تساؤلات القراء حول التأمين الصحي
تساؤلات عديدة حول التأمين الصحي لعل هذا المقال أن يسهم في الإجابة عن البعض منها:
اشترك بعض القراء (الدكتور خالد السعوي والدكتور سعود الدغيثر والأستاذ محمد البلاع وخالد الزهراني وسامي الرويلي وسمية آل الشيخ) في السؤال عن الطريقة التي تم بها تبني التأمين الصحي لدينا. لقد سبق أن أفردت الحديث جزئيا عن منطلقات التأمين الصحي بمقال بعنوان "التأمين الصحي بين منطلقاتنا ومنطلقاتهم"، لكن ما أحب أن أنوه به أننا نقترب من تطبيق التأمين الألماني خصوصا فيما يتعلق بإيجاد مصدر مالي للصرف على الخدمات الصحية Sickness Fund. أما فيما يتعلق بمدى نجاح تطبيق التأمين الصحي فلا شك أن الأنظمة والبنية التحتية والتقنية لم تصل إلى الحد الأدنى لكننا للأسف عادة نستعجل تطبيق الأنظمة ثم نصحح الأنظمة لسد النقص مما يوقع البعض ضحايا لعدم اكتمال الأنظمة.
كما تساءل البعض (الأستاذ خالد العريفي والأستاذ ثامر الثنيان والدكتور خالد الحديثي) عن مدى تفاؤلي بانعكاس تطبيق التأمين الصحي على الخدمات الصحية خصوصا صحة المواطن؟
الإجابة عن هذا السؤال تتطلب معرفة مدى توافر البنية التحتية لنجاح التجربة التأمينية التي ما زالت غير مشجعة، كما أن تقييم جودة الخدمات الصحية لا بد أن يربط بالتكلفة. ففي ظل عدم وجود معيار للجودة الصحية، فإن الإخلال بالجودة الصحية سيكون المخرج لتقليل التكلفة التشغيلية للمستشفيات. كما أن ضعف الرقابة الصحية سيساعد مستشفيات القطاع الخاص على الإخلال بمعايير الجودة الصحية. عموما التأمين الصحي لا يمكن الحكم الحقيقي عليه إلا بعد ثلاث سنوات. ففترة العسل في الأنظمة تنتهي بالطلاق بعد هذه الفترة. فتأمين الرخصة من الأمثلة التي ساهمت شركات التأمين في تعديل نظامه وتكلفته. لذا أجده من عدم العدل الحكم على تطبيق نظام لحظة تنفيذه. فتطبيق أنظمة التأمين قد تُقبل بوجه حسن لكنها تُدبر بمرور الوقت بسبب إساءة استخدام الأنظمة بوجه قبيح وتكلفة إضافية مرتفعة.
أما عن انعكاس تعدد شركات التأمين على جودة الخدمات الصحية، فإنني أؤمن بأن تعدد شركات التأمين خصوصا في المجال الصحي لا يزيد الجودة المقدمة لأن الخدمات الصحية من الخدمات المبنية على الجهلة ومن الخدمات التي لا يمكن قياسها، لذا فإن تعدد شركات التأمين ومزودي الخدمات الصحية لا يؤدي إلى رفع الجودة الصحية أو تقليل التكلفة العلاجية، بل العكس فقواعد اقتصاديات الصحة تختلف عن قواعد الاقتصاد التقليدية. شخصيا أتفق مع البروفيسور أرنو لد ريلمن أحد خبراء السياسة الصحية وبروفيسور في جامعة هارفر ومحرر سابق في إحدى أشهر الدوريات العلميةThe New England Journal of Medicine ، حيث ذكر في إحدى المناسبات التي دعي للحديث فيها عن مقارنة النظام الصحي الأمريكي بنظيره الكندي، فذكر "إن النظام الصحي الأمريكي يعتبر مثالا واضحا عندما تترك شركات التأمين ومزودو الخدمات الصحية من القطاع الصحي الخاص للتنافس حسب المعادلة الاقتصادية. لأن الخدمات الصحية ببساطة تختلف ولا تنطبق عليها القواعد الاقتصادية. ففشل القطاع الصحي الخاص "في أمريكا" في إدارة الخدمات الصحة يعد درسا تحذيريا للنظام الكندي من أن عليهم عدم تصديق دعوة المستثمرين ورجال الأعمال في القطاع الصحي الخاص من أن ترك المجال لهم سوف يضيف قيمة إيجابية ودورا إيجابيا في تقليل التكلفة العلاجية عن طريق المنافسة العادلة مع القطاع الصحي الحكومي، فهي دعوى ببساطة غير صحيحة. ثم ذكر البروفيسور أن الكنديين كانوا يعتقدون أن الحصول على الخدمات الصحية الجيدة حق للجميع، فإنه يجدر بهم عدم السماح للخدمات الصحية الخاصة بتدمير النظام الصحي الكندي للتأثير السلبي في جودة الخدمة وارتفاعها. النظام الصحي التجاري لا يحمي القيم الأساسية للرعاية الصحية بل يدمرها. ثم ذكر البروفيسور أرنولد أن "خصخصة الخدمات الصحية يستفيد منها فقط المستثمرون ومالكو الخدمات الصحية".
جاءت مطالبات العديد من القراء (الأستاذ محمد الحيدري والأستاذ خالد الخريحي والإخوة والأخوات ناصر العمران، سلطان العتيبي، أفراح المطيري، سعود التويجري، أحمد الشهري، مازن الحازمي، محمد جستنية، وسعود العازمي ) بإفراد الحديث عن بعض القضايا التثقيفية المتعلقة بالتأمين الصحي، وهو ما سوف نتحدث عنه في مقال الأسبوع المقبل.