"مجموعة الثماني" تعترف: العالم في حاجة لاستيعاب اقتصادات الدول الناشئة

"مجموعة الثماني" تعترف: العالم في حاجة لاستيعاب اقتصادات الدول الناشئة

أكد زعماء مجموعة الثماني للقوى الصناعية أمس، أنهم يريدون توثيق التعاون بشأن السياسات مع الصين وغيرها من القوى الصاعدة ذات الثقل في الاقتصاد العالمي.
ويمثل القرار اعترافا بأن منتدى صغيرا للقوى الاقتصادية قديمة العهد بالتصنيع أقيم منتصف السبعينيات لم يعد يستطيع تشكيل سياسة اقتصادية عالمية دون مشاركة دول من خارجه مثل الصين والهند والبرازيل.
وقال الزعماء في بيان أصدرته قمتهم في منتجع هايليجندام المطل على بحر البلطيق "بالنظر إلى مسؤولياتنا ثمة حاجة لتطوير حلول مشتركة". وأضاف البيان "دول مجموعة الثماني والاقتصادات الصاعدة الرئيسية لديها الفرصة لتعريف شراكة جديدة تستجيب لتلك التحديات الاقتصادية العالمية". وفوضوا مهمة التنسيق لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي مقرها باريس وتعمل على النهوض باقتصادات السوق الحرة في 30 بلدا معظمها من الدول الغنية التي تشمل أعضاء مجموعة الثماني.
وتضم مجموعة الثماني الولايات المتحدة، اليابان، ألمانيا، بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، كندا وروسيا. والصين رابع أكبر اقتصاد في العالم لم تبدأ فتح أبوابها على الخارج إلا
في أواخر السبعينيات إبان حكم الرئيس دينج شياو بينج، غير أن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في الصين يتجاوز عشرة في المائة سنويا بما يفوق كثيرا دول مجموعة الثماني.
وأعلن زعماء المجموعة عن فترة تجريبية مدتها عامان لمبادرة قالوا إنها
ستركز على ترشيد استهلاك الطاقة وحرية الاستثمار وتشجيع الابداع وحمايته فضلا عن سياسة للتنمية لاسيما تجاه إفريقيا. واتفقت مجموعة الثماني على تخصيص 60 مليار دولار لمكافحة الأوبئة في إفريقيا مجددة التأكيد على التزامها رفع قيمة مساعداتها إلى القارة السمراء خلال الأعوام المقبلة بنسبة كبيرة.
وخصص اليوم الأخير من قمة هايليجندام (شمال شرق ألمانيا) للقارة الأفريقية وللدول الناشئة. وحضر إلى هايليجندام ستة رؤساء أفارقة وجهت الدعوة إليهم لحضور القمة بينهم رؤساء نيجيريا وجنوب إفريقيا والسنغال والجزائر.
وصباح أمس شرعت مجموعة الثماني في محادثاتها مع الدول ذات الاقتصادات الناشئة التي قررت إسماع صوتها في قضايا المناخ والحق في التطور والنمو.
وتغيب الرئيس الأمريكي جورج بوش عن جلسات العمل الصباحية للقمة بسبب "توعك
خفيف"، قبل أن يعود ويشارك في الجلسات اللاحقة.
وحاولت الدول الصناعية الثمانية المتهمة بإهمال إفريقيا استعادة زمام المبادرة من خلال التعهد بتخصيص مساعدة ضخمة لمكافحة الإيدز والملاريا والسل. وتحدث بيان
صدر عن القمة الجمعة عن "60 مليار دولار" سيتم دفعها "خلال الأعوام المقبلة".
وتعهدت الولايات المتحدة بتوفير نصف هذا المبلغ بعدما كانت قد وعدت في أواخر
أيار (مايو) بمضاعفة حجم المساعدات التي تقدمها في هذا المجال بحيث تبلغ 30 مليار
دولار. وسيخصص عشر هذا المبلغ لتمويل صندوق دولي لمكافحة الأوبئة أنشأته مجموعة الثماني في 2001 بدعم من الأمم المتحدة.
وجددت دول المجموعة التي تضم روسيا، الولايات المتحدة، فرنسا، ألمانيا، بريطانيا، اليابان، إيطاليا، وكندا التأكيد على الالتزامات التي تعهدت بها في قمة جلين إيجلز في إسكتلندا قبل عامين.
وتنص هذه الالتزامات على مضاعفة مساعدتها لإفريقيا في 2010 مقارنة بالعام 2004 عبر رفع هذه المساعدة تدريجيا بقيمة 50 مليار دولار سنويا حتى العام 2010 على أن يذهب 25 مليار دولار من هذه المساعدة الإضافية إلى إفريقيا السوداء.
وتم التذكير بهذا الالتزام من جديد في البيان الصادر أمس.
وقالت مضيفة القمة المستشارة الألمانية المحافظة أنجيلا ميركل خلال لقاء مع
الصحافيين "نحن مدركون لواجباتنا ونأمل الإيفاء بالوعود".
من جهته، أعلن الرئيس الغاني جون كوفور باسم الاتحاد الإفريقي أن "إفريقيا تتوقع من مجموعة الثماني أن تفي بوعودها"، مؤكدا أن القارة السمراء ستبذل في المقابل جهودا لضمان حسن إدارة هذه المساعدات والأموال العامة.
وفي موضوع الدول ذات الاقتصادات الناشئة حضر إلى هايليجندام ممثلون عن خمس من هذه الدول هي: الصين، الهند، البرازيل، جنوب إفريقيا والمكسيك والتي يشكل عدد سكانها نسبة 42 في المائة من سكان المعمورة وتحتل مكانة متنامية في الاقتصاد والتجارة الدوليين على ما ذكر الرئيس الصيني هو جنتاو البارحة الأولى في برلين.
أوضح الرئيس الصيني أنه على الرغم من كل شيء فإن الدول النامية "لا تزال في
موقع مغبون في السباق نحو التنمية"، وعد العولمة تفرض على هذه الدول "تحديات لا حصر لها".
وفي الوقت الراهن لا تزال مجموعة الثماني متأخرة عن جدولها الزمني في وقت يشهد
الاقتصاد العالمي منذ بضعة أعوام مرحلة من الازدهار لم يعرفها منذ ما يزيد على ثلاثة عقود.
ويأخذ البنك الدولي والمنظمات غير الحكومية على الدول الغنية عدم الوفاء بالتزاماتها. غير أن مناهضي العولمة الذين نظموا تظاهرات حاشدة قرب هايليجندام احتجاجا على سياسات دول المجموعة أعربوا إثر الإعلان عن هذه المساعدات عن رضاهم على ما تحقق وأعادوا فتح الطرقات إلى مقر القمة التي قاطعوها طيلة فترة انعقادها.
وقالت ليا فواجت من جمعية "بلوك جي 8" المناهضة للعولمة "نحن أكثر من راضين"
على ما تحقق. وفي إطار التظاهرات أعلنت ناطقة باسم منظمة جرينبيس (السلام الأخضر) للدفاع عن البيئة أن السلطات الألمانية عمدت صباح الجمعة إلى إرغام المنظمة على إنزال منطاد تابع لها كان يحلق فوق روستوك قرب هايليجندام ويرفع لافتة كتب عليها "مجموعة الثماني: تصرفوا الآن" وفوقها عبارة "فشل".
وبوسع الرئاسة الألمانية لمجموعة الثماني أن تفاخر بما تحقق في القمة التي استضافتها. فهذه القمة شهدت تحقيق تقدم في الملف الإفريقي سبقه تقارب مع المجتمع الدولي حول مكافحة الاحتباس الحراري عبر الاتفاق الذي تم إقراره، كما أنها شهدت بوادر حلحلة للتوترات التي اعترت العلاقات بين موسكو وواشنطن على خلفية مشروع نشر الدرع الأمريكية المضادة للصواريخ في أوروبا الشرقية.
وبالمقابل لا تزال دول المجموعة منقسمة حيال موضوع خلافي آخر بين الغرب وروسيا هو ملف مستقبل إقليم كوسوفو الذي ترفض موسكو رفضا قاطعا منحه الاستقلال.
وتناقش المجموعة منذ الخميس اقتراحا يقضي بتأجيل التصويت في مجلس الأمن الدولي على مشروع قرار بهذا الخصوص لمدة ستة أشهر إفساحا للمجال أمام صربيا وإقليمها للتوصل إلى تفاهم بينهما.
وأقر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أنه "حتى الآن لم يتحقق التقدم اللازم".
وتدير الأمم المتحدة إقليم كوسوفو منذ 1999 بعدما قصفت قوات حلف الأطلسي الإقليم لمنع القوات الصربية من مواصلة قمعها للانفصاليين الألبان.
واعترفت أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية، بأنه مازالت هناك "بعض الخلافات" بين دول مجموعة قمة الثماني من جهة، وأهم الدول الناشئة من جهة أخرى بشأن اعتماد سبل موحدة لمكافحة التغير المناخي.
وأشارت ميركل إلى عدم استطاعة الطرفين الاتفاق على انتقاء أهداف معينة عند التفاوض بشأن الإجراءات المطلوبة لمكافحة التغير المناخي "لأن هذه الأهداف تفرض نفسها".
يذكر أن ميركل ستلتقي اليوم رؤساء دول وحكومات أهم البلدان الناشئة في منتجع هايليجندام وهي: الصين، الهند، البرازيل، المكسيك وجنوب إفريقيا.
وأكدت المستشارة الألمانية أن دول مجموعة الثماني ستفي بالتزاماتها بشأن زيادة المساعدات لقارة إفريقيا.
وعقب لقاء مع ممثلي بعض الدول الإفريقية أمس، في منتجع هايليجندام الألماني قالت ميركل إن دول مجموعة الثماني لديها أيضا بعض التوقعات من الدول التي ستتلقى المساعدات. وأضافت ميركل: "نعي مسؤولياتنا وسنفي بالتزاماتنا".
من جانبه قال الرئيس الغاني جون كوفور، إن الدول الإفريقية تتوقع أن تفي دول مجموعة الثماني بوعودها.
وأعلنت وزيرة التنمية والتعاون الاقتصادي الألمانية أمس، أن بلادها سترصد أربعة ملايين يورو لدعم إفريقيا في مجال مكافحة الإيدز والملاريا والسل بحلول 2015. وقالت هايدي ماريا فيتسوريك أمس، إنه تم الاتفاق على رصد هذا المبلغ مع أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية ووزير المالية بيير شتاينبروك.

الأكثر قراءة