(مسؤولية) الغرفة التجارية في الرياض

[email protected]

يعد مفهوم المسؤولية الاجتماعية أو ما يسمى Social Responsibility من أهم المفاهيم التي يتم تداولها اليوم في أوساط المال والأعمال حول العالم وتبرز أهمية هذا الطرح في الدور الذي يقوم به القطاع الخاص في التنمية المستدامة للمجتمعات وعلى حمل مسؤولية مهمة في التطور الاقتصادي بشكل ينعكس مباشرة على المستوى الاجتماعي.
واستنادا إلى تعريف البنك الدولي مفهوم المسؤولية الاجتماعية لرجال الأعمال على أنها التزام أصحاب النشاطات التجارية بالإسهام في التنمية المستدامة من خلال العمل مع المجتمع المحلي بهدف تحسين مستوى معيشة الناس بأسلوب يخدم الاقتصاد ويخدم التنمية في آن واحد. بمعنى أن الدور الذي يقوم به القطاع الخاص يجب أن يكون بمبادرة داخلية وقوة دفع ذاتية من داخل صناع القرار في القطاع الخاص سواء كان أفرادا أو مؤسسات.
كانت هذه المقدمة لإحدى المقالات السابقة التي طرحتها في عام 2004 في هذه الجريدة فيما يخص مناقشة مستوى ومستقبل المسؤولية الاجتماعية للشركات في السعودية، ومنذ ذلك الوقت ونحن نستمتع بالكثير من المشاهدات التي تؤكد أن هناك حراكا كبيرا على جميع المستويات لدرجة أن مصطلح المسؤولية الاجتماعية أصبح أكثر استخداما وأكثر شيوعاً وخصوصاً مستوى القطاع الخاص لتفعيل وتطبيق هذا المفهوم وبدأت العجلة تدور في اتجاه الاستفادة من المعطيات على أرض الواقع وتطويعها لدعم هذا التوجه الوطني المهم.
وتأتي الغرفة التجارية الصناعية في الرياض لتكون المثال الحي لهذا التطور وبذلك فإنها تخطت دورها في خدمة مجتمع الأعمال إلى خدمة المجتمع الذي يخدم مجتمع الأعمال وكذلك حث مجتمع الأعمال على تبني المسؤولية الاجتماعية. ويأتي دور الغرفة ممثلاً في إدارة خدمة المجتمع على رأس القائمة التي حملت راية تطوير ذلك المفهوم والسعي الحثيث في سبيل التطوير والتواصل مع الجهات المختلفة لتعميق التعاون بما يخدم المجتمع المحلي ويسهم في تطوره على جميع المستويات. ومن ذلك اللجان الكثيرة والمختلفة التي تستظل بمظلة الغرفة التجارية والتي لا يتسع المجال لذكرها في هذه المساحة الصغيرة ومنها دليل الخدمات الإنسانية الذي يتضمن أسماء الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية مع تفصيل نشاطاتها وبرامجها.
ولعل آخر ما استرعى اهتمامي من المبادرات هو الاسم الجميل الذي أطلقته الغرفة على برنامج المسؤولية الاجتماعية وهو (مسؤولية)، وهو برنامج يعنى بتحقيق أهداف مهمة وحيوية للمسؤولية الاجتماعية، ومن تلك الأهداف كما جاء في الكتيب الخاص للبرنامج: وضع خطط واستراتيجيات تهدف لتبني المسؤولية الاجتماعية من مؤسسات القطاع الخاص. كذلك تشجيع منتسبي الغرفة وحثهم على تبني برامج المسؤولية الاجتماعية، نقل تجارب المسؤولية الاجتماعية بين الشركات، تسليط الضوء على برامج المسؤولية الاجتماعية الناجحة، اقتراح وتبني برامج ابتكارية لخدمة المجتمع، تقديم خدمات استشارية في مجال المسؤولية الاجتماعية لمنتسبي الغرفة.
وكما ذكرنا فإن الغرفة التجارية هي المرجعية الاستثنائية لقطاع الأعمال، ولذلك فإن لها دورا كبيرا في دعم مفهوم المسؤولية الاجتماعية لقطاع الأعمال وفق ما يحمله برنامج (مسؤولية)، وأن تكون المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص ورجال الأعمال في بلد مثل السعودية وفي أوج عطائها الاقتصادي والاستثماري، يجب أن يتعدى مجرد المشاركة في الأعمال الخيرية وعمل حملات تطوعية وإنما تتسع لتشمل مسؤوليتهم تجاه تنمية المجتمع المحرك الأول للاقتصاد تنمية مستدامة، فيجب أن يكون للشركات الكبيرة ورجال الأعمال دورا تنمويا أساسيا وأن يصبح العطاء من أجل التنمية جزءا لا يتجزأ من أنشطة هذه الشركات.
مع أن لدينا الكثير والكثير لنقوم به تجاه مفهوم المسؤولية الاجتماعية، إلا إن هناك مبادرات كبيرة سيكون لنا وقفات مفصلة معها مستقبلاً بإذن الله، وتلك المبادرات تعطي مساحات أكبر للتفاؤل بمستقبل التنمية المستدامة والعطاء الذكي في السعودية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي