الأسواق الخليجية إلى أين؟

الأسواق الخليجية إلى أين؟

الكلام الذي يتردد يوميا في الصحف والفضائيات عما حدث ويحدث في أسواق الأسهم الخليجية على مدى أكثر من عام؛ كلام جميل ويذهب إلى تحليل العوامل الفنية وجوانب الخلل في الشفافية والإفصاح.
لكن!! كل ذلك الكلام لا يكاد يلمس أهم المواضيع إطلاقا؛ وهو المخاض الهيكلي والبنيوي الذي تمر به تلك الأسواق؛ أليس غريبا ألا يتساءل أحد؛ لماذا تتحدى الأسواق كل التحليلات والتوقعات وتواصل التأرجح أفقيا؟ وإلى متى سيتواصل هذا التأرجح؟
أقلب الصحف والفضائيات يوميا فلا أجد من يتحدث عن ذلك.
وبدل ذلك تطالعنا الصحف والفضائيات يوميا بآراء تتحدث عن أن الأسواق ستستعيد عافيتها؛ بل تشير أحيانا إلى أنها ستعود إلى المستويات التي كانت عليها قبل شباط (فبراير) من العام الماضي؛ دون أن تضع سقفا زمنيا لذلك.
كما أن أحدا لا يشير إلى أن السبب الرئيسي لما حدث في الأسواق المحلية منذ شباط (فبراير) 2006 هو أن معظم التعاملات كان يقودها صغار المتعاملين الذين تحركهم الإشاعات؛ وهي حالة لا نجد لها مثيلا في الأسواق العالمية؛ والذين واصلوا دفع الأسعار باتجاه واحد دون أن يجرؤ أحد على التنبيه إلى المخاطر.
أذكر أني كنت في تغطية لمؤتمر استثماري تنظمه مؤسسة The Family Office في البحرين في كانون الأول (ديسمبر) 2005 وقد قرع المؤتمر الكثير من الأجراس عن خطر انهيار الأسواق الخليجية، وقد حاولت مع كثير من المشاركين كي أسجل آراءهم أمام الكاميرا؛ لكنهم جميعا امتنعوا، بل إن أحدهم قال لي مازحا إنه إذا تحدث عن ذلك الخطر فإن زوجته ستطلقه.
سياسة النعامة تتواصل الآن ولا أحد يشير إلى أن أسواق الأسهم ستواصل التقلب قرب المستويات الحالية ولفترة قد تطول؛ ومهما كانت متانة العوامل الأساسية ومستويات مكررات الربحية.
لا أحد يتحدث أو يريد أن يتحدث عن أنها ستواصل ذلك إلى أن يتم خروج أو إخراج معظم أو جميع صغار المتعاملين اليوميين في الأسواق.
فما دام المتعاملون الصغار يشكلون نسبة كبيرة من التعاملات سيتواصل التلاعب بهم لتحقيق أرباح سريعة من قبل صناديق الاستثمار.
إذ يمكن أن تتأرجح السوق في نطاق ضيق؛ ومع ذلك يحقق البعض أرباحا كبيرة ويتكبد آخرون خسائر هائلة، بسبب دخول السوق في الوقت الخطأ والخروج في الوقت الخطأ.
المخاض الذي تمر به الأسواق سيؤدي إلى القضاء على المتعاملين الصغار؛ وإجبارهم على التعامل من خلال المؤسسات وصناديق الاستثمار التي ستصبح القوة المهيمنة على تعاملات الأسواق.
يمكن أن تبقى نسبة من المتعاملين الصغار الذين يحتفظون بكميات من الأسهم في بعض الشركات وعلى آماد زمنية طويلة؛ لكن ليس متعاملون صغار يتعاملون بشكل يومي استنادا إلى الأخبار والإشاعات.
بعد أن يتم ذلك ستبدأ الأسواق بالعثور على طريقها وتبدأ بالاستناد إلى العوامل الأساسية ومكررات الربحية ونتائج الشركات؛ وتبدأ بالتفاعل مع أسواق المال العالمية؛ لأن صناديق الاستثمار ستتابع ما يحدث في الأسواق العالمية لأن لديها استثمارات في تلك الأسواق، وما يحدث في الأسواق العالمية يؤثر في قراراتها الاستثمارية في الأسواق المحلية.
فنبدأ مثلا بملاحظة ارتفاع أسهم قطاع معين بسبب اندماج كبير بين شركتين عالميتين في ذلك القطاع... أو نجد أن المؤشرات المحلية ترتفع بسبب خفض الفائدة على الدولار أو اليورو وما إلى ذلك.
أعتقد أن الوقت حان لتبدأ المؤسسات الإعلامية بالبحث عن علاقة الأسواق المحلية بما يحدث في أسواق المال العالمية؛ وإن لم تكن هناك علاقة فينبغي الحديث عن أسباب عدم تأثر تلك الأسواق بما يحدث في الأسواق العالمية.

الأكثر قراءة