رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


لنعلق تنفيذ برامج التجسير الصحية إلى أن تعتمد أكاديميا!

[email protected]

في سوق العمل متطلبات الارتقاء بمستوى الخدمة تختلف من تخصص إلى آخر ومن مهنة إلى أخرى ومن وقت إلى آخر, إلا أن الأساس هو أن تكون الأيدي العاملة قد تلقت تعليما وتدريبا مكافئا للدرجة التي تخرجت فيها وحسب المعايير والمقاييس المتعارف عليها محليا ودوليا لكل تخصص لتحقق الارتقاء النوعي المطلوب. في وقتنا الحاضر يعتبر العمل في القطاع الصحي أكثر المهن إنسانية حيث تعنى القوى العاملة فيه بتقديم الخدمة وهي مطالبة بالحرص على حياة عماد التنمية في كل المجتمعات ألا وهو الإنسان, وتوخي تطوير أدائها دائما. من كل التخصصات في هذا القطاع نجد أن التمريض مطالب دائما برعاية المرضى بكل تفان وأن يقدم طاقمه الخدمة بكل اقتدار, مهما كلف ذلك, لكن المشكلة تكمن في أننا نسلط سهامنا على الكوادر ولا نتساءل كيف نوفر لهم البيئة المناسبة ابتداء من تلقيهم التعليم المهني المتخصص ومرورا ببيئة العمل, إلى أن يرتقوا سلم النجاح والتميز فيتقلدوا المناصب الإشرافية؟ في البداية كانت الحاجة إلى العدد والتخصص تحتم تخريج حاملين للدبلومات والتدرج في اكتساب المهارات بالتدريب على رأس العمل, أما الآن فهناك حاجة إلى المؤهل والتخصص الدقيق, ولكن لا بد أن تكون الإجراءات مدروسة ومنسقا لها مع كل الجهات ذات العلاقة ومخططا لها على مدى عشرات السنين ليكون الارتقاء والتطوير مبنيا على أسس علمية سليمة. إن ما حصل أخيرا في القطاع الصحي ليدعو إلى إعادة تنظيم الجهود وتنسيق الأعمال لبناء جيل واعد من الممرضين والممرضات. لقد تسببت الحاجة إلى الارتقاء بالمستوى التعليمي لخريجي الكليات الصحية في تخصص التمريض إلى التسرع بوضع برنامج تجسير للحاصلين والحاصلات على الشهادة الجامعية المتوسطة, بحيث تعود الخريجة أو الموظفة لمقاعد الدراسة عاما كاملا ثم تنخرط في برنامج التدريب المكثف (الامتياز) على مدى عام آخر, ليخولهم البرنامج في نهايته بالحصول على درجة البكالوريس في التخصص ويخولهم بارتقاء سلم المراتب حسب المؤهل الجديد ليتساووا مع أقرانهم من خريجي الجامعات المقرة برامجها أكاديميا أصلاً. والتساؤلات البديهية هنا تتمحور حول: بما أن تغيير الخطط الدراسية لكامل البرامج والتخصصات دون البكالوريوس يتم سنويا في هذه المؤسسات فهل خطة التجسير هذه ثابتة ام متغيرة؟, وإذا كانت ثابتة فهل خضعت الخطة الدراسية وكامل البرنامج لفحص أكاديمي عالي المستوى قبل أن يقر؟ هل وافقت وزارة التعليم العالي وتتحمل كامل المسؤولية باعتماده حسب الأصول العلمية المتعارف عليها أكاديميا ومهنيا؟ هل تمت الموافقة عليه من قبل وزارة الخدمة المدنية لاعتماد المسمى والوظائف حفاظا على مستقبل هذه الكوادر مهنيا؟
أعتقد أن المسؤولين وقعوا في حيرة بين تحقيق معايير منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونسكو, ومحاولة تنفيذ بعض الطموحات لبلوغ الهدف وتسجيل سبق علمي على أسس غير أكاديمية أو مهنية، إن جاز التعبير. إن عرض القضية سيضع الجهات المعنية أمام مسؤولياتها لتتناول القضية من الجوانب كافة، وأهمها مستقبل الكوادر الشابة وهو ما يعنينا جميعا. نعلم أن وزارة التعليم العالي كلفت بوضع خطة استراتيجية طويلة المدى لتطوير التعليم الصحي الجامعي على المستويات كافة. ولقد عقدت أكثر من 20 ورشة عمل شارك فيها ما يقارب الـ 100 من الخبراء والمستشارين والمهنيين في مجال التعليم الصحي الجامعي لمراجعة الخطط الدراسية وتحديد الوصف الوظيفي والمواصفات المهنية للممارسين. ولقد طرحت الحلول لعلاج الخلل للإسهام في تحقيق نقلات نوعية, إلا أن التسارع في تحويل المعاهد إلى كليات وفتح العديد من التخصصات وبدء برنامج التجسير لتخصص كالتمريض يتطلب تنسيقا مستمرا موثقا بمحاضر حوت كل ما دار بكل جلسة والتوصيات التي انتهت إليها هذه الجلسات. عدم تكامل الجهود والتنسيق الجيد بين الجهات المعنية قد ينشأ عنه حرمان كل هذه الكوادر (المنتسبة للبرنامج حاليا أو التي ستنتسب له) من الحصول على المرتبة والدرجة الوظيفية المناسبة لهذا المستوى من التأهيل. لذلك وكحل عاجل للقضية أقترح أن تشكل وزارة التعليم العالي مجلسا أو هيئة للاعتماد الأكاديمي تكون ذات شخصية مستقلة تابعة للمجلس الأعلى للتعليم العالي تتوخى أن يقوم فريق متخصص بزيارة المؤسسات التعليمية والمرافق الصحية الحاضنة لها عامة كانت أو خاصة, واستبعاد ما لا يحقق المعايير, مع مراقبة الأداء وإقرار مدى التزام هذه المؤسسات التعليمية بتطبيق اللوائح الأكاديمية والإدارية المقرة حسب النظام. ثم يفضل:
1- التأكد من أوضاع وملاءمة المباني والمختبرات, والأجهزة والوسائل التعليمية, فقاعات الدراسة ومكاتب أعضاء هيئة التدريس وتوافر المكتبات المتخصصة مع الاهتمام بمستوى الربط بالإنترنت واقتنائها لأفضل المجموعات من المصادر والمراجع والدوريات الورقية والإلكترونية, ونسبة الطلبة إلى أعضاء هيئة التدريس, وهوية ومؤهلات أعضاء هيئة التدريس والالتزام بالحد الأدنى منهم في كل تخصص, تعتير من أهم المؤشرات لأي برنامج اعتماد أكاديمي.
2- تقييم جودة البرامج المقرة حاليا ومخرجاتها المهنية للتأكد من القدرة على استحداث وتدريس أي برنامج علمي حسب الأصول الأكاديمية الدولية وبالتالي لا بد من مراجعة برامج التجسير في هذه المؤسسات التعليمية بواسطة فريق متخصص للنظر في إمكانية إجازته بصفته القائمة أو عمل التعديلات اللازمة لإقراره.
إذا ما تم ذلك في غضون الشهرين المقبلين (على الأكثر), فعندها يمكن إجازة البرنامج أكاديميا ومهنيا, عدا ذلك فيفضل أن يعلق البرنامج إلى أن يتم اعتماده والتنسيق له مع الجهات المختصة وظيفيا ومهنيا وماليا لتفادي أي مشاكل مستقبلية يمكن أن تنشأ عن هذه الاجتهادات, والله المستعان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي