رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


أمانة مدينة الرياض والاستفادة من قوة التنظيمات في تحقيق الأهداف التنموية

[email protected]

طائر التنمية لا يمكن أن يحلق بجناح القطاع الحكومي مهما كبر وتعاظم هذا الجناح، وأن جناح القطاع الخاص عليه أن يعمل بالقوة نفسها من خلال روح المبادرة الإيجابية والسعي لتحقيق أهدافه مع مراعاة تحقيق أهداف البيئة التي ينشط بها والسوق الذي يعمل به، إذ عليه أن يعمل دائما على دعم بيئته بنوعية وجودة منتجاته وخدماته، وعليه أن يرى أهمية ربحية السوق الذي يعمل به كما يرى أهمية ربحية شركته سواء بسواء.
استوقفتني كلمة سمو أمين مدينة الرياض الأمير عبد العزيز بن عياف آل مقرن التي ألقاها في زيارته التفقدية لمشروع القصر يوم الأحد الماضي، إذ إنها تعبر عن فكر اقتصادي عميق نحن في أمس الحاجة اليوم لإشاعته بين المسؤولين الحكوميين كافة، خصوصا أولئك القائمين على الجهات التنظيمية، ذلك بأن سمو الأمين يتواصل مع القطاع الخاص ويعول على دوره في تحقيق الأهداف التنموية زمن الرخاء وزمن الميزانيات الضخمة وغير المسبوقة، في حين أننا اعتدنا تذكر القطاع الخاص أيام الشح في الميزانيات ونسيانه أيام الوفرة، رغم أن المنطق يقول إن علينا أن نتذكره وننميه ونعظم دوره أيام الرخاء ليلعب دوره الكبير في تحقيق الأهداف التنموية أيام الشدة.
ومما استوقفني أيضا أن ابن عياف كمسؤول حكومي لم يكتف بطرح فكره ورؤاه الاستراتيجية، بل عمد إلى تنفيذها من خلال آليات تتناسب والواقع والمعطيات، آليات غفل الكثير من المسؤولين عنها رغم توافر عناصرها بين أيدي الجميع، ومن تلك الآليات التي يعمل بها سموه، كما أعتقد التواصل والتشجيع والحث والتوعية والدعم والمساندة، وما تلك الزيارة التفقدية إلا دليل واضح على التواصل أولا وعلى الحث والتشجيع ثانيا، وعلى التوعية ثالثا وعلى تأكيد الدعم والمساندة رابعا.

ومن أكثر الإمكانيات التي وظفها سمو الأمين - وهي متاحة لمعظم المسؤولين - لتفعيل آلية الحث والتشجيع إمكانية التنظيمات، باعتبار أن التنظيمات إمكانية قوية وحاسمة في توجيه الاستثمارات إلى قطاع دون آخر لما لها من دور بالغ في تحفيز أو تعجيز مجتمع الأعمال للعمل في هذا القطاع أو ذاك، نعم إن أمين مدينة الرياض استخدم هذه الإمكانية رغم صعوبة استخدامها باعتبار أن تغيير التنظيمات عملية بيروقراطية طويلة، حيث قام سموه بإصدار لائحة للمطورين العقاريين دون المساس باللوائح السابقة، فمن أراد أن يستفيد من اللائحة الأحدث فبها ونعم، ومن أراد أن تطبق عليه اللوائح الأخرى فلا مانع، وهذا ما قاله صراحة في المؤتمر الصحافي الذي عقده حيث قال "التطوير الشامل أصبح ضرورة ولن نلزم أحدا به ولكننا على ثقة بأن المستثمرين عند رؤيتهم لنماذج ناجحة لهذا النوع من الاستثمار فإنهم سيتجهون له عن قناعة".

ولكي تؤتي اللائحة الجديدة ثمارها قام سموه بالترويج لفوائدها، وهي حالة نادرة أن يروج مسؤول حكومي لمجتمع الأعمال الاستفادة من تنظيم جديد غير ملزم، ولقد كان هذا الترويج واضحا من خلال زيارته مشروع القصر حيث رغب من الشركة المطورة الإعلان عن تطورات المشروع باستمرار، والإعلان عن أرباحها في هذا المشروع إن أمكن لكي يكون حافزا للآخرين للاستفادة من لائحة المطورين التي خصصت لمن يرغب منهم في تطبيق فلسفة التطوير الشامل التي تحقق مصلحة المطور والأمانة والمجتمع معا في معادلة أقل ما يُقال عنها إنها أكثر من رائعة.

أمين مدينة الرياض استطاع من خلال تفعيل قوة التنظيمات أن يوفر للمواطن حيا سكنيا متكاملا ببنيته التحتية والعلوية وكامل الأبنية، حيا يراعي الأبعاد النفسية، الاجتماعية، الصحية، الاقتصادية، والأمنية لساكنيه، حيا واضح المعالم، ولا يحمل المفاجآت لساكنيه كما الحال في المخططات الشبكية التي يتداخل بها الحابل بالنابل، كما استطاع أن يحقق للأمانة مكتسبات قدرتها الشركة المطورة بنحو ثلاثمائة مليون ريال، كما استطاع أن يحفز الشركة المطورة لتطوير حديقة السويدي بتكلفة 30 مليون ريال لصالح سكان الحي والأحياء المجاورة، وكلي ثقة بأن هذه الإنجازات ستكون ضربا من المستحيل دون صدور لائحة المطورين العقاريين, التي أصدرتها أمانة منطقة الرياض بالتعاون مع الشركة المطورة لمشروع القصر.

ختاما لا يسعني إلا أن أقول إن فكر وسلوك أمين منطقة الرياض نموذج أرجو أن يحتذي به الآخرون، خصوصا الجانب المتعلق بتفعيل دور الأنظمة في تحفيز القطاع الخاص ليلعب دوره المنتظر في تحقيق أهداف التنمية، كما أرجو من الإخوة المسؤولين القائمين على الجهات التنظيمية الاطلاع على تفاصيل تجربة الأمانة مع الشركة المطورة لمشروع القصر كنموذج للشراكة الحقيقية الفعالة التي نريد لها أن تكون بين القطاعين العام والخاص للتحليق في طائر التنمية في بلادنا إلى آفاق أعلى بإذن الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي