بالبوابات الإلكترونية يمكن رقمنة الرعاية الصحية (2 من 2)
إن تبني الإدارات المحلية للمناطق الأربع "المذكورة في الجزء الأول من المقال" مسألة تاسيس شبكات التكامل الصحي لتقديم أفضل الخدمات الصحية عبر "البوابة الصحية" سيكون محط أنظار الجميع وسيقدم لنا:
1 ـ تسريع تقديم الخدمة لقوائم الانتظار من المرضى المستحقين للعلاج بأولوية قصوى ومنهم كبار السن والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة .. إلخ.
2 ـ بناء السجل أو الملف الطبي للمريض الذي يعتبر حالة مستعصية العلاج.
3 ـ تسخير الطاقات كافة من إخصائيين واستشاريين في المنطقة أينما كانوا لخدمة المرضى وعلاج الحالات في مدد قياسية مقارنة بالحالية، وبالتالي رفع جودة الأداء إذا ما تم تبادل أفضل الخبرات والمهارات من مقدمي الرعاية الصحية في المنطقة.
4 ـ تحول المعلومات والبيانات إلى معرفة يمكن أن تتبادلها الجهات الصحية والطبية العامة والمتخصصة، إضافة إلى مؤسسات التعليم الطبي والجمعيات الطبية المحلية والعربية والعالمية لتعود على المدارس الطبية المختلفة بالفائدة العلمية.
5 ـ تؤسس شبكة معلوماتية صحية على مستوى المنطقة كأساس لتطوير الرعاية على مستوى المملكة.
6 ـ تخفيض النفقات على المرضى من تكبد عناء التنقل بين المرافق سواء في المدينة الواحدة أو المنطقة أو حتى بين المناطق بعد تطوير المشروع.
7 ـ توفر في تكلفة برنامج الصحة الإلكترونية غير المدعوم بشكل مباشر وغير مباشر أصلا وتؤمن طريقا سالكا ومفتوحا لتعميم برنامج الطب الاتصالي على مستوى جميع القطاعات المقدمة للرعاية الصحية.
8 ـ تفتح المجال لجميع الشركات المتخصصة في النظم وتقنية المعلومات والاتصالات أن تبادر بتسويق منتجاتها أو سلعها دون أن تتمكن أي شركة من احتكار السوق.
إن استخدام بوابات المعلومات الصحية للمناطق سيسهل على الجهات جمع المعلومات وتنظيمها في بروتوكولات معينة كانت سابقا عبارة عن محاولات يائسة للوصول لها بكيفية متناسقة يتم بعدها تخزينها واسترجاعها في وقت الحاجة إليها. ومع نظام أمن وسرية المعلومات سيكون تنظيم الدخول على المعلومات الصحية مرة واحدة لشخص واحد في موقع واحد لاستخدام موحد يكون هدفه في النهاية فائدة المريض ومنفعته. هنا يمكن القول إن الجغرافيّة لم تعد عائقا لتقديم الرعاية الصحية فلو كان الطبيب المتخصص في جدة والمريض في الطائف أو المريض في وادي الدواسر والطبيب المختص في الرياض فإن مجرد مكالمة توجه الطبيب للموقع على الإنترنت فيطّلع على المعلومات والفحوص التي بها يمكن أن يشرح للمريض العلاج وهو في ذلك المرفق البعيد, أو يشير للطبيب المباشر للحالة بما يجب أن يتم لريثما ينتقل المريض لأفضل موقع يجد فيه علاجه الناجع في تلك المنطقة عند أمهر الأطباء أو في وجود أفضل التقنيات. بهذا يمكن إلغاء عوائق تنفيذ مشروع الصحة الإلكترونية بالطريقة التقليدية وبنائها تدريجيا عبر هذه الوسيلة لتقديم الرعاية الصحية المناسبة والملائمة.
لا يمكن مع تطور التقنية وتوسع انتشار خطوط الاتصالات عالية التقنية وبداية انخفاض التكاليف أن تتعثر الجهود ويقف نقل المعلومات عند نتيجة أو تقرير معين, فنتيجة الفحص المخبري والفحص الإشعاعي وقراءة جهاز النبضات القلبية ومتابعة نتائج تناول الأدوية اللازمة كلها يمكن تحميلها بالماسح وعرضها على الطبيب ومن ثم إكمال اللازم. الجيد في تبني هذه الطريقة أنها مرحلة انتقالية تبني أركان المشروع الأساس وهو "برنامج الصحة الإلكترونية". في هذه المرحلة لو تمكنت منطقة من تبني نظام متكامل واحد فإن باقي المناطق ستتمكن من تبني آخر مثيل ويمكن في النهاية بناء نظم متكاملة متوافقة بعضها مع بعض تساعد في القضاء على الأخطاء اليدوية.
بالطبع مع زيادة انغماس الأطباء والفرق المساعدة في استخدام هذه البوابة أو الشبكات المحلية ومراكز الطب الاتصالي ستزداد إمكانية تقليص معاناة المرضى من الانتظار الطويل, وسيتم تخفيف الأعباء على المرافق التخصصية في عمل الفحوص الابتدائية، وبالتالي خفض النفقات. كما ستتم متابعة كثير من الحالات من قبل مرافق لم تكن متوقع لها ذلك, ما يمكن هذا بالتالي منسوبي المرافق الصحية المختلفة من توفير أمهر الفرق الطبية العلاجية المتخصصة مع الالتزام بالتقييم المستمر لعملية التحول التقني التدريجي. من المفترض طبعا أن يشرف على ذلك مسؤولون خططوا لكامل العملية, مستعدين للتدخل في أي وقت لضمان سير البرنامج حسب الأولويات الموضوعة له, قادرين على إتمامه بمنهجية وتنظيم مقننين وفي الفترة التي تم تحديدها لتنفيذها.
كلمة أخيرة, إذا كان مصير المستشفيات هو أحضان شركات التأمين فبالطبع لن يكون كذلك على المدى القريب بالنسبة لمراكز الرعاية الصحية الأولية, ولكن هل سيستمر تقديم هذه الخدمة من خلال مبانٍ آيلة للسقوط أو متقادمة يصعب معها ربطها بالبرنامج في حالتها هذه؟ إن استشعارنا بحالة التأخر مع أننا في أول طريق التنمية يجعلنا نتساءل: هل عقّدنا مفهوم التنمية فضخمنا متطلباتها، وبالتالي لم تعد "الإصلاحات الجزئية" مع تعددها فاعلة؟ إن القادم يحتاج أكثر من مسألة إخراج "نظام صحي" للنور, لأن المطلوب نضوج اجتماعي وتكامل خدمات مؤسسات المجتمع المختلفة وتطوير الأداء بتبني أفضل التقنيات. المطلوب اعتبار التنمية عملية مستمرة تتطلب مساهمة كل الفئات والقطاعات فيها, وبالتالي هناك حاجة إلى تحولات هيكلية، وتنظيمية وتقنية ونظرة ثاقبة في القدرة الإنتاجية المأمولة. كما لا بد أن تكون مرتكزات التطوير متكاملة لتكون قادرة على البقاء والاستمرار إذا ما واجهت أي متغيرات أثناء التحول النوعي لنهضتنا التنموية التي نعيشها الآن.
والله الموفق.