رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


مصادفة لافتة في تحول بعض الشركات إلى "مساهمة".. "الأنابيب الفخارية" مثلا

[email protected]

خلال الأسبوع الماضي، أعلنت هيئة السوق المالية في موقعها الرسمي على الإنترنت عن نشرة الإصدار التفصيلية الخاصة بالاكتتاب العام للشركة السعودية لإنتاج الأنابيب الفخارية لعدد 4.5 مليون سهم تمثل نسبة 30 في المائة من رأسمال الشركة البالغ 150 مليون ريال بأسلوب جديد للاكتتاب العام يتم تطبيقه لأول مرة في السوق المالية السعودية، حيث إن آلية تحديد القيمة العادلة لسعر السهم تمت من خلال المزايدة بين الصناديق الاستثمارية (والتي تشرف عليها حاليا مؤسسة النقد العربي السعودي) بدلا من الآلية السابقة والتي اعتمدت بشكل رئيسي على تقييم المستشار المالي لسعر السهم.
لا شك أن إعلان هيئة السوق المالية الموافقة على طرح أسهم هذه الشركة للاكتتاب العام كان مفاجئاً للكثيرين، حيث إنه عند التمعن جيدا في نشرة الإصدار، نجد أن الشركة تحولت رسميا من شركة ذات مسؤولية محدودة إلى شركة مساهمة بتاريخ 22 / 11 / 2006م (أي قبل أقل من ستة أشهر فقط)، مما يثير التساؤلات حول الكيفية التي تمكنت بها هذه الشركة الصغيرة من إكمال جميع متطلبات الطرح العام الأولي خلال فترة زمنية بسيطة، متفوقة بذلك على عشرات الشركات التي سبقتها بوقت طويل وبذلت جهودا كبيرة في سبيل إكمال هذه المتطلبات مع هيئة السوق المالية !!!
بالنظر إلى حجم رأسمال شركة الأنابيب الفخارية سنجد أنه عند إدراج سهم الشركة للتداول فإنها ستصبح ضمن أصغر الشركات المدرجة في السوق، إضافة إلى أن عدد الأسهم المتاحة للأفراد سيكون ما بين 1،350،000 و2،250،000 سهم فقط (حسب عدد المكتتبين)، مما يشير إلى أن الشركة ستحقق رقما قياسيا من حيث صغر حجم الأسهم المتداولة بين الأفراد مقارنة بباقي الشركات المدرجة في السوق. هذا يعني أنه في ظل تركز المضاربات العشوائية في الشركات ذات العدد المحدود من الأسهم المتداولة بين الأفراد فإن سهم الشركة سيكون ضمن أبرز شركات المضاربة، إن لم يكن أبرزها على الإطلاق !!!
في السياق نفسه نجد أن المؤسسين قاموا بتاريخ 4 / 10 / 2006م برفع رأس المال من 40 مليون ريال إلى 150 مليون ريال من خلال رسملة الاحتياطيات بقيمة 25 مليون ريال، من خلال تسديد نقدي بواسطة المؤسسين بقيمة 60 مليون ريال، ومن خلال الأرباح المبقاة بقيمة 25 مليون ريال والتي من المفترض أن توزع نقدا للمؤسسين، حيث إن الأرباح النقدية الموزعة للمؤسسين انخفضت بشكل كبير من نحو 50 مليون ريال في 2005م إلى 17 مليون ريال في 2006م (انخفاض بأكثر من 67 في المائة) في حين أن صافي الربح انخفض انخفاضا بسيطا من 54 مليون ريال في 2005م إلى نحو 50 مليون ريال في 2006م (انخفاض بنسبة 8 في المائة).
على ذلك، أصبح جليا أن حصة المؤسسين في عملية رفع رأس المال هي في الحقيقة مبلغ 85 مليون ريال (حاصل جمع الأرباح المبقاة بقيمة 25 مليون ريال إلى السيولة النقدية التي دفعها المؤسسون بقيمة 60 مليون ريال) وليست مبلغ 60 مليون ريال كما نصت عليه نشرة الإصدار. ما يلفت النظر أن الإقرار برفع رأس المال من قبل المؤسسين بواسطة التسديد النقدي تم قبل نحو ستة أشهر فقط من بداية الاكتتاب وهو ما يتعارض مع أنظمة معظم الأسواق المالية العالمية، التي تمنع إجراء تغييرات جوهرية في هيكلة رأس المال للشركات الراغبة بالتحول إلى ملكية عامة (من خلال ضخ سيولة جديدة) وذلك خلال الثلاث سنوات الأخيرة.
السؤال هو طالما أن الشركة تتمتع منذ عام 2004م بربحية عالية وتنوي التوسع في نشاطاتها، فلماذا أقدمت على رفع رأس المال الآن ولم تقدم على الرفع في 2005م أو 2004م أو حتى قبل ذلك؟ ولماذا قامت بتوزيعات نقدية عالية مقارنة بحجم الربحية خلال عامي 2004م و2005م وهي التي تنوي التوسع مستقبلا بسبب الفرص المغرية في سوق الأنابيب الفخارية؟
هنا يجب أن أشير إلى نقطة مهمة تتمثل في أنه لو قام المؤسسون برفع رأس المال من 40 مليون ريال إلى 65 مليون ريال فقط (من خلال رسملة الاحتياطايات ودون ضخ سيولة نقدية جديدة)، فإن القيمة العادلة لسعر السهم سترتفع بأكثر من الضعف من 45 ريالا للسهم (10 ريالات قيمة اسمية و35 ريالا علاوة الإصدار)، كما حددتها الصناديق الاستثمارية إلى أكثر من 100 ريال للسهم (10 ريالات قيمة اسمية و90 ريالا علاوة إصدار)، مما يعني أن قيمة 45 ريالا لسهم الشركة برأسمال يبلغ 150 مليون ريال تساوي تماما قيمة 103 ريالات للسهم برأسمال يبلغ 65 مليون ريال. لذلك، فإن إقرار المؤسسين لرفع رأس المال من خلال ضخ سيولة جديدة قبل الاكتتاب قد يكون له ما يبرره !!!
من منظور آخر، نلاحظ وجود مصادفات بين توقيت إعلان تحول بعض الشركات إلى الملكية العامة من خلال الاكتتاب العام من جهة وبين توقيت إعلانها عن خطط طموحة للتوسع ورفع رأس المال من خلال ضخ سيولة نقدية جديدة بواسطة المؤسسين من جهة أخرى، حيث إنه إضافة إلى شركة الأنابيب الفخارية فإن شركة البحر الأحمر تحظى بلا شك بأسبقية إقرار رفع رأس المال من خلال ضخ سيولة نقدية جديدة من قبل المؤسسين عندما قامت برفع رأس المال من ثلاثة ملايين ريال فقط إلى 300 مليون ريال (147 مليون ريال من خلال رسملة الاحتياطيات و150 مليون ريال من خلال ضخ المؤسسين لسيولة نقدية جديدة) قبل وأثناء الاكتتاب العام.
إننا في حيرة من أمرنا حول معقولية أو لا معقولية هذه المصادفات إلا أنها بلا شك تمثل ظاهرة تحتاج إلى دراسة وتحليل من قبل الجهات الرسمية المعنية مثل: هيئة السوق المالية ووزارة التجارة والصناعة، التي نعول عليها الكثير من الآمال والطموحات للارتقاء بسوقنا المالية إلى مصاف الأسواق المالية العالمية المتقدمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي