500 مليار ريال .. من يراجع شرعيتها?

500 مليار ريال .. من يراجع شرعيتها?

www.bltagi.com

يتطور حجم السوق المصرفي الإسلامي في المملكة يوما بعد يوم حتى أصبحت الرياض تنافس العديد من الدول والمدن العالمية ومنها دبي، البحرين، لندن، ماليزيا، وسنغافورة لتكون مركزا للصناعة المصرفية الإسلامية، وذلك وفقا لأحدث التقارير الصادرة من شركات التقييم الدولية، حيث يبلغ حاليا حجم الصناعة المصرفية الإسلامية في السوق السعودي ما يزيد على 500 مليار ريال موزعة بين حجم تمويل ممنوح من البنوك للقطاعات الاقتصادية (أفرادا وشركات) يقترب من 300 مليار ريال بنسبة نحو 65 في المائة من حجم التمويل في السوق المصرفي، وحجم صناديق استثمارية يزيد على 70 مليار ريال لعدد 112 صندوقا يعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية بنسبة نحو 70 في المائة من حجم الصناديق في السوق السعودي، وباقي المبلغ يتضمن عمليات بطاقات الائتمان المتوافقة مع أحكام الشريعة، والتي تزيد على سبعة أنواع من البطاقات المصدرة، إضافة إلى حسابات الاستثمار والودائع الإسلامية.
ولا تقتصر المعاملات المصرفية المتوافقة مع أحكام الشريعة على القطاع المصرفي فقط ولكن بدأت العديد من الشركات الاستثمارية والتمويلية وشركات التقسيط في العمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية، ومنها أيضا شركات الوساطة المالية وشركات التأمين التي تعلن أنها تقدم تأمينا تعاونيا وفق أحكام الشريعة الإسلامية.
هذا الحجم الكبير والمتنامي من المعاملات المالية المتوافقة مع أحكام الشريعة، والذي يبلغ معدل نموه السنوي ما يزيد على 20 في المائة يتطلب جهازا شرعيا كبيرا للإفتاء حول شرعية تلك المنتجات المالية والمصرفية المقدمة في البنوك والشركات الاستثمارية، وواقع العمل يوضح أن هناك العديد من الهيئات الشرعية التي تقوم بتقديم الفتوى الشرعية حول شرعية تلك المعاملات، ولكن المشكلة تكمن في مدى التزام المصارف والشركات بتطبيق الفتاوى الشرعية الصادرة عن الهيئات الشرعية.
وقد تبين من الواقع العملي أن عدد المراقبين الشرعيين الذين يراجعون ويراقبون، ويتأكدون من التزام تلك البنوك والشركات بتطبيق الفتاوى الشرعية الصادرة عن الهيئات الشرعية لا يتعدى عددهم في البنوك 15 مراقبا شرعيا، بل هناك بنوك لا يوجد لديها مراقب شرعي والبعض لديه مراقب شرعي واحد لمراجعة أعمالها التي تبلغ المليارات من الأموال والآلاف من العمليات التي يتم تنفيذها في الفروع والتي تزيد على 850 فرعا تعمل وفق أحكام الشريعة، ومن المتوقع زيادتها خلال المرحلة المقبلة مع زيادة رغبة العملاء في التعامل وفق أحكام الشريعة.
وتكمن المشكلة في ندرة المتخصصين من المراقبين الشرعيين وقلة الكفاءات في هذا المجال، ما يتطلب تضافر الجهود بين الكليات المتخصصة في هذا المجال مثل كليات الشريعة في جامعة الإمام وجامعة أم القرى بالعمل على تخريج متخصصين في هذا المجال، كما يجب على المعاهد المصرفية إعداد دبلومات ودورات تدريبية لتخريج وتأهيل متخصصين في الرقابة الشرعية.
ويرجع الاهتمام بهذا الأمر إلى زيادة اهتمام المتعاملين مع تلك المصارف الإسلامية وتلك الشركات إلى مدى شرعية المنتجات التي تقدمها، والتأكد من التزامها بالفتاوى الشرعية التي تصدرها الهيئات الشرعية ويوافق عليها السادة العلماء والمشايخ أعضاء هيئات الرقابة الشرعية.
وقد أدى الاهتمام بمدى التزام المصارف والشركات بالفتاوى الشرعية إلى ظهور شركات على الساحة المصرفية تقوم بعمل المراجعة الشرعية الخارجية على أعمال المصارف الإسلامية للتأكد من تطبيق الفتاوى الشرعية الصادرة من هيئات الرقابة الشرعية وتقديم تقرير بذلك، ولكن يجب أن تكون هناك ضوابط ومعايير لعمل تلك الشركات، من أهمها توافر الخبرات الشرعية والمصرفية المتخصصة في هذا المجال، والحيادية في بيان مدى التزام المصارف الإسلامية والشركات الاستثمارية بالضوابط والفتاوى الشرعية.

خبير في المصرفية الإسلامية

الأكثر قراءة