الأمم المتحدة في الفترة (1977-1987)م، بالتعاون مع المجموعة الأوروبية، بإعداد التصنيف المركزي للمنتجات Central Poduct Classification, واختصاراً CPC.
وفي أثناء جولة أوروجواي، اتخذت وفود الأطراف المتعاقدة في اتفاقية الجات47 قراراً ينص على استخدام التصنيف CPC لتعريف قطاعات الخدمات الرئيسية والفرعية، بحيث لا يتعارض هذا التصنيف مع أنظمة التصنيف الدولية للأنشطة التجارية ITSC، ويتفق مع الهدف من تصنيف القطاعات التي تشملها تجارة الخدمات التي سبق تعريفها بأنها تجارة لا يمكن تخزينها أو نقلها، وأنها نوع من التجارة، التي لا تخضع لتصنيف النظام الجمركي المنسق للمنتجات السلعية Harmonized System, وإنما تتبع التصنيف المركزي للمنتجات الخدمية CPC. إلا أن سكرتارية الجات الـ 47، لدى إعدادها قائمة القطاعات الخدمية في عام 1991م، التي وافقت عليها وفود الأطراف المتعاقدة في اتفاقية الجات الـ 47، واجهت بعض الصعوبات في هذا التصنيف، مثل تضمين قطاع خدمات التوزيع في التصنيف المركزي للمنتجات الخدمية CPC, لأن هذا القطاع، خلافاً للقطاعات الخدمية الأخرى، يتضمن تجارة الجملة والتجزئة في السلع التي يمكن تخزينها ونقلها. وبالتالي فإن هذا القطاع يشمل تجارة السلع والخدمات معاً ولابد من تمييزه عن القطاعات الخدمية الأخرى مثل الاتصالات والتعليم والخدمات المالية. لذا أصدرت سكرتارية الجات الـ 47، بعد الاتفاق مع سكـرتارية الأمم المتحدة، تصنيفاً خاصاً بقطاع تجارة التوزيع ضمن مذكرتها القانونية رقم MTN.GNS/W/120 الصادرة بتاريخ 10 يوليو 1991م، أوضحت فيه التالي:
1 ـ أن قطاع التـوزيع الذي يقـع وفقاً للتصنيف CPC في الموقـع الرابع ضـمن 12 قطاعاً رئيسياً، ينتمي أيضاً لتصنيف ITSC في المركز السادس ضمن تسعة قطاعات رئيسية.
2 ـ أن وفود الأطراف المتعاقدة في اتفاقية الجات الـ 47 اقتنعت بحذف بعض القطاعات الفرعية في قطاع التوزيع (مثل المطاعم والمقاهي والفنادق)، منعاً لاختلاط أرقام هذين التصنيفين، والاكتفاء بأربعة قطاعات فرعية وهي:
أ ـ خدمات الوكلاء بالعمولة.
ب ـ خدمات تجارة الجملة.
ج ـ خدمات تجارة التجزئة.
د ـ خدمات أخرى (دون تصنيف).
ولدى انتهاء مفاوضات جولة أوروجواي عام 1993، وتوقيع اتفاقية إنشاء منظمة التجارة العالمية في مراكش في المغرب، في 15 نيسان (أبريل) 1994، لتصبح نافذة في 1/1/1995م، أعلنت سكرتارية المنظمة في الوثيقة رقم S/CSW/2-S/CSC/W/9 الصادرة في تشرين الأول (أكتوبر) 1997 التفسيرات الإضافية لقطاع خدمات التوزيع، ليخضع هذا القطاع للتصنيف المركزي المحدّث CPC Rev1، الذي حدد عدد قطاعاته الفرعية كالتالي:
أ ـ خدمات الوكلاء بالعمولة.
ب ـ خدمات تجارة الجملة.
ج ـ خدمات تجارة التجزئة.
د ـ خدمات عقود الامتياز.
كما أوضحت الوثيقة المذكورة أن الأرقام المصاحبة للتصنيف CPC Rev1 تعني التالي:
أ ـ الرقم الأول من اليسار يمثل التصنيف الدولي للأنشطة التجارية ITSC.
ب ـ الرقمان الثاني والثالث من اليسار يمثلان أنواع الخدمات وأنشطتها الفرعية طبقاً للتصنيف المركزي للخدمات CPC.
ج ـ الرقمان الرابع والخامس من اليسار يمثلان أصناف السلع التي تشملها أنواع الخدمات الفرعية طبقاً للنظام الجمركي المنسق Harmonized System.
وبالتالي فإن التصنيف CPC 62211 يعني خدمات توزيع الحبوب والبذور بالجملة، والتصنيف CPC 62212 يعني خدمات توزيع النباتات والزهور بالجملة.
ولقد أحسنت الدول الأعضاء في المنظمة استخدام هذا التصنيف بطرق خلاَّقة Creative لحجب واستثناء العديد من السلع لدى تقديم التزاماتها في عروض خدمات التوزيع. فقامت الولايات المتحدة، باستثناء خدمات توزيع المشروبات الكحولية في تسع ولايات. وقامت ألمانيا، البرتغال، وإيطاليا باستثناء خدمات توزيع التبغ ومشتقاته، وقامت الأردن باستثناء خدمات توزيع المواد الغذائية والذهب والنفط المكرر من جداول عروض الخدمات الخاصة بها، نظراً لتأثر هذه السلع الحساسة بمضاربة ومزايدة الوكلاء والموزعين واحتكارهم لها.
ومنذ الاتفاق الذي تم بين الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية على الصيغة القانونية لاتفاقية الجاتس، لا تزال هنالك مراجعة دورية لهذه الاتفاقية المعقدة التي تعارضها الكثير من الدول النامية مثل الهند، المكسيك، ماليزيا، والصين لما تحتويه من أحكام إلزامية تنص على فتح الأسواق بسرعة أكبر ما تستدعي هذه الأسواق النامية لإعادة هيكلة اقتصادها وتوحيد صفوفها لمجابهة المنافسة.
وتوضح العديد من الوثائق الصادرة عن المنظمات الدولية وآخرها الوثيقة رقم TD/TC/WP9918/FINAL, الصادرة عن دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OECD في تاريخ 19 تموز (يوليو) 200، مدى التفاوت بين الدول المتقدمة في تفسير المقصود بقطاع التوزيع وتجارة الجملة والتجزئة، وكذلك تفسير الخدمات التي يمكن أن يقدمها الوكيل Agent أو الموزع Distributor, وتفسير الفارق بين الوكيل والموزع والوسطاء Brokers أو المزايدين Auctioneers.
وفي ظل عجز منظمة التجارة العالمية عن وضع تفسير دقيق وواقعي لهذا القطاع كما هو واضح في الوثيقة رقم MTN.GNS/W/120 الصادرة عن سكرتارية المنظمة في 1991، ظهرت مؤسسات أخرى عديدة، مثل نظام التصنيف الصناعي لدول أمريكا الشمالية North American Industry Classification, التي حددت تفسيراً مغايراً، لما ورد في وثائق منظمة التجارة العالمية، وضمنته التالي:
1 ـ تجارة التوزيع بالجملة هي الخدمات التي تهيئ صاحب السلعة لتوزيع منتجاته داخل حدوده الجغرافية أو خارجها وله في ذلك استغلال جميع الطرق والوسائل التي تؤمن وصول هذه المنتجات إلى الأسواق سواء كان ذلك جواً أو براً أو بحراً أو إلكترونياً (عن طريق الإنترنت).
2 ـ تجارة التوزيع بالتجزئة، هي وصول السلع إلى المستهلك بالطرق المذكورة أعلاه.
ولقد نتج عن هذا التفسير الأمريكي أضرار في تجارة الجملة في كنـدا، حيث أصبحت الوسائل التعليمـية والصوتية والمرئية تنـقل Downloading من أمريكا إلى كندا بواسطة الإنترنت بدلاً من تصنيعـها في كندا وتوزيعـها على المستهلكين. كما تحولت العديد من شركات التوزيع بالجملة في كندا إلى شركات للتوزيع بالتجزئة لتستطيع الوصول إلى المستهلك مباشرة لمقاومة منافسة نقل السلع الأمريكية إليه إلكترونياً.
وفي عام 1999م صدرت عن إدارة مركـز التجارة الدولي في جنيف وثيقة أسرار التجارة Trade Secrets, التي قامت بإعداد تفسيرات أخرى لقطاع تجارة التوزيع وحددت الفارق بين الوكيل والموزع. ومازال العمل قائماً حتى تاريخه في منظمة التجارة العالمية لاعتماد صيغة محددة لقطاع التوزيع والتعريفات الخاصة بقطاعاته الفرعية.

الأكثر قراءة