رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


بنك الإنماء: لماذا لا يصبح بنكا للإسكان؟!

[email protected]

أفرزت ثورة الأسهم السعودية الكثير من الظواهر التي سيستمر الحديث عنها لسنوات عديدة مقبلة. وكانت أهم الظواهر المطالبة الشعبية - قادها المراقبون والمحللون - إلى ضرورة زيادة عمق السوق السعودية في سوق تشهد تداولات يومية تتجاوز 20 مليار ريال، تطارد نحو 70 شركة في حينه. وكان أحد تلك القرارات هو إنشاء بنك الإنماء برأسمال ضخم يبلغ 15 مليار ريال، لامتصاص السيولة الكبيرة في السوق. وقد يضاف إلى ذلك الحاجة إلى تعزيز القطاع البنكي بمصارف ذات رؤوس أموال ضخمة، لمجابهة الاحتياجات التمويلية الكبيرة التي يشهدها الاقتصاد المحلي.
وعلى ما يبدو فإن خطوات إنشاء بنك الإنماء تمر متباطئة، ولم يظهر للعلن سوى خطوط عريضة عن ماهية البنك تثير تكهنات غامضة أكثر من أن تكون معلومات واضحة. وهو الأمر الذي يجعل الحديث عن إنشاء مثل هذا البنك محل تساؤل. فرأسمال البنك يعد أكبر حجماً من البنوك القائمة حالياً، مما يجعل متطلبات إنشائه أكبر من الإمكانيات المعتادة. ناهيك عن أن توقيت إنشائه جاء في وقت تشهد البنوك القائمة حالياً مصاعب في استقطاب الخبرات البنكية العالية من السوق المحلية والخارجية على حد سواء. إضافة إلى أن بنوكنا المحلية سارعت إلى رفع رؤوس أموالها بشكل متسارع في السنتين الأخيرتين، مما يضيف مصاعب أخرى على كاهل مؤسسي بنك الإنماء.
ويمكن إضافة مصاعب أخرى قد تعتري نجاح بنك مثل هذا، منها عدم وضوح الهدف من إنشائه، ناهيك عن أن القطاع الحكومي المؤسس، في قطاع لم نتعود أو نتعارف عليه، حيث إن إنشاء بنوك تجارية (وليست تنموية) يحتاج إلى قطاع خاص متمرس في القطاع نفسه، مع ضرورة تدرج مراحل الإنشاء كما هو الحال لمعظم البنوك المحلية التي أنشئت في المملكة (الراجحي، الرياض، الأهلي)، وأخيراً بنك البلاد الذي كان حصيلة تحول مجموعة مؤسسات مصرفية إلى كيان بنكي، ورغم ذلك مازال يواجه تحديات كبيرة.
وإذا كان بنك الإنماء قد أسس في ظروف لم تسمح لصناع القرار دراسة جدواه بشكل موسع، فإنه يمكن تقديم مقترحات تساعد البنك على الدخول في القطاع البنكي بأقل تكلفة وأكثر كفاءة وفاعلية، ومن هذه المقترحات:
1- أن يقوم البنك بالاستحواذ على بعض البنوك مثل "الهولندي"، حيث إن الشريك الأجنبي لديه النية في بيع حصته كما هو معروف في الأوساط المصرفية المحلية والعالمية. وهذا الأمر سيكون مماثلاً لطريقة دخول صندوق الاستثمارات العامة بديلاً لسيتي جروب في بنك سامبا. ويمكن ضم بنك الجزيرة إلى عملية الاستحواذ. وبهذه العملية يمكن لبنك الإنماء حيازة كوادر بشرية مميزة في قطاع المصرفية البنكية (الشركات والأفراد)، وحيازة أصول عقارية تتمثل في مواقع رئيسية وفروع مثالية لهذين البنكين. مع العلم أن لكل بنك منهما مميزات أفضل من الآخر، فـ "الهولندي" يتميز بقوة قطاع الشركات، بينما يتميز بنك الجزيرة بقوة خدمات الوساطة.
2- قد يتحول البنك لإقراض القطاع الإسكاني ويصبح "بنك إنماء لتمويل المساكن"، بحيث يضم معه برنامج "مسكن" الذي طرحته معاشات التقاعد حديثاً. ويدعو إلى مشاركة البنوك السعودية الأخرى وشركات التمويل المتعددة إلى قائمة المؤسسين، ومن ثم الطرح العام للجمهور. وبالتالي سيكون للبنك هدف محدد هو إقراض قطاع الإسكان. وسيتحقق نجاحه من أن القطاع الحكومي سيقدم دعماً لوجستياً متمثلاً في الأنظمة واللوائح لقطاع الإسكان، وستقدم البنوك التجارية الأخرى قاعدة كبيرة من العملاء، وموظفين متمرسين في القطاع البنكي، وفروع منتشرة في كل أنحاء المملكة. وستعود الفائدة على الجمهور المساهمين في البنك، حيث سيمول احتياجاتهم السكنية، ويشكل قناة استثمارية مهمة لمدخراتهم.
إن هذين المقترحين يهدفان إلى تسريع خطوات تأسيس البنك، وجعله أكثر فاعليه وكفاءة من مجرد إنشاء بنك آخر لا يختلف عن البنوك الأخرى. ولعلني أميل إلى المقترح الثاني، وأخال أنه سيجد ترحيب قطاع عريض من الجمهور لأنه سيسهم في توظيف مدخراتهم بشكل أفضل، فهو من ناحية يمول احتياجاتهم السكنية، ومن ناحية أخرى هم شركاء فيه يحقق لهم عوائد ربحية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي