"جونو" يعيد تركيز الانتباه على ممرات تجارة النفط

"جونو" يعيد تركيز الانتباه على ممرات تجارة النفط

مع الإعصار جونو الذي ضرب سواحل عمان الأسبوع الماضي عاد القلق إلى سوق النفط بسبب التخوف من احتمال حدوث تطور يمكن أن يؤثر في مضيق هرمز، وهو الممر الرئيس لتجارة النفط العالمية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع في سعر برميل النفط 66 دولارا للبرميل مع اقتراب الإعصار من شواطئ إيران، وهو ما يضيف عاملا جديدا للأسواق للقلق بسبب احتمال حدوث كارثة طبيعية إلى جانب العوامل الأمنية والجيوسياسية وتلك المرتبطة بأوضاع الدول المنتجة، فالذاكرة لا تزال عامرة بآثار إعصاري كاترينا وريتا في خليج المكسيك الأمريكي.
وتلعب الممرات دورا مهما نسبة لأن نحو ثلثي تجارة النفط العالمية يتم ترحيلها عبر الناقلات، وهذه تجوب البحار والمحيطات بين مناطق الإنتاج والاستهلاك، فالناقلات جعلت الحركة سهلة وربطت القارات لمرونتها وقدراتها التحميلية العالية. والناقلات تتراوح حمولتها بين 200 ألف إلى 300 ألف طن ساكن وتنقل الواحدة نحو مليوني برميل في كل رحلة.
من الممرات المهمة باب المندب الذي تطل عليه كل من اليمن، أرتيريا وجيبوتي، وهو يربط البحر الأحمر بخليج عدن ولهذا فإغلاقه لأي سبب يهدد الناقلات القادمة من الخليج وتتجه إلى أوروبا، لكن خط الشرق والغرب الذي يمتد عبر السعودية يمكن أن يوفر بديلا له خاصة وطاقته تبلغ 4.8 مليون برميل يوميا. لكن يظل هذا الممر مصدرا للقلق، ففي تشرين الأول (أكتوبر) من عام 2002 مثلا تعرضت ناقلة ترفع العلم الفرنسي وتدعى ليمبورج إلى هجوم وهي بالقرب من سواحل اليمن، الأمر الذي أثار المخاوف من احتمال وقوع حوادث تؤدي إلى إغلاق ممر باب المندب، ما يؤثر في النقل إلى قناة السويس وخط سوميد.
وهناك أيضا مضيق البسفور التركي بطول 17 ميلا، بينما يقصر عرضه إلى نصف ميل فقط عند أضيق نقطة، والبسفور يفصل أوروبا عن آسيا، كما يربط البحر الأسود بالأبيض المتوسط وعبره تتجه صادرات النفط الخام والمنتجات المكررة إلى جنوب وغرب أوروبا. والمضيق يعتبر الأكثر حركة في العالم، إذ يوفر ممرا لنحو 50 ألف سفينة سنويا من بينها نحو 5500 ناقلة نفط. وبما أنه يعتبر المنفذ الأنسب للصادرات من بحر قزوين، فإنه وفي واقع الأمر شهد نموا في حجم الحركة منذ تفكك الاتحاد السوفياتي عام 1991، وتزداد أهميته الاستراتيجية بالتالي.
والبسفور لا يسمح بمرور ناقلة أكبر من 120 ألف طن ساكن، وفي 2000 أعلنت تركيا أنها وضعت قيودا على مرور حركة الناقلات خوفا من حدوث تصادم أو تسرب نفطي، ومن هذه الإجراءات منع مرور السفن والناقلات التي يزيد طولها عن 200 متر، مساء. ومن المتاعب التي تعاني منها الحركة في مضيق البسفور تقلبات الطقس التي أدت في شتاء العام الماضي إلى حدوث تأخير وصل إلى 20 يوما بالنسبة للناقلات، الأمر الذي كان يكلفها 50 ألف دولار يوميا.
لكن يظل الاهتمام مركزا على مضيق هرمز، الذي يعتبر الممر الفقري لتجارة النفط العالمية. فالمضيق يبلغ عرضه ميلين للسفن والناقلات الذاهبة ومثلها لتلك الآيبة، إلى جانب منطقة محايدة في الوسط، وهو يربط عمليا بين خزان النفط الرئيس في الخليج ومناطق الاستهلاك في الولايات المتحدة، أوروبا، وآسيا. وبسبب هذه الحساسية، عملت السعودية على إقامة خط الأنابيب الممتد بين الشرق والغرب ورفع طاقته إلى 4.8 مليون برميل يوميا، إلى جانب خط مواز لنقل الغاز، إضافة إلى الخط الذي بني لنقل النفط العراقي أبان الحرب مع إيران وطاقته 1.6 مليون برميل يوميا، والتابلاين بطاقة نصف مليون برميل يوميا.
ومن الممرات المهمة كذلك ممر ملقا، الذي يربط المحيطين الهندي والباسفيكي، ويعتبر أقصر ممر أو طريق بين الخليج والأسواق الآسيوية ذات التجمعات السكانية الكبيرة، إلى جانب أكبر بلدين يسجلان نموا في استهلاك الطاقة وهما الصين والهند. ويضيق الممر ليبلغ عرضه 1.5 ميل عن أقصر نقطة، الأمر الذي يخلق وضعا يمكن أن يحدث فيه تصادم وبالتالي تسرب نفطي، إلى جانب بروز بعض الظواهر الخاصة بالقرصنة فيه. ومع تزايد أهمية الصين لاعبا على الساحة النفطية، فإن ممر ملقا مرشح لتزايد أهميته الاستراتيجية.

الأكثر قراءة