رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


بين الأسهم الصينية والسعودية

[email protected]

في نهاية شهر كانون الثاني يناير (يناير) الماضي (26/1/2007) طالعتنا صحيفة "الهيرالد تريبيون" البريطانية بخبر اقتصادي عنوانه يقول "حمى سوق الأسهم في الصين" يتناول الإقبال المتعاظم من المستثمرين الأفراد في السوق الصينية وبوادر تكون فقاعة في سوق الأسهم الصينية ما لبثت أن تتضخم بسبب عدة عوامل متفاوتة التأثير.
بداية، تتكون سوق الأسهم الصينية من سوقين هما شنغهاي وشينزين يدرج فيهما أسهم، سندات، وصناديق استثمار. وتصنف الأسهم إلى فئتين، الفئة- أ والفئة- ب، حيث إن الفرق بينهما هو في كون أسهم الفئة - أ مخصصة للمواطنين الصينيين فقط، بينما أسهم الفئة - ب هي متوافرة لكل من المستثمر الصيني والمستثمر الأجنبي. ويبلغ رأسمال السوق الصينية عموماً نحو 2.28 مليار دولار مقارنة برسملة مقدارها نحو 4.7 تريليون دولار للسوق اليابانية ونحو 16.5 تريليون دولار للسوق الأمريكية ونحو 400 – 450 مليار دولار للسوق السعودية. ومن المهم الإشارة إلى أن نحو 30 في المائة فقط من إجمالي رأسمال السوق الصينية أو ما يعادل 740.11 مليار دولار هي الأسهم الممكن تداولها، أما 70 في المائة من رسملة السوق فهي مملوكة للحكومة وليس بالإمكان تداولها، وهو أول وجه شبه بين السوق الصينية والسوق السعودية التي تتميز بارتفاع ملكية القطاع العام مقارنة بالأسواق المتقدمة.
وكأثر ارتفاع أسعار النفط والنمو الاقتصادي عام 2003 على توقعات السعوديين الذين استثمروا في سوق الأسهم، لا شك بأن النمو القوي والمتسارع للاقتصاد الصيني مدفوعاً بالدرجة الأولى بنمو الصادرات وبدء ظهور بوادر النهضة الاقتصادية على الأقاليم الصينية المختلفة قد دفع المواطنين الصينيين إلى الرغبة في تحقيق أرباح مالية على الصعيد الشخصي من خلال استثمار مدخراتهم. ولمحدودية القنوات الاستثمارية نسبياً وارتفاع سوق الأسهم خلال العام الماضي بنحو 130 في المائة ما جعلها مغرية للاستثمار بشكل أكبر من القنوات الأخرى، توجه الأفراد وصغار المستثمرين بمدخراتهم إلى سوق الأسهم بطريقة مشابهة لحالة تكون الفقاعة في سوق الأسهم السعودية بين الأعوام 2003 وحتى انهيار شباط (فبراير) 2006، حيث تقدر بعض التقارير الصحافية عدد المحافظ الاستثمارية الجديدة التي يتم افتتاحها يومياً في الصين بنحو 300 ألف محفظة يعود أغلبها لأفراد علماً بأن إجمالي المحافظ الاستثمارية في السوق الصينية يبلغ نحو 90 مليون محفظة في السوقين.
ومن علامات تكون الفقاعة في سوق الأسهم الصينية ارتفاع مؤشر سوق الأسهم من 3000 نقطة إلى 4300 نقطة خلال شهر أيار (مايو) الماضي فقط، أي بارتفاع نسبته نحو 43 في المائة، وبمتوسط مكرر ربحية للسوق بلغ نحو 50 ضعفاً. وكان المحرك الرئيسي لهذا الارتفاع السريع والذي جاء مكملاً للارتفاعات المتتالية منذ العام الماضي أسهم المضاربة والأسهم الصغيرة من الفئة- أ المخصصة للمواطنين الصينيين فقط، بينما ارتفعت الأسهم القيادية وأسهم العوائد العائدة للشركات الكبيرة بشكل طفيف. ويذكرنا هذا السيناريو بما حدث في السوق السعودية في السنوات 2003-2005 حين تركزت الارتفاعات الكبيرة في شركات المضاربة. إذن، فقد خلق الارتفاع السريع في أسعار الأسهم، ودخول الكثير من المستثمرين الجدد الأفراد إلى السوق، حيث يشكل الأفراد نسبة 80 في المائة من المستثمرين في السوق مقارنة بالمستثمرين المؤسساتيين والصناديق، طلباً لم توازه زيادة في الخيارات والعرض على الرغم من أن التقديرات تشير إلى قدرة الحكومة الصينية على تقليل نسبة تملكها في الشركات المدرجة، أو تخصيص ما يصل إلى 100 ألف شركة حكومية.
ولم تقف هيئة السوق المالية الصينية مكتوفة الأيدي أمام تكون الفقاعة، فقامت بتخفيض العرض النقدي، رفع أسعار الفائدة، رفع الاحتياطيات الإلزامية للبنوك لتفادي تكرار الأزمة اليابانية في التسعينيات حين انتقل انفجار الفقاعة إلى القطاع المصرفي ككل. وكان آخر القرارات التي صدرت نهاية الشهر الماضي وتستهدف الهبوط التدريجي في السوق إلى مستويات عادلة مضاعفة ضريبة المضاربة بالبيع أو الشراء ثلاثة أضعاف من 0.1 إلى 0.3 في المائة للتقليل من مضاربات الأفراد وإبطاء الفقاعة في وقت مبكر. وقد كانت ردة فعل السوق تجاه هذا القرار عنيفة ابتدأت بالأفراد وتبعتهم الصناديق، حيث انخفض المؤشر بنحو 21 في المائة خلال أسبوعين وبخسارة بلغت نحو 490 مليار دولار، وارتفعت مستويات التذبذب مع خسائر طالت صغار المستثمرين، وبالخصوص من وصل منهم متأخراً إلى السوق.
وختاماً، إن نمو أي اقتصاد وازدهاره لا يعني استمرار ارتفاع مؤشرات الأسهم إلى ما لانهاية، فأسواق الأسهم يجب أن تعكس أداء الشركات المتوقع، بحيث تبقى مكررات الربحية والنسب المالية ذات العلاقة ضمن نطاق مقبول لا تتعداه لتتكون الفقاعة ويتوقع التصحيح، وإن تراجعت عن هذا النطاق فستكون استثماراً مغرياً مقارنة بالخيارات الاستثمارية الأخرى وستقوم قوى السوق بالإقبال عليها ورفعها إلى مستوى النطاق العادل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي