رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


أسعار النفط في السنوات الخمس المقبلة .. أسئلة وأجوبة

[email protected]

تم في الحلقة الماضية عرض مسوغات توقع ارتفاع أسعار النفط في اتجاه 80 دولارا للبرميل خلال أشهر الصيف. كما تمت الإشارة فيها إلى أنه ستتم مناقشة مستقبل أسعار النفط خلال السنوات الخمس المقبلة في هذه الحلقة.
التركيز على السنوات الخمس المقبلة يعود إلى سبب بسيط, هو أن أغلب مشاريع توسعة الطاقة الإنتاجية تنتهي في عام 2012. ولعل أفضل طريقة لمعالجة هذه الأمور المتشعبة هو صياغتها على شكل أسئلة وأجوبة.

1- هل ستستمر أسعار النفط في مستوياتها المرتفعة خلال السنوات الخمس المقبلة؟

ستبقى أسعار النفط في مستوياتها المرتفعة إلا إذا ضرب الكساد الاقتصادي الولايات المتحدة. احتمال انخفاض أسعار النفط بسبب الكساد أكبر من احتمال ارتفاعها بشكل كبير عن المستويات الحالية. قد يكون عام 2009 عاماً حاسماً لأنه سيتم فيه إنجاز أغلب مشاريع توسعة الطاقة الإنتاجية، كما يتوقع أن يتم فيه سحب أغلب الجنود الأمريكيين من العراق.

2 ـ في حالة الكساد، ما مدى الانخفاض في أسعار النفط؟ وما مدة الفترة التي ستنخفض فيها أسعار النفط؟

لا يمكن الإجابة بدقة عن كلا السؤالين لأن شدة الانخفاض وفترته تعتمدان على عدة عوامل أهمها مدى الانخفاض في الناتج القومي المحلي في الولايات المتحدة، ومدى أثر هذا الانخفاض في صادرات الصين، وبالتالي في النمو الاقتصادي في الصين، وفي الفترة التي يحصل فيها الكساد. لهذا فإن هناك عدة احتمالات, منها أن ينخفض نمو الناتج المحلي في الولايات المتحدة من دون التأثير في اقتصاد الصين، في هذه الحالة ينخفض الطلب العالمي على النفط بمقدار نصف مليون برميل يومياً على الأقل. ومنها أن يؤثر الكساد الأمريكي في نمو الاقتصاد الصيني بشكل ملحوظ، الأمر الذي سيخفض الطلب العالمي على النفط بأكثر من مليوني برميل يومياً. إن أحد العوامل المهمة في تحديد المستوى العام لأسعار النفط في حالة انخفاض الطلب العالمي على النفط هو "توقيت" الكساد. فكلما تأخر الكساد، انخفضت أسعار النفط بشكل أكبر بسبب اكتمال مشاريع توسيع الطاقة الإنتاجية في كثير من الدول. أما إذا حصل الكساد بشكل مبكر وانخفض الطلب العالمي على النفط فإن هذا سيؤدي إلى تأخير مشاريع توسيع الطاقة الإنتاجية وإلغاء بعض مشاريع التوسعة، الأمر الذي سيمنع أسعار النفط من الانخفاض بشكل كبير.
3 ـ ما احتمال حدوث الكساد الاقتصادي في الولايات المتحدة؟
الاحتمال كبير لدرجة نشوء مدرسة فكرية تتوقع حدوث الكساد بناء على العديد من المؤشرات الاقتصادية مثل الاستثمار الرأسمالي، ومعدلات الإنتاجية، والنمو في قطاع العقارات، ودرجة الائتمان، والعجز في الموازنة الفيدرالية، والعجز التجاري، وغير ذلك من المؤشرات الاقتصادية الكلية, كما أن هناك الأدلة التاريخية التي تشير إلى العلاقة المباشرة بين الإنفاق الحكومي والنمو الاقتصادي, حيث يؤدي ارتفاع الإنفاق الحكومي في أثناء الحروب إلى ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي. وما أن تنتهي الحرب حتى يتم تقليص الإنفاق الحكومي بسبب انتهاء الحرب من جهة، وبسبب محاولة تقليص العجز في الموازنة من جهة أخرى. هذه الأدلة التاريخية تشير إلى أن الولايات المتحدة ستعاني الكساد الاقتصادي بعد سحب أغلب جنودها من العراق، تماما كما حصل في كل حرب كبيرة خاضتها الولايات المتحدة خلال 100 سنة الماضية.
4 ـ ما مسوغات توقع بقاء الأسعار في مستوياتها المرتفعة خلال السنوات الخمس المقبلة؟
كما ذكر في الحلقة الماضية فإن أثر العوامل غير المتوقعة في أسعار النفط أكبر من العوامل المتوقعة. فالتجار والمضاربون يبنون حساباتهم على ما هو متوقع، وبناء على ما يمكن أن يكون. من أهم التطورات المفاجئة التي تدعم استمرار الأسعار المرتفعة انخفاض الطاقة الإنتاجية في نيجيريا من جهة، ووقف النمو في الطاقة الإنتاجية من جهة أخرى. ومن العوامل المفاجئة أيضاً خروج أغلب شركات النفط العالمية من فنزويلا. حتى لو تمكنت الحكومة الفنزويلية من تسليم هذه الحقول إلى شركات أخرى فإن مجرد التغيير سيؤخر المشاريع في هذه الحقول لمدة سنتين على الأقل. خلاصة الأمر أن المفاجآت النيجيرية والفنزويلية ستخفض إنتاج كلا البلدين إلى مستويات أقل بكثير مما كان متوقعاً أن يتم إنتاجه بحلول عام 2012.

أما العوامل المتوقعة التي ستسهم في بقاء الأسعار في مستوياتها المرتفعة خلال السنوات الخمس فتشمل ما يلي:
1. استمرار نمو الطلب العالمي على النفط، وإن كان بمعدلات أقل مما كان متوقعاً.
2. صافي الزيادة في الطاقة الإنتاجية، وهو حصيلة الزيادة في الطاقة الإنتاجية والانخفاض الناتج عن هرم الحقول والعوامل السياسية والطبيعية سيكون أقل من الزيادة في الطلب العالمي على النفط. إنتاج بحر الشمال والولايات المتحدة سيستمر في الانخفاض رغم استمرار أسعار النفط في الارتفاع.
3. قد تؤدي الأعاصير في خليج المكسيك إلى تدمير جزء من الطاقة الإنتاجية الأمريكية.
4. رغم المبالغة الكبيرة في دور بدائل النفط إلا أن أثر هذه البدائل لا يذكر خلال السنوات الخمس المقبلة.
5. توقع بقاء سعر صرف الدولار منخفضاً سيسهم في رفع معدلات الطلب وسيؤثر سلباً في توسيع الطاقة الإنتاجية.
6. توتر العلاقات بين إيران والدول الغربية، والحروب غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة ستستمر، وستلقي بظلالها على أسواق النفط.

الخلاصة
ستبقى أسعار النفط في مستواها المرتفع خلال السنوات الخمس المقبلة إلا إذا ضرب الكساد الاقتصاد الأمريكي. مدى انخفاض أسعار النفط في حالة الكساد يعتمد على أمور عدة وسيكون الانخفاض كبيراً إذا انتقلت عدوى الكساد إلى الاقتصاد الصيني وحصل الكساد في عام 2009 أو بعده.
طبعاً ما يهم أغلب القراء من الموضوع أعلاه هو أثر أسعار النفط وتغيراتها في اقتصادات دول الخليج وأسواق الأسهم الخليجية، ولكن النقاش حول هذه الأمور مخصص للمحاضرات والحوارات العامة والخاصة، لأنه لا يمكن توضيح هذه الأمور الحساسة، التي قد تبنى عليها قرارات مكلفة، من خلال المقالات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي