رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


المعلومة.. بدون خطاب رسمي

[email protected]

المعلومة هي الثروة الحقيقية التي يمكن أن تبنى عليها عملية التنمية وتوافر هذه المعلومة بشكل ميسر سيشجع الباحثين على القيام بالدراسات التي ستنعكس بشكل إيجابي على التنمية الاقتصادية. والدراسات الاقتصادية الحديثة لا يمكن أن تتم دون توافر بيانات وإحصاءات يمكن توظيفها لأغراض البحث والاستقصاء العلمي كما أنها توفر صورة أكثر نقاء لمتخذ القرار الاقتصادي، وذلك لسبب بسيط هو أن لغة الأرقام هي أبلغ لغة يتحدث بها الاقتصادي وهي أكثر اللغات إقناعاً.
ومن المحزن أن السعودية التي ترسل الكثير من أبنائها إلى الخارج لإكمال دراساتهم العليا لا يتوافر لديها قواعد معلومات قوية لكي يتسنى توظيفها في مجال البحث العلمي من قبل هؤلاء المبتعثين. لذلك تجدهم – أي المبتعثين – يضطرون إلى استخدام بيانات إحصائية لدول أخرى وفرت هذه البيانات بسهولة، مما تضيع الفرصة للاستفادة من هذه الموارد البشرية التي إن وظفت بشكل صحيح ستثري عملية البحث العلمي في السعودية خصوصاً في المجال الاقتصادي.
الأمر لا يقتصر على المبتعثين فقط أو الباحثين السعوديين وإنما يتعداه إلى الاستفادة من الباحثين الأجانب في الجامعات العربية أو الغربية. فأكثر ما يبحث عنه الباحث هو توافر العينة الإحصائية التي يمكن الاعتماد عليها لإجراء الاختبارات الإحصائية. وإذا ما توافرت هذه المعلومة بشكل ميسر فإن الباحثين لن يترددوا في توظيفها في مجال البحث العلمي المحكم. مما يعني أننا نستطيع الاستفادة من أفضل الباحثين في العالم ودون أي تكلفة وذلك بمجرد توفير المعلومة لهم.
ومما يؤسف له أن لدينا كماً كبيراً من الثروة المعلوماتية التي لم يتم استغلالها حتى الآن. فقليل من الجهات التي توفر المعلومة على الموقع الإلكتروني الخاص بها أو حتى في مراكز معلوماتها. بل إن الكثير من المسؤولين لا يعولون أهمية كبرى على البيانات الإحصائية، مما يجعل مراكز المعلومات في الكثير من الدوائر الحكومية موقعاً مثالياً للبطالة المقنعة وذلك بناء على الإحساس المتولد لدى العاملين فيها بعدم أهميتهم وبعدم إحساس المسؤولين أو تفعيلهم للدور الحقيقي لهذه المراكز.
والأمر المغاير تماماً لنظرة المسؤولين تلك هي نظرتهم إلى أهمية التعاقد مع مكاتب الدراسات الخارجية لإجراء دراسة لأي مشروع جديد أو لعملية تطوير الجهة الحكومية التابعة لهم. وما أقترحه هو إجراء دراسة لتقييم جدوى هذه الدراسات ومدى استفادة الجهات الحكومية منها. وأكاد أجزم أن أغلب هذه الدراسات تقبع الآن في أدراج الأرشيف العام لتلك الجهات.
من المهم أيضاً توسيع مهام مصلحة الإحصاءات العامة لتشمل بناء قواعد بيانات لجميع الأنشطة الاقتصادية في الدولة وألا تقتصر على التعداد السكاني فقط. كما أن توفير البيانات يجب أن يكون في شكل جداول إلكترونية يسهل على الباحث التعامل معها. والزائر إلى موقع المصلحة الإلكتروني يفاجأ بالطريقة التي يتم بها عرض البيانات وكأنها تقدم بطريقة إعلامية فقط ولا تستهدف توفير المعلومة للباحث. وعلى العكس من مصلحة الإحصاءات العامة توفر مؤسسة النقد بيانات مفصلة وبشكل دوري وعلى جداول إلكترونية وباللغتين العربية والإنجليزية مما يجعل الاستفادة منها أكثر سهولة.
والناظر في تجربة الدول الأخرى في هذا المجال يلحظ تقدماً كبيراً في مجال توفير البيانات الإحصائية على الإنترنت. ففي الولايات المتحدة توفر إدارة الإحصاءات العامة Bureau of Census بيانات عن كل مختلف الأنشطة الاقتصادية من إحصاءات سكانية وأنشطة اقتصادية وغيرها. وهذه البيانات تتوافر في شكل جداول إلكترونية وبطريقة يمكن للباحث التعامل معها بكل سهولة. أيضاً توفر جميع الجهات الحكومية والولايات المعلومات المتعلقة بأنشطتها على مواقعها الإلكترونية. دول أخرى كاليابان والدول الأوروبية حذت حذو الولايات المتحدة في هذا المجال بل ونافستها فيه بحيث سعت إلى توفير المعلومات المتعلقة بالنشاط الاقتصادي المتعلق بها بكل تفاصيله على مواقعها الإلكترونية. بل إن بعض الجهات سعت إلى دعوة الباحثين إلى الاستفادة من قواعد البيانات الخاصة بها لإجراء الدراسات والأبحاث ومن تلك الجهات إدارة التعليم العام في مدينة شيكاغو الأمريكية والتي قامت بتوفير معلومات تفصيلية عن نتائج اختبارات الطلبة الموحدة إضافة إلى معلومات تفصيلية عن الطلبة ومدارسهم والمواقع الجغرافية لهم. وقد أدى ذلك إلى توصل الباحثين إلى أن هناك عدداً من حالات التلاعب بالنتائج من قبل من قاموا بتصحيح هذه النتائج.
وأخيراً نتمنى أن يأتي اليوم الذي تقوم فيها الجهات الحكومية بدعوة الباحثين إلى الاستفادة من المعلومات الإحصائية المتوافرة لديها، وأن نتخطى المرحلة التي يطلب فيها من الباحث عن البيانات إحضار (خطاب رسمي) من الجهة البحثية التابع لها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي